بيروت - لبنان

اخر الأخبار

22 حزيران 2021 12:01ص ظاهرة العنف والتحرش في العمل تشكل انتهاكاًّ لحقوق الإنسان

د. الدبس: هدفنا توعية النساء العاملات وتمكينهن للدفاع عن حقوقهن

حجم الخط
اﻟﺗﺣرش ﻓﻲ ﻣكـﺎن اﻟﻌﻣل هو ﺗﻌرض ﺷﺧص ﻣﺎ ﻟﺳﻟوك ﻣزﻋﺞ، وغالبا ما يكون هذا  السلوك ﻋدواﻧيـﺎ وﻣﺧلـﻔًﺎ وﻣكاﻧًﺎ، ومهدداً ﻟﻟﺷﺧص. 

كما يـﻣكـن لهذا اﻟﺗﺣرش  أن يكون ﺟﻧﺳيـﺎ أو ﻟﻔظيـﺎ أو ﺟﺳديـًﺎ أو ﻧﻔﺳيـﺎ. 

انطلاقا من هذا الواقع، وما نشهده مؤخرا من تصاعد لوتيرة التحرش في العمل الذي يلحق بالعديد من النساء ،أطلقت حملة «ضمان عدالة النوع الاجتماعي في لبنان»، وذلك بالشراكة ما بين الإتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان وجمعية «مساواة – وردة بطرس للعمل النسائي».

د.الدبس

لتسليط الضوء على هذه الحملة التقت «اللواء» رئيسة جمعية «مساواة وردة بطرس للعمل النسائي» د. ماري ناصيف الدبس،فكان الحوار الآتي:

{ لماذا اخترتم هذا العنوان لـ«الحملة»؟

- اخترنا هذا العنوان من أجل تحركنا، وبسبب تفاقم ظاهرات العنف في لبنان على كافة المستويات، وبالتحديد في ميدان العمل، وبالأخص ضد النساء العاملات والمنتجات، لبنانيات كن أم فلسطينيات أو من جنسيات مختلفة. 

طبعا هذا لا يعني مطلقا أننا لن نتابع التحرك الذي بدأناه ضد العنف الأسري عموما، وبالتحديد تزويج القاصرات، الذي نعتبره جزءا لا يتجزأ من جرائم الإتجار بالبشر، أو أشكال العنف الإعلامي والسياسي والقانوني وغيرها... من تلك التي ازدادت حدتها خلال السنوات الماضية والتي نراقب يوميا صورها البشعة في وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، دون أن يحرّك المسؤولون ساكنا لمنعها».

أسباب العنف  في العمل

{ ما أبرز أسباب العنف في العمل؟

- أسباب العنف في ميدان العمل كثيرة ومتشعبة، وفي مقدمتها امتناع الحكومة اللبنانية عن إصدار المراسيم التطبيقية المتعلقة ببعض مواد قانون العمل، نذكر منها على سبيل المثال المواد المتعلقة بتشغيل الأحداث (المواد 21 – 25)، إن لجهة الأجر أو ساعات العمل أو نوع العمل، إضافة إلى عدم تطبيق المادة 26 الجديدة التي كانت، في العام 2000، ثمرة نضالنا في «اللقاء الوطني للقضاء على التمييز ضد المرأة» والتي تنص على أنه «يحظّر على صاحب العمل التفرقة بسبب الجنس بين العامل والعاملة في ما يخص نوع العمل، مقدار الأجر، التوظيف، الترقية، الترفيع، التأهيل المهني والملبس»... علما أن شعار «الأجر المتساوي للعمل المتساوي» لم يغب يوما عن ساحة النضال النقابي.

كذلك هناك الأسباب المستجدة للعنف، والمترافقة مع تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والمالية التي أدت إلى انتفاضة الشعب اللبناني في 17 تشرين الأول من العام 2019 والتي تسارعت منذ ذلك التاريخ بشكل غير مسبوق، خاصة مع انتشار جائحة «كورونا» وما رافقها من إقفال قسري لعشرات آلاف المؤسسات الانتاجية والخدماتية والتعليمية.

 هذا الاقفال الذي أدّى إلى رمي أكثر من مليون عامل ومستخدم وموظف، جلّهم من النساء والشباب، في أتون البطالة والتشرّد... دون أن ننسى ظاهرة التحرّش المنتشرة في كل المؤسسات تقريبا، وأولها المؤسسات الانتاجية.»

مجابهة التحرش؟

{ كيف ستتمكنون من مجابهة العنف والتحرّش، من خلال هذا المشروع؟ 

- هذا المشروع يستند إلى  النضال الذي نخوضه من أجل تطبيق محتوى الإتفاقية الدولية للقضاء على جميع اشكال التمييز ضد المراة ( سيداو)، التي أبرمتها الدولة اللبنانية منذ العام 1996، وإلى إلغاء التحفظات التي وضعتها على  المادة التاسعة، المتعلقة بحق المرأة اللبنانية المتزوجة من غير لبناني في إعطاء جنسيتها لأطفالها،وعلى المادة 16 المتعلقة بقوانين الأحوال الشخصية.

 كما يستند كذلك إلى ما جاء في مقدمة الاتفاقية 190 التي أطلقتها منظمة العمل الدولية لإنهاء ظاهرة العنف والتحرش في عالم العمل.

فهذه الاتفاقية تقرّ، أولا،  بحق كل إنسان في عالم عمل خال ٍمن العنف والتحرش، بما في ذلك العنف والتحرش على أساس نوع الجنس.

وهي تقرّ، ثانيا، بأن ظاهرة العنف والتحرش في عالم العمل يمكن أن تشكل انتهاكا ّ أو إساءة لحقوق الإنسان، وبأن ظاهرة العنف والتحرش هي تهديد لتكافؤ الفرص وظاهرة غير مقبولة وتتنافى مع العمل اللائق. 

كما تقرّ، ثالثا، بأهمية ثقافة عمل تقوم على الاحترام المتبادل وعلى كرامة الإنسان لمنع العنف والتحرش.

وتنوه الاتفاقية 190، أخيرا،بالمسؤولية الهامة التي تقع على عاتق الدول الأعضاء في تعزيز بيئة عامة ليس فيها أي تسامح على الإطلاق مع العنف والتحرش بغية تسهيل منع مثل هذه السلوكيات والممارسات، وبأن جميع الهيئات الفاعلة في عالم العمل يجب أن تمتنع عن اللجوء إلى ظاهرة العنف والتحرش وأن تمنعها وتتصدى لها، كونها ظاهرة تؤثر على صحة الشخص النفسية والبدنية ّ والجنسية، وعلى كرامته وعلى أسرته وبيئته الاجتماعية؛كما تؤثر على نوعية الخدمات العامة والخاصة، وقد تحول دون وصول الأشخاص، ولاسيما النساء، إلى سوق العمل والبقاء فيها وتحقيق تقدّم فيها.»

توعية النساء العاملات

{ ما هو هدفكم الأساسي؟

- هدفنا الأساسي يتلخص بتوعية النساء العاملات وتمكينهن للدفاع عن حقوقهن وإلغاء كل أشكال التمييز اللاحقة بتلك الحقوق، وإنهاء كل حالات العنف والتحرش في ميدان العمل.»

{ كيف ستحققون ذلك؟

- لتحقيق ذلك،لا بد من التحرك وفق محاور متعددة، أولها التوعية والمشاركة عبر إقامة ورش عمل في مختلف المحافظات اللبنانية،وعقد  لقاءات تعاونية مع وزارات العمل والتربية والشؤون الاجتماعية والبلديات، إضافة إلى تنظيم الندوات والتحركات والقيام بحملة وطنية من أجل دفع المجلس النيابي إلى التصديق على الاتفاقية 190.

وطبعا، كل ذلك سيتطلّب تشكيل قوة ضغط نقابية وشعبية تضم، إلى جانب النقابات العمالية والهيئات النسائية المناضلة من أجل حقوق المرأة والمساواة بينها وبين الرجل، كل روابط المعلمين والأساتذة، ومعها النقابات المهنية ونقابات المهن الحرّة والتنظيمات الشبابية، ولا ننسى التجمعات والأحزاب السياسية ذات المنحى الديمقراطي والعلماني...

ولهذه الغاية،سوف تكون لنا لقاءات قريبة في بيروت خلال شهر تموز القادم، ومن ثم في المناطق اللبنانية المختلفة... وصولا إلى العمل على إبرام الاتفاقية  دون أي تحفّظ وإيجاد المراسيم الضرورية لوضعها موضع التنفيذ».