بيروت - لبنان

اخر الأخبار

1 أيار 2019 12:01ص عيد العمال إسم على غير مسمى.. الأزمة تأكل الأخضر واليابس والعمال يضرسون

حجم الخط
لم يعد هناك فسحة عيد للعمال.
هو زمن ضيق العيش والأزمات المتلاحقة التي أدت وتؤدي إلى مزيد من الإنحدار والبطالة وغياب الفرص.
العمال اليوم محاصرون بين البطالة وتراجع وانهيار المؤسسات والشركات والقطاعات الخاصة، هذا عدا عمّا أصاب ويصيب قطاعات الدولة وإداراتها من ترهل وانحدار.
هذا هو مشهد عيد العمال اليوم، بل لا يمكن وصفه بالعيد بقدر ما هو محطة لاستحضار هذا الواقع المؤلم الذي تعيشه الطبقة العاملة بكل صنوفها وفئاتها في ظل هذه الأزمة الكبيرة التي يتخبط بها البلد والتي تكاد تلتهم الجميع.
من الطبيعي أن يواجه عمال لبنان أزمة لم يألفوها من قبل، فالمزاحمة الأجنبية تأكل نصف رصيد مساحتهم والواقع الإقتصادي يجبرهم على القبول بالحد الأدنى لا بل بنصفه أحياناً. هكذا تحول عمال لبنان إلى وقود للأزمة، وباتوا يدفعون كما في كل الأوقات الضريبة الأكبر.

مؤسسات مأزومة تسرِّح الأعداد الكبيرة من الموظفين والعمال، وفي أفضل الحالات تكتفي بإعطائهم ما تيسر من معاشات ورواتب تكاد تغطي جزءا من حاجاتهم.

وفي القطاع العام بعد أن تنفس الموظفون الصعداء بسلسلة الرواتب ها هي الأفكار والإقتراحات المترافقة مع إنجاز الموازنة تلوح باقتطاع أجزاء من ضماناتهم وتحصينات معاشاتهم إن لم نقل أن سيف تخفيض الرواتب يبقى مسلطا على رقابهم تحت عنوان: «تخفيض العجز».

عيد العمال هذا العام محطة حزينة ترثي هذا الواقع الذي وصلنا إليه، وما يزيد الطين بلّة تراجع دور النقابات والهيئات النقابية وغياب الحماية الحقيقية للعمال في كل الظروف والحالات.

لتسليط الضوء على واقع العمال في الأول من أيار التقت «اللواء» عددا منهم، فكان الآتي:

عن أي عيد تتحدثين؟!

ليلى بركات تقدمت للعمل كسكرتيرة في إحدى الشركات إلا أن المطاف انتهى بها كبائعة للأبسة، تقول: «عن أي عيد للعمال تتحدثين في زمن لم يعد هناك من أحد يقدر العامل في أي مجال كان؟!

أضيفي لذلك انعدام فرص العمل، وإن وجدت الوظيفة فقد بات على الفتاة في هذه الأيام أن تقدم العديد من التنازلات ليتم قبولها في العمل ولتضمن استمراريتها فيه.

بالأمس كنت أعمل كسكرتيرة إلا أن رب العمل صرفني لأنني لم أقبل أن أتعامل معه بلطافة ولم أشأ أن أقدم أية تنازلات، وبما أنني لم أكن مضمونة في وزارة العمل فلم أتمكن من ان أتقدم بأية شكوى لقبض مستحقاتي بعد أن صرفني دون أن يدفع لي راتب 3 أشهر، لذلك فضلت أن أعمل في بيع الألبسة بالرغم من أن الدوام طويل، لكن ما باليد حيلة فللضرورة أحكام وعلينا أن نؤمن لقمة العيش». 

الواقع محزن ومعيب

حسن.م. ينظر إلينا بحسرة، ويقول: «صدق من قال: «عيد بأي حال عدت يا عيد بما مضى أم لأمر فيك تجديد؟!..».

هذا العام لن يمر عيد العمال عليّ كأي سنة مضت لأنني بكل بساطة بعد أن كنت أعمل في إحدى المؤسسات الإعلامية صرفت من العمل وأنا حتى الأن لم أتمكن من قبض تعويضي...

عن أي عيد تتحدثين؟؟ وكافة العمال في هذا البلد سواء كانوا عمالا أم موظفين أم أطباء.... هم على حافة الإنهيار في بلد بات كل شيء فيه على شفير الهاوية لأن المسؤولين فيه ناموا في سبات عميق وغفلوا مع الأسف عن مسؤولياتهم وأهمها تأمين فرص العمل إلا ان ما يحصل عكس المطلوب.

المطلوب اليوم صرف الناس من أعمالهم وتفقير الشعب بدلا من دعم القطاع الوظيفي والحدّ من هجرة شبابنا إلى الخارج.

صدقيني في عيد العمال لا أتمنى شيئا سوى أن أقبض تعويضي وكامل مستحقاتي مع كافة الزملاء بعد سنوات الجهد والتعب والصبر والقلق التي عشناها في مؤسستنا وأبينا إلا الصمود لتكون مكافآتنا في النهاية بهذا الشكل...الواقع محزن جدا ومعيب للغاية».

بدأنا نشعر بالخوف

منى الناطور تعمل في إحدى مؤسسات القطاع العام، تقول: «فيما مضى كان الموظف في القطاع العام يتباهى بأنه موظف في الدولة بمعنى آخر «يا أرض اشتدي ما حدا قدي»، لأنه كان يشعر بأنه محصن بالكامل ولا شيء يمكنه المس به أو بعمله.

لكن اليوم مع الأسف بدأنا نشعر بالخوف وبدق ناقوس الخطر، بعد أن توالت التصريحات بضرورة تخفيض رواتب الموظفين في الدولة!

هل يعقل أن يخفض من راتبه لا يتجاوز المليون مثلا في مقابل من راتبه يتخطى ال10 ملايين، لم لا يبدأون بالنواب والوزراء وأركان الدولة؟... ليخفضوا رواتبهم ونفقاتهم بدلا من ألمس براتب الموظف ؟!

صدقيني الوضع لم يعد يطاق إطلاقا، وإن استمر الحال على هذا النحو بالتأكيد سوف يذهب البلد نحو المجهول». 

الواقع العمالي صعب جدا 

 جورج دكاش يعمل كنادل في أحد المطاعم في الجميزة، يقول: «لم نعد نشعر بهذا اليوم من كثرة انهماكنا في العمل والسعي وراء تأمين لقمة العيش.

أيام الحرب كنا نعمل ونقبض راتبنا بالكامل وكانت فرص العمل متوافرة، وفي حال عوملنا بأية طريقة غير لائقة أو مقبولة من ربّ العمل كنا نترك على الفور لأننا كنا ندرك بأن باستطاعتنا تأمين عمل آخر. أما اليوم، فالحال معاكس، وإن قبضنا راتبنا أم لم نقبضه نهاية الشهر، فعلينا أن نصبر ونتحمل لأن ليس هناك من بديل وليس هناك من نقابة عمال تحصننا ولا وزارة عمل تستطيع أن تضمن لنا حقوقنا. 

باختصار الواقع العمالي صعب جدا، وفي مختلف القطاعات دون استثناء، وهذه العاصفة لم تستثن أحدا على الإطلاق.

نأمل أن نحتفل بعيد العمال العام المقبل وسط ظروف إقتصادية أفضل وفرص عمل متوافرة أكثر، وإلا فإن الكارثة ستحل لا محالة ولن توفر أحدا».