بيروت - لبنان

اخر الأخبار

11 كانون الثاني 2020 12:00ص في ضوء الحراك الشعبي ومطالبه المحقة.. أين الطريق إلى الإصلاح وتحديث النظام؟

حجم الخط
قبل 51 عاماً وتحديداً في الشهر الأخير، من العام 1968، حدثت الثورة الطلابية في فرنسا، وامتدت إلى لبنان، وارتفعت أصوات الطلاب حاملين شعاراً واحداً، «أزمة لبنان والثورة»، وقال في حينه المفكر والباحث الدكتور حسن صعب: «إن لبنان في حاجة ملحة إلى ثورة إنمائية تحديثية، والأسلوب المفضل لهذه الثورة، هو التنظيم الذي يحقق بقوة الفعل المنظم الخلاق نتائج أفضل، من التي يُفضي إليها العنف، خصوصاً أن النظام السياسي والاجتماعي في حالة احتضار»، وبعد نصف قرن. السؤال يطرح نفسه، في ضوء الثورة الشعبية، هل لبنان يحتاج إلى خطة للإصلاح، للإنتقال من الأزمة الحالية، وصولاً إلى الحكم الرشيد والذي تطرقت إليه «المنظمة الدولية للتقرير عن الديمقراطية» في مؤتمرها السنوي، والذي أقامته في فندق فينيسيا.

في هذا السياق، التقت «اللواء» عددا من المشاركين للوقوف على آرائهم:

بارود: المحسوبيات والخطوة السياسية

{ الوزير السابق زياد بارود أكد أن المطلوب تنظيم النظام القائم في لبنان، لأننا في نظام يفتقر إلى التنظيم، والأحكام الدستورية التي تحمي حقوق المواطنين والمواطنات بما يكفي، خصوصاً على مستوى الممارسة. 


الوزير السابق زياد بارود

ويقول:«ما يحصل في الشارع، من «حراك شعبي»، دليل صحة وعافية، وذلك نتيجة تراكماتٍ كبيرة، على مدى سنوات طويلة، أدت إلى حدوث الإنفجار الشعبي، الذي عبّر عن غضب الشارع وطموحاته وتطلعاته، بأن يرى قيام للبنان الدولة، التي تحمي مؤسساتها، وكافة المواطنين في الحقوق والواجبات، لا أن نبقى في وطن المزرعة والزبائنية.

واضاف: نحن نحتاج إلى بناء «دولة المواطنة في مقابل الخدمات»، وليس «معادلة الولاء السياسي، في مقابل الخدمات.

مع الأسف،النظام اللبناني مأزوم منذ عقود من الزمن، وأي تغير في النظام اللبناني الحالي، يجب أن يتحقق ضمن الأطر الديمقراطية، وبعد إجراء إنتخابات نيابية مبكرة، تعبر عن نبض الشارع، وإذا ما أنتجت مجلساً تشريعياً، يمثل بشكل فعلي هذه التطلعات الشعبية، نستطيع أن نبحث في أي شيء، ومنها إجراء التعديلات الدستورية المطلوبة.

أما اليوم فإن الحراك الشعبي في الشارع، لا يفرض نفسه، ولم أسمع في أي مكان أو ساحة أو ميدان، أحدهم يدّعي بأنه يريد قلب الطاولة على الجميع، بالعكس هم يطالبون بحقوق الحد الأدنى المشروعة، والتي هي ضائعة، بفعل طغيان الطبقة السياسية والحزبية الحاكمة منذ 30 سنة.

لذلك، يجب إعطاء الحقوق الطبيعية للمواطنين، لكي يستقروا في أمنهم المعيشي والإقتصادي والصحي والاجتماعي، وعلى السلطة الحالية، مواكبة ما يحصل في الشارع، على مستوى المؤسسات الدستورية، لناحية أن يستمع الحكام والمسؤولين إلى وجع الناس، ويصغون إلى نبض الشارع، ومجاراتهم في مطالبهم المحقة، ودون تحقيق ذلك، لن تنتظم الأمور في واقع البلد كله.

ما يطلبه «الحراك الشعبي»، ليس مستحيلاً أو تعجيزياً،هم يعبّرون عن عناوين عريضة، هي بمثابة مطالب مشروعة، لكل مواطن في لبنان».

بدر: استقلالية القضاء

{ مستشار الهيئة الإتهامية في بيروت، وعضو الهيئة الإدارية في نادي قضاة لبنان، القاضي بلال بدر رأى أن استقلالية القضاء شرط ضروري لبناء المساءلة والمحاسبة،ويقول:«السؤال الذي نطرحه ما هي الأدوات القانونية لإرساء أسس النزاهة والمساءلة والمحاسبة، ومنها العمل على تعزيز دور مجلس القضاء الأعلى، الذي له دور السهر على حسن سير القضاء، والحفاظ على كرامته واستقلاله، وحسن سير العمل في المحاكم، واتخاذ القرارات اللازمة بهذا الشأن، فالحاجة أكثر من ملحة من أن ينتخب القضاة، في كل لبنان، الأعضاء العشرة في مجلس القضاء الأعلى، بدلاً من أن يكون ثمانية منهم، يعينون من قبل مجلس الوزراء، والعضوان الباقيان ينتخبان وهما قاضيان، من رؤساء الغرف في محكمة التمييز، وعليه نقول أن استقلالية القضاء هي المدخل الحقيقي لأي إصلاح ومحاسبة ومساءلة في هذا البلد، وكل حديث عن محاربة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة، ومواجهة الفاسدين بما قاموا به، لن تؤتي ثمارها.


القاضي بلال بدر


فالمطلب الأول لكل قضاة لبنان هو القيام بواجبهم الحقيقي، لناحية انتخاب رئيس وأعضاء مجلس القضاء الأعلى من قبلهم، على غرار ما يقوم به المحامون، لجهة انتخاب النقيب، وأعضاء مجلس النقابة، سواء في بيروت وطرابلس، وهذا ما حصل مؤخراً مع النقيب ملحم خلف، الذي انتخب بدعم واضح من «الحراك الشعبي»، والمستقلين من المحامين، وهو البعيد عن السلطة السياسية. 

وهنا لا بد من أن نقول أن رئيس مجلس القضاة الأعلى، القاضي سهيل عبود، يشكل الاستثناء عن القاعدة، لأنه يتمتع بالحرفية والآدمية والنزاهة والشفافية، طوال مسيرته المهنية».

مخيبر: الفساد مقونن!

{ النائب السابق المحامي غسان مخيبر لفت إلى أن المنظومة السياسية والحزبية الحاكمة، التي تعمل منذ 30 عاماً، والقائمة على عدد محدود من زعماء الطوائف والمذاهب، من سياسيين وحزبيين، قاموا بنهب المال العام، لأن «الرزق السايب يعلم الناس الحرام»، و«حاميها حراميها، ويقول: «هؤلاء يتقاسمون موارد الدولة المالية، ثم يحولونها إلى أشخاص محسوبين عليهم، الذين باتوا زبائن لديهم وليسوا مواطنين صالحين ومن هم خارج هذه المنظومة السياسية والحزبية الحاكمة، لا حل أمامه سوى الهجرة إلى الخارج، ولكن اليوم فإن مصادر الأموال قد شحت وقلت، والمنظومة الإدارية تعطلت بشكل تام، وينطبق المثل الشعبي على الدولة، التي أشبهها «بالبقرة الحلوب»، التي كبرت وهرمت، فخف إنتاج الحليب لديها.


النائب السابق غسان مخيبر


لذلك،المطلوب بناء الدولة الحديثة والمدنية، لأنه في المراحل السابقة، كان الفساد «مقونن» ومنظم، وسرقة المال العام في أغلبيته تم بمراسيم، وسرقة الأملاك العامة والخاصة في وسط بيروت، كل ذلك تم وفقاً للقانون، من خلال العقود الكبرى والصفقات المشبوهة».

من هنا يحتاج «قانون الوصول إلى المعلومات»، إلى إقرار المراسيم التطبيقية، ولاسيما أن 75% من المال العام، يسرق من خلال الصفقات والسمسرات الفاضحة.

والسؤال أين «الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد» التي عليها مسؤولية محاسبة الفاسدين، الذين هم متولّون السلطة، فيقومون بتوزيع الصفقات والمشاريع، على أولادهم وأزلامهم وأصهرتهم، أو ما يسمى «بالزبائنية العائلية»؟

وفي المقابل نسأل من يحاسب من؟ وهل أن المواطنين يحاسبون نوابهم، كل 4 سنوات، لكوننا نفتقد إلى ثقافة المحاسبة الشعبية؟!

الحقيقة أنه دون الوصول إلى هذه المعادلة، لن تقوم قائمة للبنان، سواءً من إصلاح جذري وصولاً إلى الحكم الرشيد».