يطل الـ21 من آذار هذا العام من دون أن يحمل في طياته أية بهجة أو فرح وهو الذي طالما كان عنوانا للحب والعطاء، كيف لا؟ وهو يمثل عيد الأم.
إلا أن هذا العام يأتي وفي القلب حرقة وغصة، خصوصا وأن الأبناء لن يتمكنوا من معانقة أو تقبيل أمهاتهن والاحتفال بهذه المناسبة كما جرت العادة، وذلك حفاظا منهم على سلامتهن.
كل ذلك نتيجة «فيروس كورونا» الذي ضرب كل البلاد وعصف بمختلف المناطق.
فهذا «الفيروس» لم يفرق بين أحد وقد انتشر انتشارا كاملا، ليحد بذلك من تنقلاتنا ويجعلنا عرضة لمنازلنا قابعين فيها، لا يسعنا الانتقال منها سوى للضرورة القصوى.
بينما في المقابل هناك جنود يعملون ليل نهار، ليواجهوا هذا «الفيروس» القاتل، فيعرضون أنفسهم للخطر لمعالجة المصابين به.
وخير دليل على هذه التضحيات تلك الممرضة الأم لارا حمود التي تعمل في مستشفى رفيق الحريري الحكومي والتي كانت قد تركت والدتها المريضة التي تتعافى من مرض السرطان وأولادها كي تقف جنبا إلى جنب مع زملائها في المستشفى لمواجهة هذا «الفيروس» وتلبية نداء مهنتها وإنسانيتها ووطنيتها.
كثير من الأمهات سوف تعملن في هذا اليوم ولن تتمكن من الاحتفال مع أبنائها نتيجة تلبية الواجب المهني والوطني.
كما أن هناك الكثير من الأمهات اللواتي لن تتمكن من الإحتفال بهذا اليوم أيضا نتيجة انتشار «الفيروس» وضرورة البقاء في المنزل، كون ذلك هو السلاح الوحيد للحد من انتشار «فيروس الكورونا».
ويبقى السؤال: كيف ستتم معايدة الأمهات في هذا اليوم؟
«اللواء» التقت عددا من السيدات لاستطلاع كيفية معايدتهن لأمهاتهن وكيفية شعورهن بهذه المناسبة المميزة وسط هذه الظروف الصعبة، فكان الآتي:
الحرقة كبيرة
{ سهى خانجي يمر عليها هذا العيد ليس كأي يوم، لأن هذه المناسبة تذكرها بخسارتها الأليمة ولا سيما أنها فقدت أمها منذ سنوات، ولا أحد يعوض خسارتها، لكن هذا العام غصتها مزدوجة، تقول: «لا يكفي أنني خسرت الوالدة ولم يعد باستطاعتي الإحتفال بهذه المناسبة معها كما في السابق، إلا أنني اليوم بسبب «فيروس الكورونا» لن يمكنني حتى أن أزور قبرها مخافة أن ألتقط «الفيروس» من أي شخص ممكن مصادفته .
صدقيني الحرقة في القلب كبيرة جدا، لكنني في المقابل أم وجدة وانا أعلم أن أمي لن ترضى أن أخاطر بنفسي وبعائلتي، ولا سيما بأحفادي لأزورها وأعايدها في هذا اليوم.
لذلك سأكتفي بأن أتلو لها آيات من القرآن الكريم وأن أتمنى من الله أن يجعل الله مثواها الجنة، على أمل أن نجتاز هذه المحنة ونتمكن جميعا في العام المقبل من أن نعايد أمهاتنا كما نتمنى».
معايدة سريعة...
{ مهى الأزهري ترددت في أن تعايد والدتها خوفا على سلامتها خصوصا وأن والدتها بلغت الـ80 من عمرها، تقول: «في البداية لم أشأ ان نحتفل للوالدة بعيد الأم وكنت قد قررت عدم زيارتها والإكتفاء بمعايدتها عبر الهاتف أو من خلال الـVIDEO CALL، إلا أن إخوتي أقنعوني بأنه يمكننا زيارتها ومعايدتها دون أن نعانقها أو نقبلها على أن نجلس معها وجها لوجه ولكن على مسافة بعيدة.
وهكذا قررنا أن نحضّر بانفسنا المأكولات و«الكيك»، كي لا نعرضها لأي خطر لا سمح الله. كذلك ارتأينا أن نحتفل بهذه المناسبة في النهار، على أن يأتي الأحفاد لمعايدتها وبعد ذلك نأتي بدورنا، وذلك كي لا نتجمع سويا من أجل المحافظة على سلامتها، كما أننا سنكتفي بمعايدة سريعة ولن نطيل البقاء.
لا أعلم إلى متى سيستمر انتشار هذا «الفيروس» لكن كل ما أتمناه أن ينتهي هذا الكابوس لنتمكن من أن نعود لحياتنا الطبيعية، علما أن ما نمر به ممكن أن يكون بمثابة درس للكثير من الناس ليعلموا بأن العمر لحظة وليس هناك من وقت لإضاعته، فلنودّ بعضنا ولنعتمد من جديد زياراتنا للأهل والأصدقاء دون أن نبقى بعيدين عن بعضنا البعض، فها نحن اليوم نشاهد بأم العين بأن العمر بالفعل غفلة وبمجرد لحظة من الممكن أن تنقلب كل المقاييس.
وكل عام وجميع أمهات لبنان بألف خير».
احتفال مضاعف العام المقبل
{ سحر منيمنة تعمل مع زوجها في الخارج لكنها في كل عام تحرص على أن تأتي إلى لبنان يوم عيد الأم، تقول: «الحقيقة أنني حزينة جدا لما نمرّ به، فهذا الأمر لم يكن على بال أحد».
كنا نعتقد أن هذا «الفيروس» ستتمكن الدول الكبرى من احتوائه والحد من انتشاره، إلا أن ما حصل لم يكن في الحسبان، وقد استطاع «فيروس الكورونا» أن ينتشر في معظم البلدان، وبالتالي هو قد تسبب لنا بشلل تام.
هذا العام يأتي عيد الأم دون أن أتمكن من السفر إلى لبنان للإحتفال مع والدتي بهذه المناسبة كما اعتدت سابقا.
أنا حزينة جدا، فهذا اليوم يعني لي الكثير لأنه مهما قدمت لن أتمكن من أفي والدتي ولو جزءا قليلا من تعبها وسهرها علينا، فلولاها لما كنت على ما أنا عليه اليوم.
لذلك أغتنم الفرصة من خلال صحيفتكم لأتوجه إليها بالمعايدة مؤكدة لها أننا بإذن الله في العام القادم سنحتفل احتفالا مضاعفا، ولأقول لها أيضا أنني أحبها جدا وأتمنى من الله ان يطيل لي في عمرها لأنها بالنسبة لي تمثل الدنيا بأكملها، فكل عام وهي بألف خير.
معايدة عبر الـVideo call
{ ميرنا حلواني اعتادت أن تحتفل بالـ21 من آذار مع أخواتها، تقول: «ما يحصل اليوم أشبه بفيلم سينمائي خيالي، لم نتوقع يوما بأن تنقلب حياتنا بهذا الشكل!!».
لم أعتقد يوما بأنني لن أتمكن من الإحتفال بعيد الأم دون والدتي خصوصا وأن منزلها لا يبعد عن منزلي سوى بضعة أمتار فهي في الشارع المقابل.
لكن حفاظا على سلامتها وسلامة أخواتي وعائلاتهم وأيضا سلامة أولادي قررنا أن تجهز كل منا قالب «كيك» ونتصل بها عبر الـvideo call ونعايدها كل من منزلها، على أمل أن ينتهي هذا الفيلم بنهاية سعيدة حينها سنحتفل احتفالا لا يوصف.
فإن شاء الله نتمكن من الحد من انتشار «فيروس الكورونا» من خلال بقائنا في المنزل، وبعد ذلك كل الأمور تهون وتعوّض.