بيروت - لبنان

اخر الأخبار

15 تشرين الثاني 2019 12:00ص قصة جدارية عَلَم على بناء مهجور أعطى لثورة المدينة هويتها الوطنية

الفنان الأبرش أمام الجدارية الفنان الأبرش أمام الجدارية
حجم الخط
طرابلس – اللواء

أضحت ساحة النور «عروسة الثورة» بفعل إيمان شبابها الذين سعوا منذ اللحظة الأولى لاندلاع ثورة 17 تشرين الأول على اعطاء صورة مغايرة لطرابلس «المحرومة»، وإذا كان الوجع واحداً في كل المناطق اللبنانية، فإنه في هذه المدينة اقترن بآلام مبرحة لم تنفع معها مسكنات الوعود التي تنطلق قبل كل انتخابات، لكنها تعود لتتبخر فور وصول السياسيين للسلطة.

هذه هي طرابلس، مدينة السلام والعيش المشترك وبفضل ثورتها الحضارية بات يطلق عليها لقب «جنة لبنان» فكيف ذلك ومن يقف وراء هذا الحدث المهم والذي يخيم فوق سماء المدينة منذ أكثر من شهر وبشكل يومي؟

على جانب ساحة النور (بلغة أهل المدينة، ساحة الله) حيث ملتقى الثورة والثائرين اليومي، ثمة بناء مهجور، كشبح يخيم فوقها، لم تزده السنوات إلا توحّشاً وغربة.. لكن ومع انطلاق شرارة الثورة تداعى شباب من أبناء المدينة بهدف تغيير البناء الذي بات المنصة التي تطل على الثوار يومياً، ومنهم الفنان محمد الأبرش والذي قام بطلاء جدران البناء ورسم العلم اللبناني مع شعار «طرابلس مدينة السلام « و»طرابلس جنة لبنان».

يعرّف الفنان الأبرش عن نفسه بالقول: «عمري 27 سنة، أدرس هندسة معمارية في احدى الجامعات الخاصة، منذ 17 عاماً وأنا أرسم على جدران مدينتي بمشاركة 25 شاب، وحينما انطلقت الثورة بدأت الأفكار تراودني حول وضع البناء المهجور وبالفعل قمت بحملة لجمع التبرعات على صفحتي على فايسبوك، وجمعت المال من كل الذين تفاعلوا معي».

ويتابع في حديث مع «اللواء»: «في البداية لم أكن أرغب بأن يبقى البناء المهجور بشكله المعهود، سيما وانه بات مشهوراً وكل الوسائل الاعلامية المرئية تنقل بشكل مباشر الصورة عبر منصته، فجمعنا المال وبدأنا برسم العلم اللبناني ومن ثم طلائه بألوان جديدة، وفور الانتهاء كتبنا على الجانب المطل على ساحة الثورة «طرابلس مدينة السلام»، وبسبب حاجتنا للمال، توقفنا عن العمل فبقي الجانب الآخر لجهة البولفار، فأطلقنا مجدداً حملة تبرعات أخرى وفور تأمين المبلغ وأكملنا رسم العلم اللبناني وكتبنا «طرابلس جنة لبنان».

وأضاف: «سنوات طويلة والمبنى المهجور على حاله في العاصمة الثانية، ولم يفكر أحد من السياسيين بتغيير معالمه لتجميّل أحد مداخل المدينة. اليوم نحن كشباب متطوع قمنا بكل شيء ولم نأخذ قرشاً من أي جهة، لأن مدينتنا تستحق منا هذا العمل. قبل الثورة سمعنا بأن هناك مخطط لدى الدولة لانهاء دور معرض طرابلس الدولي بدلاً من تطويره وتحسينه، وهنا نحن نشعر بأن هناك من يسعى لتأبيد صفة الحرمان على المدينة، «ثورتنا» منحتنا الفرصة لاثبات وجودنا وبفضل الله نجحنا بجهود شباب وشابات في تغيير الصورة النمطية للمدينة، وما قمنا به اليوم كنا نتمنى لو قمنا به منذ زمن طويل». 

وختم الأبرش بالقول إنه يأمل أن تتحقق أهداف الثورة «فننعم بوطن حقيقي لكل أبنائه الذين يجاهدون في سبيل الحصول على فرصة عمل في بلد يفضل الواسطات على الكفاءات».

ساحة للنور.. والثورة 

في العام 1951 وفي الذكرى الثانية لوفاة الزعيم عبد الحميد كرامي (1887 – 1950) تمّ في احتفال كبير تدشين الساحة التي أطلق عليها اسمه بعد وضع تمثال له فيها.

أواخر العام 1982 انفجرت عبوة ناسفة أطاحت بالتمثال.

في العام 1983 وضعت حركة «التوحيد الاسلامي» التي كانت من بين القوى المسيطرة على المدينة، كلمة الجلالة «الله» مكان التمثال، والتي ما تزال حتى يومنا هذا، وبعض الطرابلسيين ينسبون الساحة للاسم.

مساحة الساحة نحو 5600 متر مربع، وتصل إلى نحو 8000 متر مربع مع متفرعاتها وهوامشها.

يتفرع من الساحة 6 مسارب؛ أحدها لجهة سرايا طرابلس فالبحصاص، وآخر نحو كرم القلة، والثالث نحو إشارة شارع التل، والرابع نحو شارع عزمي، وطريق تؤدي نحو أوتوستراد الميناء ومسرب أخير باتجاه طريق المعرض.

نالت الساحة شهرة واسعة في الإعلام المحلي والعربي والدولي بعد انطلاق انتفاضة 17 تشرين أول 2019 بفعل الحشود التي تلتقي فيها يومياً وتقدر بعشرات الآلاف، والمواقف والفعاليات الفنية والإبداعية والتفاعلية التي تصدر عنهم، ما أهّل مدينة طرابلس لنيل لقب «عروس الثورة».  


العلم والشعارات حارسة الساحة وناسها