بيروت - لبنان

اخر الأخبار

10 تشرين الثاني 2018 12:39ص كيف نحفظ حقوق كبار السن المشروعة؟

حجم الخط
الشيخوخة ليست زائراً يدق الباب، ويدخل مرّة واحدة، بل تتسلّل تدريجياً إلى حياتنا، حيث تتراجع قدراتنا الجسدية والذهنية، وفي غفلة من الزمن نجد أنفسنا في عالم آخر، يختلف تماما عن عالم الشباب والقوّة والتحمّل والمواجهة والإنجازات والخيبات والفرح والحزن.
لكن المؤسف، أننا لا نهتم لهذه المرحلة العمرية، ولا نبذل الغالي والنفيس في سبيل تحصينها، كي نعيشها في ارتياح، لا سيما أن الدولة اللبنانية وكافة المسؤولين لا يولون هذه القضية الأهمية المطلوبة، علما بأن هذا الكأس سوف يتجرّعه الجميع دون استثناء، لذلك من الضروري تأمين الحقوق لكبار السن، وتوفير الرعاية لهم وإقرار ضمان الشيخوخة، كي يتمتعوا بضمان الصحة والإستقرار الإجتماعي.
لتسليط الضوء على هذا الواقع، ولمعرفة السُبُل الآيلة لتأمين حقوق كبار السن، التقت «اللواء» عدداً من الشخصيات، الذين يولون هذه القضية أهمية ومتابعة، فكان الآتي: 
{ الوزير السابق، مدير عام مؤسّسات الرعاية الإجتماعية في لبنان ـ دار الأيتام الإسلامية، شدّد على ضرورة العمل على مرحلتين، لحماية كبار السن، وقال: «بداية يجب العمل عن طريق التشريعات التي تؤمن لكبار السن الحقوق التي تمكنهم من أن يشعروا بأنهم يعيشون داخل المجتمع، وبالتالي أنهم أعضاء عاملين فيه وأنهم قادرون على العطاء وأن دورهم لم ينته بمرور الزمن».
وتابع: «أما المسار الآخر، فيندرج في إطار ما تقوم به المؤسسات الأهلية من خلال التعاون والتضامن مع بعضها البعض في سبيل وضع الأنظمة والطرق الآيلة لمساعدة كبار السن والوقوف إلى جانبهم وتشجيعهم سواء من خلال المؤتمرات أو من خلال الندوات أو إشراكهم في كل النشاطات العامة التي يستطيعون من خلالها أن يظهروا إمكانياتهم وقدراتهم، وبالتالي أن يشعروا بأنّهم جزء من هذا المجتمع وأنهم قادرون على الإنتاج والعطاء». 
د. فاعور
{ رئيس جمعية دار العجزة الإسلامية الدكتور محمود فاعور شدّد على ضرورة رفع درجة الوعي حول الشيخوخة وإلقاء الضوء على جوانبها الصحية والاجتماعية والنفسية، وذلك بهدف تعريف المجتمع على حقوق كبار السن ومسؤولية المجتمع المدني والوزارات المعنية تجاه هذه الفئة من المجتمع.
وقال: «سألني أحد الأصدقاء ما علاقتك بالشيخوخة وكبار السن، وأنت في مهنتك الجراحية بعيد كل البعد عن عالم الشيخوخة، أجبته بأنّني أعيش اليوم في عز الشيخوخة. بحلوها ومرّها، وبكل أبعادها وراحتها النفسية والجسدية، فتجربتي الشخصية تؤهّلني لأنْ أشارك ولو بدور بسيط في هذا العالم، الرائع والصعب والهانئ تارة، والمعقّد والبائس تارة أخرى. لذلك، أود أنْ أقول كي نصل إلى شيخوخة هانئة ومريحة، يجب أن نعد لها إعداداً جيداً بالمحافظة على الصحة ومعالجة الأمراض الطارئة من ارتفاع معدل السكر والضغط الدموي أو الحالات الجراحية والنفسية، التي قد تتعرّض لها في عمر الشباب والكهولة». 
وتمنّى أنْ «نحرز تقدّماً بإقرار قانون ضمان الشيخوخة كي نحفظ لكبار السن بعض حقوقهم المشروعة، على أمل أنْ تتحرّك الدولة لإقامة دور رعاية لكبار السن بشقيها، الإقامة الدائمة والرعاية النهارية».
د. عربيد
{ مستشار وزير الصحة د. بهيج عربيد لفت إلى أنّ وزارة الصحة العامة تطرح المواضيع من منظار النظام الصحي العام بواقعه وما نراه مستقبلا، بالإضافة إلى موقع كبار السن فيه.
وقال: «عندما نتحدّث عن صحة الشيخوخة، يهمنا التشديد على أمر أساسي، وهو تسجيل النقص الكبير الحاصل في الأخصائيين في طب الشيخوخة. وهذا اختصاص كبير وصعب، والنقص كذلك في الخدمات المرتبطة بهذا الاختصاص. ونعيش نفس الوضع مع أطباء الطوارىء. والسؤال هو لماذا الاطباء لا يقبلون على هذا الاختصاص؟».
وتابع: «الجواب المنطقي مرتبط بفرص العمل والانتاج. لذلك، لا بد لوزارة الصحة العامة أن تعمل مع كليات العلوم الطبية ونقابتي الأطباء ونقابة المستشفيات للتوافق على خطة لتأمين حاجة البلد، وحتى جزء من المحيط من هذا الاختصاص. والدفع باتجاه بناء المؤسسات المتخصصة بعد التعديل في أنظمة التعاقد والتعرفات وحقوق الجسم الطبي وسواها».
واستدرك: «أما في ما يخص صحة الشيخوخة، فالإنسان لا يولد مُسنّاً، وصحته تبدأ بالتكوّن وهو في أحشاء أمه، ليمر بعدها عبر مراحل الحياة من الطفولة الى الشباب والانتاج الى السن المتقدم. وكل نجاح نحرزه في مرحلة ما، في مجالات الوقاية والتشخيص المبكر والمعرفة الصحية نكون نؤسّس لصحة المسن. وعندها فقط نصبح قادرين على جعل العمر مجموعة أرقام 70 -80. وليس مجموعة عوارض».
د. شاتيلا
{ مدير مستشفى دار العجزة الإسلامية د. فيصل شاتيلا رأى أنّه «علينا أن نشجع كل عائلة أن تهتم بكبارها»، وقال: «للأسف عندما نذهب إلى القرى نلاحظ أن كبير السن مكرّم ومحترم، لكن للأسف في المدن الوضع يختلف، ربما نتيجة هجرة الشباب إلى الخارج، التي تعتبر بحد ذاتها مشكلة كبيرة».
وأضاف: «طبعا دور رعاية الشيخوخة ليست كثيرة، بل قليلة ومعظمها بحاجة إلى مبلغ معين في حال أرادت إدخال أحد ما، في المقابل الدولة لا تهتم كثيرا بأمور الشيخوخة، علما بأنهم عقدوا العديد من المؤتمرات، وقدّموا الدراسات بهذا الخصوص، لكن للأسف حتى الساعة لم يطبق شيئا منها، كما أنّ الدعم لـ«الدور» الموجودة حاليا ضئيل جداً، لجهة وزارة الصحة وللدولة عموما، نأمل أن يتغير هذا الواقع في عهد الحكومة الجديدة».
وختم: «تجدر الإشارة إلى أنّه كان هناك دعم من قبل وزارة الشؤون الإجتماعية للمؤسسات عبر تخفيض فاتورة الكهرباء، المياه والهاتف والضمان، إلا أنها للأسف ألغيت، لكننا ما زلنا نسعى لإعادة تفعيلها وإلا معظم هذه المؤسسات سوف تقفل أبوابها».
د. نجا
{ رئيس قسم طب الشيخوخة في مستشفى دار العجزة الإسلامية والأخصائي في طب الشيخوخة د. نبيل نجا شدّد على ضرورة الإستمرار في المطالبة، لا سيما أنه لن يموت حق وراءه مطالب، وقال: «لا شك في أنّ هناك العديد من الظروف الصعبة التي يمر بها البلد، حيث تضع الأولويات لدى المراجع المختصة بشكل مختلف، لكنّني هنا أعود لأحدد الأولويات بطريقة مختصرة.
فالأولويات الإجتماعية لدينا يجب أنْ تركّز على مكانة كبار السن في المجتمع، وذلك لعدّة أسباب: أولا عندما أهتم بكبير السن أوفّر بذلك عبئا عن الفئات المنتجة، وبالتالي تصبح هذه الفئات المنتجة توجّه نشاطاتها لمراحل عمرية مختلفة وتحرّك العجلة الإقتصادية، فالإهتمام بكبير السن ليس عبئاً اقتصادياً، بالعكس فنحن نوفر على الفئة المنتجة من المجتمع».
وتابع: «ثانياً: أساس العائلة ونواتها هو كبير السن وهو الذي يجمع. وكلّنا نلحظ أنه عندما يموت الأم والأب لا يجتمع الإخوة كما في السابق، بل بمناسبات ضئيلة بينما عندما يكون الأم والأب يتواجد الجميع حولهما مع الأبناء والأحفاد، ويعود الترابط الأسري والعائلي».
وأردف: «أما في ما يتعلق بمسألة حقوق كبار السن، فهذه مسألة جدا حسّاسة، وهنا أنتقل فورا إلى مسألة ضمان الشيخوخة الموجود منذ العام 1963، وللأسف أن القانون لم يطبق أبدا، كل ما يحصل أنهم بين الحين والآخر يسحبونه من الدرج لينفضوا عنه الغبار، ومن ثم يعيدوه ثانية إلى الدرج، لذلك، يجب أن نسعى لتسليط الضوء على ما يوجد من قوانين وما يوجد من حقوق غير منظورة، لنسمح لكبير السن أن يعلم ما هي حقوقه في المجتمع والدولة ليطالب بها بشكل أفضل».
وختم: «طبعا الثغرات عديدة، مثلا عندما نقوم بالحجر على كبير السن لأنه فاقد للأهلية الذهنية، مَنْ يتولى متابعة هذا الحجر؟ أو الشخص الذي أعطيناه الوصاية؟، للأسف ليس هناك من جهاز متابعة».