بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 أيلول 2020 07:33ص لبنان ينزف ... وطائراتهم الخاصة تحلق في الأجواء!

حجم الخط
مضحك مبكي أمر هذا البلد.. فعلاً انه بلد الغرائب والعجائب، بلد التناقضات التي ما بعدها تناقضات، ففي حين يتخبّط لبنان حالياً بأزماته الكارثية والمأساوية على مختلف الصعد بانتظار بارقة أمل تلوح في الأفق لإخراجه من هذه المحنة الأليمة التي عصفت به نجد أن المسؤولين والسياسيين فيه يكاد أحدهم لا يرى ولو بالعين المجردة ما يحدث من حوله من تطورات وتداعيات لكل ما قاموا به على مدى سنوات طويلة خلال ممارستهم للعمل السياسي مما أوصل لبنان إلى حافة الهاوية مالياً واقتصادياً واجتماعياً وسياسياً.

بعض المسؤولين من رؤساء حكومات سابقين ووزراء ونواب حاليين وسابقين أو حتى المستقيلين حديثاً من المجلس النيابي تجدهم يستقلون الطائرات الخاصة في أسفارهم يجولون بين بلد وآخر للسياحة والاستجمام على السواحل والشواطئ في الخارج فيما لا يزال النزف الذي حل بمرفأ بيروت وبعاصمة لبنان العريقة لم يندمل بعد، وفي حين ان أهالي وسكان بيروت لا بل اللبنانيين جميعاً يعيشون حالياً أزمات مالية ونفسية وصحية واجتماعية صعبة للغاية، ويكاد أحدهم لا يجد قوت يومه أو من يعوض عليه الخسائر والأضرار التي لحقت بالأرزاق والممتلكات وحتى ان العديد منهم لا يزال من دون سقف يأويه وينظر إلى الدمار والركام يحيط به من كل جانب دون أن يرف جفن لمسؤول من هنا أو مسؤول من هناك باستثناء قلة من الجمعيات والمؤسسات الدولية والانسانية التي تهتم بشؤونهم ولو بالحدّ الأدنى لتضميد الجراح والوقوف على خواطرهم والتعويض عليهم بما تيسر من مساعدات ودعم ولو بشكل محدود.

كل ذلك وبعضهم أو بعضهن من الذين واللواتي يتصدرون الشاشات وبعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي على مدار الساعة لكي يعبروا عما يجول في خاطرهم تجاه المواطنين والناس، إلا أن أقوالهم وتصريحاتهم تلك تكاد لا تنطلي على أحد بعد اليوم، لأن اللبنانيين باتوا على يقين بأن الستارة قد أسدلت عن مسرحياتهم وأضاليلهم لا بل وأكاذيبهم التي لا تغني عن جوع، وهم يحاولون تصديق أنفسهم دون إقناع الناس بأنهم يحملون خشبة الخلاص لإنقاذ ما يُمكن انقاذه في لبنان حتى الآن.

من هنا وانطلاقاً من القول المأثور «اذا لم تستحِ فاصنع ما شئت» كيف لنا بعد اليوم ان ننظر إلى وجوه الآخرين وإلى الدول الصديقة والشقيقة وإلى المسؤولين في العالم كالرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون أو غيره لطلب المساعدة والدعم لهذا البلد من أجل إعادة اعماره من جديد، وكيف لنا ان نقول لهم بصريح العبارة أن عدداً من المسؤولين والوزراء والنواب الحاليين والسابقين منهم يتنقلون بين بلد وآخر على متن الطائرات الخاصة التي تكلف ما تكلف من أعباء باهظة جداً خلال رحلة واحدة بين بيروت والخارج ذهاباً وإياباً، وبالتالي من أين يأتي أولئك المسؤولون بتكاليف ومصاريف تلك الرحلات الجوية، وفي حين ادعوا ان تلك الطائرات الخاصة مستأجرة من قبلهم أو أنهم مدعوون للسفر على متنها من قبل أصحابها ومالكيها من رجال أعمال أو مستثمرين عرباً كانوا أو أجانب، فالأحرى بهم والاجدى ان يترفعوا ويمتنعوا عن تلبية مثل تلك الدعوات على متن طائرات خاصة والتمني أو لطلب من الداعي أياً يكن صاحب الدعوة للتبرع بتكاليف تلك الرحلات الجوية إلى النّاس المنكوبة بأرزاقها وممتلكاتها عدا الخسائر البشرية التي لحقت بها من جرّاء انفجار المرفأ الأخير.

إذن، لا بدّ لمسؤولي الدول ورؤسائها ان يطرحوا ألف سؤال وسؤال من الآن وصاعداً على أنفسهم قبل غيرهم لماذا نساعد بلداً بكل امكاناتنا وطاقاتنا المتوفرة لدينا ونحن أحوج ما نكون في هكذا ظروف صعبة تعاني منها بلادنا نتيجة تفشي وباء كورونا إلى غير ذك من الأزمات المالية والاقتصادية وارتفاع نسبة البطالة وغيرها، في حين نسمع ونقرأ ونشاهد عن مسؤولين لبنانيين ينعمون بالسفر إلى السواحل الفرنسية واليونانية والقبرصية وغيرها ناهيك بباريس ولندن وجنيف ودبي على متن طائرات خاصة دون الأخذ بعين الاعتبار معاناة اللبنانيين ومآسيهم والكوارث التي حلت بهم، وسيأتي الجواب حتماً من قبلهم ولو بعد حين بجميع لغات العالم: نحن آسفون أيها اللبنانيون لعدم تمكننا من دعمكم ومساعدتكم رغم محبتنا للبنان ولشعبه، إنما ضمائرنا بالدرجة الأولى والقانون والمؤسسات في بلادنا لا تسمح لنا بتخطي الحدود حين نساعد بلداً ما لا يُساعد السياسيون والمسؤولون فيه بلادهم وشعبهم وهم منشغلون برحلاتهم الاستجمامية ومتابعة أعمالهم الخاصة وثرواتهم وودائعهم في الخارج متنقلين بين بلد وآخر على متن رحلات وطائرات خاصة!