الهجرة بمعناها المتداول هي: الإنتقال من دولة نامية ذات إمكانات وفرص عمل ضعيفة، إلى دولة أخرى أكثر تطوّراً وانفتاحاً، وتتوافر فيها قدرات اقتصادية عالية، ومستوى معيشياً مرتفعاً يفتقدهما الشاب المهاجر في بلده، ولعل هذا ما يفسّر ارتفاع معدل هجرة الشباب من الدول العربية في السنوات الأخيرة سعياً لتحقيق طموحاتهم وأهدافهم التي تعذّر عليهم تحقيقها في بلادهم.
ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه: ما هي الأسباب الحقيقية التي تدفع بالشباب إلى الهجرة؟، «اللواء» قامت بجولة التقت خلالها عددا من الشبان والشابات للوقوف على آرائهم أمام هذه القضية، فكانت اللقاءات التالية:
{ سامي بهلوان (23 ربيعا) رأى أنّ أهم الأسباب التي تدفع الشباب العربي إلى الهجرة اجتماعية أو أكاديمية، بالإضافة إلى انعدام العدالة في توزيع فرص العمل. وطبعا هناك العامل المادي الذي يفقده له غالبية الشباب، لا سيما عندما يودّون التفكير في تكوين أسرة، خصوصا في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تتخبّط فيها معظم الدول العربية. كل هذه العوامل تدفع بالشباب للهجرة إلى البلدان الأوروبية نظرا إلى ما تؤمنه من أمان واستقرار لمستقبل الشباب».
{ ليلى بدران (19 عاما) رأت أن الدولة هي السبب الأساسي في هجرة الشباب، وقالت: «لو أن الدولة توفر فرص العمل الملائمة للشباب وتؤمن الإستقرار لتناسى الشباب فكرة الهجرة، لكن للأسف فإن الواقع مغاير تماما، فكل مسؤول يغنّي على ليلاه ويؤمن فرص العمل بـ«الواسطة» لمحسوبياته دون الإهتمام بالكفاءة، لذا نأمل أن يتغيّر هذا الواقع، خصوصا أنّنا على أبواب انتخابات نيابية جديدة. فإنْ شاء الله تتغير الوجوه والعقول السياسية لما فيه مصلحة وخير الشباب في هذا الوطن».
البطالة والإجحاف
{ محمود البطل (27 عاما) اعتبر أنّ أسباب الهجرة كثيرة وتعود في مجملها إلى البطالة والإجحاف الذي يميّز بين الشباب بسبب الإنتماءات الطائفية والسياسية، وعدم توفير الوظائف المناسبة للمؤهلات العلمية، هذا بالإضافة إلى أن الشباب اللبناني والعربي عموما لم يعد لديه أمل في المستقبل لأنه بكل بساطة فقد ثقته بالسياسيين عموما والمسؤولين في البلد، لذلك بات يفضل أن يهاجر ويعمل في الخارج وإنْ تكبّد المشقات، لكنه في المقابل يستطيع أن يعيش كإنسان محترم، وأن يتقاضى راتبه دون أن يضطر للإنتظار أو التساؤل إنْ كان سيقبضه راتبه في موعده هذا الشهر أم لا، الأمر الذي يمكنه من التفكير في الزواج وبناء أسرة والمضي قدما بمستقبله».
{ منى صيداني (25 عاما) اختصرت السبب الكامن وراء هجرة الشباب بعدم توافر فرص العمل الملائمة لهم في بلدانهم، بالإضافة إلى عدم تقدير كفاءاتهم العلمية ما يجعلهم يهاجرون ويفكرون باللاعودة، لا سيما وسط الظروف الإجتماعية والإقتصادية الصعبة التي لم تعد توفّر لهم أي بصيص من الأمل، فالغالبية باتت تشعر باليأس والإحباط خصوصا أن هناك العديد من الشباب الذين نالوا شهادات علمية ذات كفاءة عالية المستوى إلا أنّهم لم يتمكنوا من العمل بها ما اضطرهم للعمل في وظائف دون مستواهم الأكاديمي كي يتمكنوا من تأمين لقمة العيش. فهل هناك من أسباب أصعب من ذلك للتفكير بالهجرة ؟!».
{ رجا الطويل (30 عاما) أنهى شهادته الأكاديمية وحتى الساعة لم يتمكن من تأمين فرصة عمل، وقال: «لسنا بحاجة لتعداد الأسباب لأنها واضحة تماما، فالظروف الإجتماعية الصعبة وفرص العمل شبه المعدومة، واستحالة تحقيق الآمال والطموحات، كلها تدفع بنا للتفكير بالهجرة بحثاً عن ظروف أفضل ومستقبل أكثر استقرارا. والمؤسف أنه ليس هناك من تشجيع أو دعم للشباب سواء في لبنان أو في البلدان العربية عموما، بل على العكس فنحن حين نجد كفاءة علمية أو طاقة إيجابية لدى أي شاب نحبطه بدلاً من أنْ نقدّم له الدعم والتشجيع، عكس ما يحصل حين يهاجر الشاب وينجح في الخارج، إذ تراهم يتمسّكون به ويضعونه في أعلى المناصب حتى أنّهم يحوّلون دون عودته إلى بلده للإستفادة من خبراته، أما نحن فحدث لا حرج».