بيروت - لبنان

اخر الأخبار

13 حزيران 2020 12:01ص ما الإضطرابات النفسية التي ستخلّفها أزمة «الكورونا»؟

تدابير الحجر المنزلية يمكن أن تتحوّل الى وساوس مرضية تدابير الحجر المنزلية يمكن أن تتحوّل الى وساوس مرضية
حجم الخط
منذ بدء فترة الحجر المنزلي نتيجة انتشار «الكوفيد 19» والناس عموما تعاني من اضطرابات نفسية بسبب الظروف الحياتية اليومية وتواجدهم طوال اليوم داخل المنزل، ولا سيما أن هناك فئة كبيرة منهم لم تكن معتادة على هذا الوضع.

توتر، قلق، خوف من المجهول، «تعصيب»...

إضطرابات نفسية عديدة تمرُّ بنا في اليوم، لكن يبقى السؤال:ماذا ما بعد انتهاء هذه «الأزمة»؟

وما هي الأمراض النفسية التي ممكن أن تخلّفها جائحة «الكورونا»؟

لتسليط الضوء على هذا الموضوع التقت «اللواء» المعالج النفسي مصطفى عادل معاوية، فكان الحوار الآتي:

المعالج النفسي مصطفى عادل معاوية

{ برأيك ما هي الإضطرابات النفسية التي ستنتج جراء «أزمة الكورونا»؟

- يرجح أن تترك أزمة «فيروس كورونا» المستجد نتيجة إجراءات الحجر المتبعة في كثير من المناطق اللبنانية آثارا نفسية بسبب الخوف والضغط النفسي الناجم عن العزل في المنازل لدى الشعب اللبناني وبسبب الضغط النفسي الذي تعرّض له.

وأيضاً يجب علينا أن لا ننسى أن التأثير العابر للأجيال من أوبئة أخرى تؤكد أن الناجين من الوباء ينجون بدنيًّا فقط، لكنّهم قد أصيبو بآثار نفسية مختلفة.

{ ما الأمراض النفسية التي ممكن أن تتسبب بها؟

- على المستوى الفردي سوف يشعرالأفراد أنهم متوترون وقلقون، بسبب تضخم مخاوفهم، وهذه المخاوف سوف تختلط مع مخاوف سابقة تكاد تصل بعد عدة سنوات الى اضطراب الخوف من المرض الموت (Panic Disorder)، وسوف ينشأ أيضاً ردودغير مسبوقة، فتدابير الحجر المنزلية المعتمدة ما هي إلا أفكار وسلوكيات يمكن أن تتحوّل الى وساوس مرضية بمختلف مراحل نمو الفرد اللبناني.

 أيضاً هناك تأثر كبير في العلاقات الأسرية من الناحية السلبية بسبب كل الكبت والإختلال في العلاقة بين الأفراد التي ترجمت بصورة عنفية خلال الحجر المنزلي من وباء «كورونا»، وهذا يمكن أن يصبح مترجم باستهلاك مفرط للتبغ أو المخدرات أو الكحول كآلية دفاعية للتعويض عن النقص العاطفي السابق.

أما على المستوى الجماعي، فيجب أن لا ننسى أن الكبت الجماعي بعدم السماح بالخروج من المنازل والإلتزام بالحجر، سوف يؤدّي الى ردة فعل جماعية بالخروج الزائد للتنزه، وعيش الممنوع سابقاً.

وهذا يهدّد أيضاً بانهيار الروابط الإجتماعية وغياب المعايير السابقة من حيث ضبط المراهق عن فعل الممنوع، وأيضا تأثير ترك المسن في المنزل لعدم قدرته بالتنزّه والخروج مع العائلة لعوامل صحية.

{ هل يمكن الوقاية من الاصابة النفسية، وكيف؟

- ليس هناك حلول سحرية لتجاوز الوقوع في المشاكل النفسية أو التصادم مع المحيط العائلي ما بعد «الكورونا» بل المؤكد أن الهواجس الدفينة سوف تجد منفسا لها بكل فرد لتظهر.

لذلك، الأمر مرتبط باجتهاد الأولياء في إيجاد أنشطة يمكن أن تفرغ هذا الضغط بنشاط تفريغي معين حرصا من التفريغ الخاطىء والوقوع في مخاطر نفسية واجتماعية.

{ هل تختلف الإصابة ما بين الفئات العمرية؟

- ممّا لا شكّ فيه، يختلف الإنعكاس النفسيّ لهذه الأزمة بحسب الفئات العمريّة. لكن قبل كلّ شيء، لا بدّ من الإشارة إلى أن الإستعداد النفسيّ للفرد هو العامل الرئيسيّ والمحدِّد لظهور هذا التأثير.

و بالنسبة إلى الفئة العمريّة، فمن المعروف أن الأطفال هم أقلّ عرضةً للإضطرابات النفسيّة كالمرض الوهميّ، على سبيل المثال، من المراهقين والراشدين، وذلك لأنهم لا يدركون مدى خطورة الوضع الذي كان عليه في ظلّ الوباء.

لكن لا يخفى أن للأهل دور أساسيّ في التأثير النفسيّ لما بعد «كورونا»، إن جاز التعبير، على أطفالهم.

بمعنى آخر، إذا كان الوالدان يُظهران خوفهما الشديد أمام أطفالهما، فإن هؤلاء سيختبرون فيما بعد رهاباً، وقد يلزمهم عدّة أشهر لكيّ يتمكّنوا من إستعادة صحّتهم النفسيّة. أما بالنسبة إلى الراشدين فإنهم أكثر عرضة للإصابة بالمرض الوهميّ، لأنهم كانواقد عاشوا الأزمة بقلق كبير، وأدركوا أن ما بعد أزمة «كورونا» سيكون مختلفاً عمّا قبلها.

{ هل من نصيحة؟

- للخروج من هذه المرحلة بأقل الأضرار النفسية، يجب عدم كبت مشاعر الخوف والهلع، لأن تكثيفها يمهد لمشاعر أخرى.

لذلك علينا القيام بالنشاطات الترفيهية والمفيدة مع العائلة، بالإضافة لممارسة الرياضة بحسب هواية كل شخص.

كذلك، في حال شعور الفرد بالتشنجات والمخاوف الزائدة مثل دقات القلب المتزايدة، الخوف من المرض والموت، الشك الدائم بأعراض جسدية تؤدي لوباء...

من الضروري، الإسراع الى أخذ موعد لدى المعالج النفسي للقيام بالإجراءات اللازمة له، لتخطي المشكلة، قبل أن تصبح اضطراباً نفسياً يطول علاجها في المستقبل.