لا يزال لبنان يتحمّل تبعات وتداعيات ما تواجهه المنطقة العربية من صراعات، الأمر الذي يتجاوز قدرته على الإحتمال، وبات يهدّد أوضاعه الغقتصادية والمعيشية ومستقبله السياسي والكياني، وسط عجز السلطة عن اتخاذ ما يلزم من تدابير وقائية وعلاجية، لذلك، وكي يتمكّن لبنان من مواجهة هذه المخاطر المتفاقمة في المنطقة، وليشكّل فعلاً النموذج والرسالة، لا بد له من أنْ يكون بلداً مدنياً علمانياً، يحترم كل المعتقدات والأديان، ويرفض الطائفية السياسية، ويحارب الفساد، ويضمن الحريات والحقوق المسؤولة للمواطنين، ويُقيم العدالة الاجتماعية والمساواة أمام القانون.
والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا الإطار: ما المطلوب لتمكين لبنان من مواجهة هذه المخاطر؟ وتحويله بالتالي إلى نموذج حضاري للتعايش بين الهويات والطوائف والمذاهب؟...
للإجابة على هذا السؤال، التقت «اللـواء» عدداً من الشخصيات الذين أبدوا آراءهم في هذا الموضوع، فجاءت على النحو التالي:
قباني
{ الوزير السابق الدكتور خالد قباني رأى أنّ أهم ميزة في لبنان هي أنّه بلد التعايش الإسلامي المسيحي، ويقوم على ركيزة أساسية هي العيش المشترك الإسلامي المسيحي.
وقال: «لولا العيش المشترك الذي يتصف به لبنان، لما استمر هذا البلد رغم كل الأحداث، ورغم كل الصراعات التي حصلت طيلة القرن الماضي، بل واصل نضاله الديمقراطي البرلماني، لكن نعم هناك مشاكل وقضايا كثيرة يجب معالجتها، كي يكون هذا العيش المشترك عيشاً رغداً، وعيشاً مزدهراً، وعيشاً يسوده السلام والطمأنينة».
وأردف: «طبعا هذا الأمر يعود إلى كل القوى السياسية التي عليها أنْ تطبّق «اتفاق الطائف»، الذي يؤمّن توازناً على الصعيد السياسي، ويؤمّن أيضاً انفتاحاً على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي بما يؤمن لهذا البلد عيشاً كريماً ومستقراً».
وشدّد على أنّ «هذه مسؤولية كبيرة، ولعلّ الانطلاق في هذا الأمر يبدأ من خلال احترام الدستور، وتطبيق «دستور الطائف»، الذي مع الأسف لم يُطبّق حتى الساعة، وما لم يُطبّق هذا الاتفاق، فإنّ لبنان لن يرى لا سلاماً ولا أمناً ولا استقراراً. ومما لا شك فيه، أنّ هناك مسؤولية كبيرة وتحدياً كبيراً يقف في وجه كل اللبنانيين، وخاصة القيادات السياسية التي تترتب عليها مسؤولية هذا البلد».
خلف
{ رئيس «رابطة أصدقاء كمال جنبلاط» الوزير السابق عباس خلف لفت إلى أنّ «التعايش اللبناني يتحقّق من خلال حلين، الأوّل يتمثّل بإعادة التأهيل من الأساس، والثاني الإلتزام باتفاق «الطائف» بكل مندرجاته، بدءاً من إلغاء الطائفية إلى اللامركزية، لكن مع الأسف، فإنّ الطبقة السياسية والشعب يحولان دون تطبيق ذلك».
الغز
{ أما أمين سر «رابطة أصدقاء كمال جنبلاط» سعيد الغز أشار إلى أنّ هناك «عجزاً فاضحاً نعاني منه اليوم في معالجة كامل قضايانا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والبيئية، وبالتالي فإنّ لبنان لا يمكنه أنْ يستمر على هذه الحال».
وقال: «علينا جميعا أنْ نتكاتف لنُعيد لبنان واحة للقاء بين الأديان والحضارات والهويات، ليتمكّن من أنْ يلعب دوره من جديد كجامع للدول العربية على القضايا القومية. لذلك، لا بد من أنْ نسعى إلى إلغاء الطائفية السياسية، إذ لا يمكن للبنان أنْ يُنقذ مما هو فيه، إلا بإلغاء الطائفية السياسية والمحاصصة الطائفية.. اليوم يتكلّمون عن الطائف لكنهم مع الأسف لم يقرأوه».