بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 كانون الثاني 2021 12:02ص ما بين وزارة التربية والمتعاقدين.. قرارات معلّقة وإضرابات

بناة الأجيال: نخسر ساعاتنا.. لا ضمان.. لا تثبيت.. ولا بدلات نقل!

اعتصام الأساتذة أمام وزارة التربية اعتصام الأساتذة أمام وزارة التربية
حجم الخط
في حين يتلقّى طلاّب التّعليم الخاص دواماً كاملاً من حصص التّعلم عن بُعد، تفاجأ أهالي وأساتذة طلاب التّعليم الرّسمي بقرار وزير التربية طارق المجذوب عندما قلّص دوام التعلّم الرّسمي عن بُعد إلى نصف دوام ومن ثمّ إصداره قراراً جديداً الثلاثاء ليلاً يقضي بإبقاء أعداد الحصص كاملة لكن تخفيض وقت الحصة الواحدة إلى نصف ساعة، ما ينذر بعدم حصول طلاب المدارس الرّسمية، في الحالتين، على قدرٍ كافٍ من التعلّم، وبالخوف من عدم استكمال المنهاج ضمن الوقت المحدّد لعام 2020-2021، وكذلك ما هدّد عمل الأساتذة وتحديداً الأساتذة المتعاقدين. وهذا يضع الوزارة أمام تساؤلاتٍ كثيرة، فهل حقّاً أراد وزير التربية أن يخفّف جهد وضغط ساعات التعلّم عن بُعد؟ أم أنّ الدّولة أصبحت عاجزة عن تسديد مستحقات أساتذتها المتعاقدين بالكامل؟

وعند أعقاب إعلان وزير التربية لقرار تقليص الدوام إلى النصف، قبل يومٍ من استئناف التعليم في عطلة الميلاد، صدحت صرخة الأساتذة المتعاقدون الّذين خرجوا عن صمتهم وقاطعوا التعليم عن بُعد معلنين الإضراب المفتوح الى حين تحقيق مطالبهم لا بل «حقوقهم». فعلاوةً على أجرهم الّذي يتقاضونه فصليّاً وليس شهريّاً، جاء هذا القرار المفاجئ والمجحف ليزيد «الطين بلّة»، عدا عن أنّ أجورهم فقدت قيمتها الشّرائية بسبب تدهور سعر صرف اللّيرة، فأصبحت ساعة الأستاذ المتعاقد في التعليم الرّسمي تقدّر بدولارين فقط لا غير!

شاهين: لضمان حقوق المتعاقد

وفي هذا السّياق، تحدّثت رئيسة اللجنة الفاعلة للأساتذة المتعاقدين في التّعليم الأساسي الرّسمي نسرين شاهين لـ «اللواء»، إذ تلفت أنّها «المرة الأولى الّتي يلتفّ فيها جميع الأساتذة بهذه القوّة بسبب الضربات المتتالية لحقوقهم، معتبرةً قرار تقليص الدّوام السبب الأساسي الذي أشعل الإضراب، فالأستاذ المتعاقد يتجسّد عمله بساعاته، فلا ضمان صحي له، لا بدل نقل، لا معاش شهري ولا تثبيت». وتناشد شاهين مضيفةً «نحن تحمّلنا أعباء التّعليم عن بُعد من جيوبنا، الإنترنت والحواسيب والهواتف، وساعة «الأونلاين» الواحدة تتطلّب ساعتين من التحضير بالمقابل في المنزل، إضافةً إلى أننا خسرنا في الفصل الأوّل نصف ساعات العمل والآن جاء قرار تقليص الدّوام كحلٍّ لتخفيف الضغط»، متسائلةً: «إذاً كيف سيتمّ تعويض السّاعات وتكثيفها؟».

وتتابع: «أمّا عن موقف وزارة التربية، فهم أبدوا تجاوباً مع مطالبتنا بحقوقنا ولكن حدث تصادمٌ في الآراء، إذ يعتبرون أنّه من الواجب علينا التّراجع عن الإضراب إلى حين تقديمهم آلية لتعويض السّاعات، لكنّ هذا لا يلبّي طموحات وكرامة الأساتذة المتعاقدين، ومن السّهل والواجب على الوزارة إصدار بيان يحفظ حقوق الأساتذة».

أمّا عن موقف رابطة أساتذة التّعليم الرّسمي في لبنان الّتي تمثّل 30% من الكادر التربوي والإداري في المدارس الرسمية دون المتعاقدين، في حين يشكّل الأساتذة المتعاقدون 70% من الكادر التّعليمي، تشير شاهين إلى أنّهم «عارضوا إضراب المتعاقدين، ولكنهم أصدروا بياناً نهار الإثنين الماضي أعلنوا فيه الإضراب يومين أيضاً تضامناً مع إضراب المتعاقدين، إذ أنّ المدارس الرّسمية أصبحت مشرذمة وفي حالة نقصٍ في ظلّ الإضراب الحاصل رغم ممارسة بعض مدراء المدارس الضّغوطات والتّهديدات على الأساتذة بسبب إضرابهم عن التّعليم».

إسماعيل: «مستوى معيشة صفر»

وحول استمرارهم في الإضراب يكمل أستاذ المسرح المتعاقد في التّعليم الرّسمي نزار  إسماعيل، مؤكّداً أنّ «الإضراب مستمر رغم بعض الجهات التّي وعدت باحتساب الدوام كاملاً عند دفع المعاشات وحتّى بعد قرار تخفيض ساعات دوام التّعليم عن بُعد»، ويرى أنّ «توقيت إعلان القرار قبل ليلةٍ من إنتهاء عطلة الميلاد كان بمثابة صدمة ليس فقط للأساتذة بل أيضاً لمدراء المدارس الّذين واجهوا صعوبةً كبيرة في وضع برنامج النّهار التّالي وتقليص الحصص إلى النّصف لتطبيق القرار»، واصفاً إيّاه «بالقرار المجحف». وعن ما يعيشه الأستاذ المتعاقد اليوم، يعتبر إسماعيل أنّ «حياة الأستاذ المتقاعد من الناحية المعيشية تصنّف صفراً إذ أنّ معاشاتهم فقدت قيمتها مع تدنّي قيمة اللّيرة، هذا عدا عن أنّ الأستاذ المتقاعد يتقاضى رواتبه بشكلٍ فصلي أي ثلاث مرّاتٍ فقط سنويّاً وعلاوةً على هذا، هناك بعض الأساتذة المتعاقدين لم يتقاضوا حتّى الآن الفصل الثالث من العام السّابق!».

زيادةً على ذلك، يشتكي إسماعيل «عدم توفّر حقّ الضمان الصحي للأستاذ المتعاقد رسميّاً في مدارس الدولة، إضافةً إلى التوقف منذ وقتٍ طويل عن إجراء مباراة لتثبيت الأساتذة في ملاك الدّولة»، ويضيف «حتّى بدل النّقل الّذي يعتبر أبسط حقوق العمل، قبل جائحة كورونا، لم يكن مدفوعاً». ويعتبر إسماعيل أنّ «التّراجع أو استمرارية الإضراب لا يمكن أن يحدّدهما أحد حتى صدور القرارات المناسبة».

ماذا عن مشروع القانون المقترح؟

أمّا في خصوص مشروع القانون المقترح المعجل المكرر الذي طُرح من قبل النائب إيهاب حمادة والذي يتطلب موافقة المجلس النيابي ويقضي باحتساب العقد كاملاً للأساتذة المتعاقدين بحكم أن لا علاقة لهم بالظروف الصحية والإقتصادية الصعبة المحيطة، فيُجمع كلّ من شاهين وإسماعيل أنّ «الإضراب مستمر إلى حين إقرار مشروع القانون في الجلسة النيابية القادمة، كي يتحقق المطلب الأساسي للأساتذة وهو إمضاء عقد سنوي واحتساب العام كاملاً دون الإكتراث إلى العطل، فهذه الظّروف لا علاقة للأستاذ بها إذ أنهم يؤدّون عملهم وما يتوجّب عليهم»، وطرحوا سؤالاً مشتركاً يوضع في عهدة وزارة التربية، «لماذا يتلقّى تلامذة التّعليم الخاص حصصهم بداومٍ كاملٍ في حين يتعلّم طلاب المدارس الرّسمية نصف دوام وفي القرار الجديد، نصف حصص؟».

«بانتظار قرارات الوزير!»

أمّا عن وزارة التربية، وبعد محاولاتٍ للحصول على تصريحٍ يبيّن موقفهم جرّاء الإضراب وللإستفسار عن مساعيهم في هذا الملف، بدا تحفّظٌ تامٌ ارتقاباً لقرار الوزير الذي صدر الثلاثاء ليلاً فقط لا غير، فلم يسجّلوا أي ردٍّ أو إجابةٍ على الأسئلة والإستفسارات التي طرحت من قبل «اللواء» بشأن التحقيق.

أغرب الأوطان هنا حيث يطلب المرء الحصول على «حقوقه»، لا بل أبسطها، فما بالك إذا كان المُطالب اليوم «المعلّم»، مربّي الأجيال، الذي أضربَ خوفاً من ضياع سنينه، بلا تقديرٍ وبلا ضمانٍ صحي، ودون أدنى المساعي من قبل المعنيين لتحسين الحال، فهل سيوقَّعُ مشروع القانون وسيصبح موضع التّنفيذ حقّاً أم أنّه لا أمل في مبادراةٍ فعليّة تحفّز الأساتذة المتعاقدين على فكّ الإضراب؟ وما مصير حقوقهم إذاً في ظلّ قراراتٍ غير واضحة؟ وما مصير كل طالبٍ أصبحت مسؤولية حقّه في التعلُّم اليوم في عهدة وزارة التّربية؟ فإمّا أن تباشر وتسارع لتنفيذ الحلول أم أنّ العام الدّراسي الحالي ستشوبه الفوضى العارمة أكثر ممّا هو عليه!