بيروت - لبنان

اخر الأخبار

15 أيلول 2020 12:01ص ما تأثير الخلافات الزوجية على الأطفال؟

الشجارات تصبح خطيرة ومؤثرة إذا استمرت لفترات طويلة الشجارات تصبح خطيرة ومؤثرة إذا استمرت لفترات طويلة
حجم الخط
نتيجة الضغوطات والضائقة المالية التي يعاني منها الشعب اللبناني والأوضاع الأمنية والإقتصادية والإجتماعية والصحية لم يعد هناك من بيت يخلو من الخلافات الزوجية بل والمشادات أحيانًا. 

لكن حينما يتحول الشِجار إلى طقس طبيعي يمارسه الأب والأم، وتحدث المشاكل الزوجية أمام الأطفال دون مراعاة للآثار السلبية المدمرة له على نفسية الصغار، ينبغي أن ندق جميعنا ناقوس الخطر؟

فالأطفال ينتبهون بشدة إلى كل ما يخص مشاعر الوالدين لأنهما مصدر الشعوربالأمان داخل الأسرة. 

لذلك،عندما تكثر المشكلات الزوجية بين الآباء والأمهات وتصبح مشاعرهما سلبية ومدمَرة دائمًا، يقع الضرر المباشر على الأبناء،وهذا الضرر يمكن أن يدوم مدى الحياة.

رزق

لتسليط الضوء على تأثير هذه الخلافات على الأطفال، التقت «اللواء»المعالج النفسي نقولا رزق،فكان الحوار الآتي:


نقولا رزق

- لدى حدوث خلاف بين الزوجين ،كيف يجب التعاطي مع الأطفال؟

«ننصح الأهل بضرورة إبعاد الأطفال الصغار، ولا سيما إذا تطور الأمر الى صراخ وضجيج، الأمر الذي قد يؤدي الى مُعاشات نفسيّة تؤثر على نمو الطفل وتطوّر سلوكه.

وتختلف درجات التأثّر حسب عمر الطفل ونوعية الخلاف، فإذا كانت الشجارات مؤقتة ومحدودة يكون أمرًا عاديًّا وسهل التجاوز ولكن تصبح خطيرة ومؤثرة إذا استمرت لفترات طويلة».

- ما تأثير هذه الخلافات؟

من أهم التأثيرات بروز إضطرابات سلوكيّة تتجسّد عبر التوتر والقلق وعدم القدرة على التركيز وخاصة في المدرسة، فتتراجع قدرته على الإستيعاب وتتلاشى مهاراته الأكاديميّة... أو قد يعود إلى سلوكيّات يكون قد تخطّاها مثل التبول اللاإرادي… أو تظهر عليه بعض مؤشرات الكآبة كفقدان الشهية أو الإفراط في الأكل أو الشعور بالهم والحزن الدائم».

- ماذا عن المراهق؟

«بالنسبة للمراهق، الذي يحتاج في هذه المرحلة للنصح والإرشاد والمحبة، فيجد الطريق مسدودًا بسبب خلافات الأهل، فيصبح عصبيًا وقاصرًا عن التعامل مع شؤون الحياة المختلفة… ما قد يدفعه في بعض الأحيان إلى الجنوح والاتجاه نحو الخيارات السلبيّة.»

- في حال حدوث الطلاق هل النتيجة أكثر سلبية؟

«يؤثّر الطلاق على كل أفراد الأسرة بما فيهم الأطفال، الذين وإن تخطّوا الحدث ولكن أثره المؤلم قد يبقى في الذاكرة ولا يتم نسيانه، بل يقفز على السطح عندما يكون هناك موقف مرتبط به.

كما إن مقومات الشعور بالأمان تتأثر لدى الأبناء الذين يطرحون الكثير من الأسئلة الوجودية بالنسبة لمستقبلهم وعلاقتهم بكل من والديهم: هل سأظل أرى والدي؟ هل أنا السبب في هذا الطلاق؟ هل ستتزوج أمي من رجل آخر ؟

وقد يؤدي طلاق الوالدين إلى ضعف الثقة بالنفس لدى الأبناء كما وإلى نقص في مهاراتهم التواصليّة؛ فقد تتأثر علاقة الأبناء بأولادهم بنتيجة المشاكل الزوجية، وقد تتعرض علاقة الحب غير المشروط للإهتزاز، ما يجعل الأبناء يعتقدون أنهم هم السبب في الطلاق لتصرفهم تصرف غير متوقع.

كما وقد يقلق الأطفال من نظرة زملائهم في المدرسة، ما يجعلهم أقل تفاعلا مع الآخرين وأكثر انزواءً، الأمر الذي قد يؤثر على بناء وتطوير مهارات التواصل والتفاعل الاجتماعي كما والتحصيل الأكاديمي.»

- هل التأثر النفسي بسبب خلاف الوالدين أو طلاقهما حتمي على الأطفال؟

«التأثر النفسي بسبب طلاق الوالدين ليس حتميًّا على الأطفال، هناك عدة عوامل تتدخل في مقدار هذا التأثر ومنها مقدار الصراع بين الآباء،المعلومات التي يتلقاها الأبناء بخصوص الطلاق،الدعم الاجتماعي وقدرة الطفل على التعامل مع الضغط».

 كيف يمكن تفادي تأثير الخلافات بين الزوجين أمام الأطفال؟

«لتفادي تأثير الخلافات بين الزوجين أمام الأطفال، نوصي الأهل بتعليم أطفالهما أن الخلاف العائلي أمر بنّاء وليس أمرًا مدمِّرًا وهو غالبًا ما يهدف لوضع حلول عملية وإيجابية في مواجهة المشاكل الأسرية. كما أهمية الحرص على محاورة الأبناء بهدوء وتفهم، بعيدًا عن الغضب ومشاعر التحدّي، بهدف إعطاء صورة إيجابية حول مفاهيم إدارة الخلاف والتحاور والوصول إلى حلول ترضي الجميع. 

من جهة أخرى يُنصح بتجنّب انتقاد أحد الزوجين للآخر على أسلوبه في التربية أو اتخاذ القرار أمام الأولاد واتهام كل واحد للآخر. فالأبناء بحاجة دائمة لبناء صورةٍ داخليّة «إيماغو»عن أهلهم تكون مصدر طمأنينة لهم في رحلة عمرهم. 

لذا يبقى على الأهل الحرص على المساهمة في رسم هذه «الإيماغو» بكلّ إيجابيّة، مهما اشتدّت المناكفات في ما بينهما، كثنائي مسؤول عن سلوكه أمام الأبناء كونهم بحاجة إلى المثل الحيّ كي يتشبّهوا به فيكبرون».