بيروت - لبنان

اخر الأخبار

11 حزيران 2020 10:12ص ما لا تعرفونه عن قانون قيصر.. وسبب تسرُّع لبنان باعلان إفلاسه!

حجم الخط
خلال أيامٍ قليلة،يبدأ تطبيق قانون قيصر بعدما دخل حيز التنفيذ مطلع حزيران الحالي.هذه العقوبات الاميركية على سوريا ترتبط بشكل وثيق بمدى التشدّد الاميركي بتطبيق تلك البنود.لا شكّ انّ له تداعيات سلبية على الاقتصاد السوري لكنّ تدعياته تنسحب ايضًا على الاقتصاد اللبناني، وبانتظار مؤشر انفراج قريب، سيئات عدة تبرز بعد التسرُّع باعلان إفلاس لبنان.

وللاطلاع على تفاصيل قانون قيصر وتداعياته وأسباب التسرّع باعلان إفلاس لبنان،كان ل"اللواء" إتصال بالخبيرة الاقتصادية فيوليت غزال البلعة:

١- ما هي حيثيات وأسباب قانون قيصر؟
بدءا من 17 الشهر الجاري حزيران، تبدأ الولايات المتحدة تطبيق عقوبات "قانون قيصر" على النظام السوري وداعميه من حكومات وكيانات وأفراد، وذلك بعدما دخل حيز التنفيذ منذ مطلع الشهر إثر الموافقة عليه من الكونغرس ومجلس الشيوخ الأميركي نهاية العام 2019، ويهدف الى حماية المدنيين في سوريا. وقد سُمي بـ"قانون قيصر" تيمنا بالمصوّر العسكري السوري الذي هرّب، بعد انشقاقه، أكثر من 55 ألف صورة توثّق جرائم نظام بشار الأسد في السجون والمعتقلات السورية بين عامي 2011 و2014.
والقانونُ هو اسم لمشاريع قوانين إقترحها حزبا الكونغرس الأميركي ضد الحكومة السورية. يستهدفُ القانون الى النظام السوري وأركانه السياسية والعسكرية والمالية والاقتصادية، الأفراد والشركات الذين يقدمون التمويل أو المساعدة لرئيسِ سوريا؛ ويستهدفُ عددًا من الصناعات السورية بما فيها تلك المُتعلِّقة بالبنية التحتية والصيانة العسكرية وإنتاج الطاقة، فضلا عن الكيانات الإيرانية والروسية التي تقدّم الدعم لحكومة الأسد خلال الحرب السورية.

٢-ما هي تداعياته على سوريا والدول المجاورة ولاسيما لبنان؟
ينصّ "قانون قيصر" على فرض عقوبات على الأجانب المتورطين ببعض المعاملات المالية أو التقنية، مع مؤسسات الحكومة السورية، والمتعاقدين العسكريين الذين يحاربون بالنيابة عن النظام السوري أو روسيا أو إيران، أو أي شخص فُرضت عليه العقوبات الخاصة في سوريا قبلاً، وكل من يقدّم الدعم المالي أو التقني أو المعلومات التي تساعد على إصلاح أو توسعة الإنتاج المحلي لسوريا من الغاز والنفط أو مشتقاته، ومن يقدّم الطائرات أو قطعها، أو الخدمات المرتبطة بالطيران لأهداف عسكرية في سوريا. باختصار، تشمل العقوبات كل من له علاقة بالنظام السوري، من قريب أو بعيد.

ويأتي تطبيق القانون بعد تعرّض الاقتصاد السوري لاستنزاف الركود على مدى سنوات الحرب (منذ العام 2011)، حيث تم تسخير كل موارد الدولة من اجل قمع الحرب، وبقي لدى النظام نحو نصف مليار دولار أميركي كعملات أجنبية مقابل 21 مليار دولار عام 2010، وهي تكاد تكفي لاستيراد السلع الأساس لشهر واحد. وقبل بدء العقوبات، انهارت الليرة السورية على نحو دراماتيكي لتصل الى نحو 4000 ليرة مقابل الدولار، وسط ازمة اقتصادية ومعيشية واجتماعية خانقة، دفعت السوريين في بعض المحافظات الى التظاهر احتجاجا على تردي الأوضاع.

ولان "قانون قيصر" يشمل كل من تعامل مباشرة مع النظام السوري، فان لبنان بما له من علاقات تاريخية، تجارية واقتصادية، الى عمليات التهريب المستمرة عبر المعابر غير الشرعية، فضلا عن استعداد بعض الشركات لدخول السوق السورية تمهيدا لمرحلة إعادة الاعمار، فان مفاعيل القانون تطال كل من هو موجود في تلك القائمة. أي ان العقوبات ستشمل التجار والاقتصاديين والمصرفيين ورجال الاعمال، إضافة الى المؤسسات والشركات، فضلا عن الكيانات التي يمكن ان تبقي علاقاتها مفتوحة مع دمشق، حيث يطرح تساؤل كبير عن موقف "حزب الله" من بدء تطبيق القانون.

Image preview
الخبيرة الاقتصادية فيوليت غزال البلعة

٣- كيف يستطيع ان يتحمل لبنان انهياره الاقتصادي او افلاسه وبالتالي عقوبات اقتصادية على سوريا؟
لا شك في أن السلطات اللبنانيّة تترقب بحذر تداعيات "قانون قيصر" نظرا للعلاقات المتشابكة بين "حزب الله" ونظام الرئيس السوري بشار الأسد. ولذلك، باشرت بفتح قنوات اتصال مع لجنة "قيصر" وفق ما تردد في اليومين الماضيين، في محاولة لاستشفاف التداعيات. الا انّ مصادر الإدارة الأميركية اكدت استحالة "الالتفاف" على العقوبات، ومنحت لبنان واللبنانيين فرصة للانسحاب من علاقات التعاون مسبقا، وقطع كل أنواع التواصل مع النظام السوري قبل بدء فرض العقوبات.

ويخشى لبنان الذي يعاني ازمة اقتصادية ومالية ونقدية حادة، ان تصيب شظايا القانون بعض مؤسساته وشركاته ومصارفه، فضلا عن أصحاب الرساميل والاستثمارات الذين وجدوا في السوق السورية أخيرا ملاذا لتوظيف أموالهم، علما ان المصارف اللبنانية في سوريا لم تعد مرتبطة باداراتها في لبنان، بل يتواجد فيها لبنان من خلال استثمارات فردية ومؤسساتية. ويخشى كذلك ان تطول لائحة العقوبات أسماء بعض الشخصيات العاملة في الشأن العام، بما فيهم بعض النواب او الوزراء، الامر الذي سيعرض لبنان حكومة وشعبا، لعقوبات قاسية يعد بها القانون الجديد. وسينعكس كل ذلك على مناخ الاعمال والاستثمار بالسوق اللبنانية التي تعاني من ممارسات السلطة السياسية ولا سيما ما يتعلق منها بخطة التعافي التي طرحت تعويض الخسائر من حساب المودعين والمستثمرين والمصارف، كما مصرف لبنان.

٤- هل تسرّعت الدولة اللبنانية في اعلان افلاسها وما هي تداعيات هذا الاعلان وخصوصًا على اعادة بناء الثقة بلبنان؟
صحيح، وهذا مستغرب، إذ ما من مبرّر لشطب كل ديون لبنان على مدى 30 عاما، ومسبقا؟ الا يستحق الاقتصاد فرصة لتعويض ما فاته؟ وخصوصا ان الدولة اللبنانية تملك اصولا وعقارات ومعظم المرافق العامة، وهي تكاد تكون الوحيدة في العالم التي تملك هذا الكمّ من المؤسسات. لذا، يجب طرح السؤال عن سبب الاستعجال، وخصوصا ان التداعيات تتمثل بإعلان إفلاس لبنان بغرض شطب الديون استرضاء لصندوق النقد الدولي (معادلة 100% للدين العام من الناتج المحلي الإجمالي)، وهذا يعني قرار الدولة بعدم تسديد أي من ديونها المستحقة حتى بعد 30 عاما، بما فيها السندات السيادية وشهادات الإيداع، بما يوحي بان لبنان يعطي درسا للمستثمرين بـ"عدم الثقة" بالقطاع المالي اللبناني برمته.

كل ذلك، يترجم بإفلاس مصرف لبنان، وفي ذلك سابقة خطرة لانّ ما من دولة في العالم أفلست مصرفها المركزي. وينسحب ذلك إفلاسا للقطاع المصرفي، وتاليا للمستثمرين في القطاع كما للمودعين. أي ان الحل الذي ترتأيه الحكومة هو تحميل القطاع المالي خسائر فادحة تسبّبت هي بها على مدى أعوام من الاستدانة وعدم الإيفاء.
ولخطورة الموقف، يتوقع ان يتحول الموضوع ملفا جدليا في الداخل المحلي، كما في خلال المفاوضات الجارية مع صندوق النقد الذي يعوّل على ادراكه خطورة السير في قرار مماثل.