لذلك لا يجب أن نبقى في نمطية الإستهجان والإستغراب من قوة النساء ومن قدراتهن، ومن مشاركتهن على الأرض في ثورة 17 تشرين الأول.
لأنهن كل هذا وأكثر، كما لا يجب تثبيت التنميط سواءعبر المغالاة أو التبرير.
لأن المرأة هي التي تحمي وتقود الثورات وتشارك بفعالية، ليس بشيء آني بل كونها تعكس الفرص المتساوية للنساء والرجال معا، وكونها أيضاتعكس كفاءات النساء المتقدمة لا بل وتبرز تفوقات النساء على الرجال.
بهذه العبارات أجابتني مديرة حملة «جنسيتي حق لي ولأسرتي» والناشطة القانونية كريمة شبو عندما سألتها عن مشاركتها في الإنتفاضة التي انطلقت شرارتها منذ ما يزيد عن ال20 يوما.
وفيما يلي نص الحوار:
مثال وقدوة
{ بداية كيف تنظرين لهذه الإنتفاضة؟
- سواء كان الشخص مع أو ضد فهو لا يستطيع أن ينكر الأثر الذي قامت به هذه الثورة، فنحن لا يسعنا أن ننكر حجمها كما لا يمكننا أن ننكر الإمتداد الذي تركته في كل أنحاء الوطن خصوصا وأنها وصلت إلى خارج لبنان.
لأول مرة نلحظ كيف أن العالم العربي والعالم الدولي تطلع إلينا بنظرة إيجابية، لدرجة أنهم باتوا يأخذوننا كمثال وقدوة يحتذى بها، ولا سيما أن هناك الكثير منهم الذين أبدوا عن تمنياتهم للمجيء إلى لبنان للمشاركة في هذه الثورة.»
المطالبة بأسلوب سلمي
{ ماذا عن مشاركتكم؟
- بالنسبة لنا ك «حملة جنسيتي حق لي ولأسرتي» فإننا دوما مع أي تحرك من شأنه أن يصب لمصلحة حكم القوانين سواء لجهة إلغاء التمييز، إلغاء المحاصصة، إلغاء الإستنسابية، إحقاق دولة المواطنة...
لذلك نحن نتواجد منذ اليوم الأول مع العديد من السيدات اللواتي حرمن من حق إعطاء الجنسية لأسرهن لنطالب بحقوقهن، بالإضافة إلى كافة المطالب التي ينادي بها كل من في الساحات، لكن بأسلوب سلمي وحضاري دون التعرض لأي شخص أو التعدي على الأملاك العامة.»
تعديل قانون الجنسية
{ ما هي أبرز مطالبكم ك «حملة»؟
- كما تعلمين، نحن دائما في حملاتنا نطالب بتعديل قانون الجنسية لأجل تكريس المواطنة الفاعلة والعادلة.
أي أننا نشدد على أهمية دور المواطن بدولته بشكل مباشر، بدون كل هذه التكتلات التي تسيطر على وضعنا القانوني والمعيشي بأبسط حقوقنا.
مع الأسف، كل ما يعرقل وصولنا إلى حقوقنا الكاملة ورفع التمييز تجاه مجموعات كبيرة من النساء والأطفال وغيرها...هي تلك المنظومة الساسية الطائفية التي تجتمع فقط من أجل أن تعيق تحقيق هذه القوانين تحت حجج واهية منها طائفية منها سياسية. إلا أنها جميعها تصب في المصالح الساسية التي هي بالأصل تبعد كل البعد عن دولة الحقوق والقانون.
لذلك، أردنا من خلال هذه الثورة، أن نطلق صرخة مدوية نطالب فيها أن يتم التعاطي مع حقوق النساء وحقوق الإنسان من منظار بعيد كل البعد عن العوائق التي تنعكس سلبا على الحياة اليومية لكل شخص.
وفي هذا المجال، إن أردنا أن نعدد سريعا كل المشاكل التي تتعرض لها النساء خاصة وأسرهن وما تعكسه على أولادهن وأزواجهن سواء لجهة موضوع قانون الجنسية الذي يتحججون من خلاله بحجج كبيرة جدا منها: التوازن الديمغرافي، التوطين، ملف النازحين واللاجئين...كل هذه المسائل التي تشوه المطلب الأساسي المتمثل بحق المرأة اللبنانية بأن تعطي جنسيتها إسوة بالرجل اللبناني.
أيضا هناك قوانين أخرى مثل قوانين الأحوال الشخصية، ولاسيما قانون الحضانة الذي يحرم الكثير من النساء لدى بعض الطوائف من أن تتمكن من احتضان أطفالهن، علما أن هذا يجب أن يكون من أبسط حقوقهن.
كذلك هناك مسألة العنف وغيرها...حيث وصلنا لمرحلة بات العنف يصنف تحت مسميات مثل: جريمة الشرف وأسباب مخففة...؟!
تعديل قانون الجنسية لتكريس المواطنة الفاعلة والعادلة
كل ذلك لصالح من؟
هذا الأمر ينعكس سلبا على حياة النساء وأسرهن، ولاسيما أن موضوع الجنسية لا يحرم فقط النساء اللبنانيات من إعطاء الجنسية لأسرهن، بل هو ينعكس على حياتهم اليومية أيضا.
الحياة اليومية التي نسمعها اليوم في الشارع:البطالة التعليم، الوصول إلى الخدمات الصحية، للضمان الإجتماعي، التعويضات...
كل هذه الأمور نستطيع أن نختصر بها مشاكل النساء وتداعيات الخروقات التي تحصل بالقانون، والتي تصب جميعها تجاه المرأة اللبنانية المتزوجة من رجل غير لبناني، فالمسألة لا تتعلق فقط بالحصول على جواز السفر اللبناني أو الهوية اللبنانية، لأن المسألة تنعكس تداعياتها سلبا على حياتهم الإجتماعية والنفسية والإقتصادية.
وضمن هذا الإطار، أستغرب أنه عندما كان يصار إلى قانون إستعادة الجنسية، يومها قلنا أن كل إنسان من حقه أن يستعيد جنسيته لكن هناك أولويات للنساء اللبنانيات قبل أن نعطي الجنسية لمن يعيشون خارج البلاد وذلك لأهداف سياسية معينة بينما نحن نحرم النساء اللبنانيات المتواجدات هنا من أبسط حق لهن!
قضية رأي عام
{ كلمة أخيرة؟
- أود أن أؤكد مجددا أننا ك «حملة جنسيتي حق لي ولأسرتي» متواجدات في الحراك منذ اللحظة الأولى، وأن موضوع الجنسية كان على نفس مستوى المطالب الأخرى.
وهذا دليل على أن موضوع الجنسية ليس قضية شخص واحد بل هي قضية رأي عام، والدليل أن هذه المطالبة كانت مليئة بكافة الساحات، سواء في لبنان أو خارج لبنان، فعلا «شي بكبر القلب».
نحن كـ«حملة» مع أي مطلب حقوقي لأي إنسان، لكن يهمنا بأن تكون وسيلة التعبير سلمية وأن لا يتم إلحاق الضرر بأية أملاك عامة، لإيماننا بأن المطالبة بالحقوق يجب أن تكون بأسلوب حضاري لا ينتهك حق الآخرين سواء الحق الشخصي أوحق الأملاك العامة.
لكن هنا إسمحي لي أن أستغرب أنه بعد أن تم تأجيل الجلسة التشريعية لمجلس النواب للأسبوع القادم، إلا أنهم لم يلحظوا في جدول الأعمال موضوع الجنسية وكأن القوى السياسية تريد كما في كل مرة أن تتحكم بزمام الأمور وحدها؟!
هذه المسألة لم تعد مقبولة ونحن نندد بها ونرفضها تماما، ولا سيما أن هذا الإستخفاف بتنا نراه في العلن.
اليوم الوطن أصبح للمواطنين والمواطنات، لم يعد للأحزاب ولا للتيارات...لذلك يتوجب على المسؤول أن يكون في خدمة الشعب وخدمة المواطن.
صحيح أن بلدنا صغير بالمساحة إلا أنه كبير جدا وغني بشعبه وبثرواته التي تنتهك ويتم إستغلالها، لذلك نقول كفى ودعونا نعيش بدولة القانون والمواطنة.
النساء لم تعد تود أن تسمع كلمة «أنا مع حقك» سواء من هنا أو هناك، هناك مطالب وحقوق يجب أن تنفذ، واليوم جاء وقت «المحاسبة».