لا تزال الأزمات الاقتصادية والمعيشية في لبنان تواصل تصعيدها إلى حدٍّ فاق كل التوقعات، كما فاق قدرة المواطن اللبناني على الصبر تحمّل الذُل والفقر، في ظل تهاوي القيمة الشرائية لليرة أمام الدولار، وارتفاع الأسعار الجنوني، ما أدى إلى إفقار الشعب وإذلاله أكثر مما هو ذليل، حتى كان أوّل غيث جوع الشعب انتحار مواطنين عجزا عن تأمين لقمة العيش.. والله يستر من الأعظم!!!
بيروت
وفي هذا الإطار، تجمّع عدد من المواطنين في شارع الحمراء، في البقعة الذي أطلق فيها المواطن «علي محمد الهق» من الهرمل (صباح أمس)، بالقرب من مقهى «ستارباكس» النار على رأسه، مُنهياً حياته، وتاركاً إلى جواره سجلاً عدلياً «لا حكم عليه» وورقة دوّن عليها «أنا مش كافر بس الجوع كافر».
أنا مش كافر .. الجوع قتل علي!!
وإذ سجّل الحاضرون غضبا شديدا جرّاء ما حصل، أبدوا أسفهم للحال الذي وصلت اليه البلاد من أوضاع معيشية سيئة لامثيل لها في تاريخ لبنان، وعمد البعض منهم الى افتراش الارض وقطع الطريق، رافعين لافتات تحمل المسؤولين مسؤولية اقدام المواطن الهق على الانتحار، ورافضين ما يشاع عن انه يعاني من اضطراب نفسي.
وأفادت شاهدة عيان بأنّ «الوضع كان طبيعيّاً قبل أن يسمع صوت إطلاق نار ويسقط الشاب أرضاً، من دون معرفة الأسباب»، مشيرة إلى أن الشاب كان قد صرخ «لبنان حر مستقل» قبل ان يطلق النار على نفسه. ووجدت على صدره ورقة كتب عليها «أنا مش كافر بس الجوع كافر»، وعلى الفور، حضرت القوى الأمنية، وباشرت التحقيقات.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، أصبحت عبارة «أنا مش كافر»التراند الأول في لبنان على موقع «تويتر»، إذ غرّد الناشطون مستنكرين ما آلت اليه الأوضاع المالية والاقتصادية.
هذا وكان عدد من عناصر حركة «وعي» تجمعوا امام مبنى شركة «الفا» في الدكوانة وسط حضور أمني، «اعتراضا على منح براءات الذمة لمجلس إدارة ميك 1 الفا، ويحاول هؤلاء الدخول إلى المبنى لتعطيل الاجتماع الذي سيعقد عند الثانية عشرة والنصف بهذا الخصوص».
{ أما عصراً، فأفادت غرفة التحكم المروري عن قطع السير في محلة البربير بالاتجاهين، وكذلك قطع طريق كورنيش المزرعة بالاتجاهين أمام جامع عبد الناصر، حيث قام محتجون بإضرام النيران في مستوعبات النفايات.
صيدا
{ ومن صيدا، أفادت مراسلة «اللواء» ثريا حسن زعيتر بأنّ عدداً من المواطنين ركنوا سياراتهم في وسط ساحة حسام الدين الحريري – دوار إيليا، وافترشوا الأرض، احتجاجا على تردي الاوضاع الاقتصادية والمعيشية وارتفاع سعر الدولار ودعوا الى التحرك والنزول الى الشارع.
ولفت أحد المحتجين الى أن «الوضع لم يعد يطاق فأموال الناس وودائعهم محتجزة بالبنوك وهناك اكثر من سعر صرف فيما سعر الصرف في السوق السوداء متفلت ولا يوجد أي حلول مستغربا صمت الناس وعدم تحركهم للتغيير».
تزامناً، كان سائقو الباصات والفانات والسيارات العمومية ينفذون اعتصاما، في موقف ساحة النجمة في مدينة صيدا، حدادا على زميلهم سامر مصطفى حبلي الذي قضى شنقا، في منزله بمنطقة وادي الزينة صباح أمس، بسبب تردي الاوضاع الاقتصادية وارتفاع سعر الدولار الذي ادى الى تراجع اشغالهم وانعدام قدرتهم الشرائية.
فقيد الفقر سامر حبلي!!
شمالاً
وفي السياق، نفّذ ناشطون في الحراك الشعبي في طرابلس اعتصاما، أمام شركة كهرباء قاديشا، وعمدوا الى اغلاق ابوابها ومنعوا الموظفين من الدخول الى مكاتبهم، وذلك احتجاجا على تفلت سعر الدولار الاميركي والتقنين القاسي للكهرباء.
كما اعتصم عدد آخر امام مرفأ طرابلس ومنعوا الشاحنات من الخروج والدخول من والى المرفأ، مرددين هتافات تطالب باسترداد الاموال المنهوبة ومحاسبة الفاسدين.
من الاعتصام أمام مرفأ طرابلس
في حين تجمَّع عددٌ من الناشطين في ساحة التل بطرابلس، ورفعوا الاعلام اللبنانية ولافتات كتب عليها «ما أضيق العيش لولا فسخة الثورة»، «الفتنة طائفية ثورتنا لبنانية وسلمية»، «حكومة دياب ساقطة».
ثم خرجوا بمسيرة راجلة جابت شوارع المدينة تحت عنوان «رفضا للطبقة السياسية التي اوصلتنا الى الانهيار الإقتصادي»، ورددوا هتافات تندد بالفساد والمسؤولين.
كما أقدم محتجون على إقفال الطريق الدولية المنية - العبدة، عند جسر النهر البارد في بلدة المحمرة - عكار، بالاتجاهين بالاطارات والعوائق، وذلك احتجاجا على سوء الاوضاع المعيشية وغلاء الاسعار.
بينما قطع محتجون من أهالي مخيم البداوي الشارع العام إحتجاجا على انقطاع التيار الكهربائي بشكل متكرر، وبسبب التقنين الحاصل من قبل أصحاب المولدات الخاصة.
ورفضاً لبرنامج التقنين الذي تم الإتفاق عليه في الإجتماع الذي عقد في مقر اللجنة الشعبية في المخيم لأصحاب مولدات الكهرباء الخاصة مع الفصائل واللجنة الشعبية، والذي يتناسب مع وقت توزيع المياه في المخيم.
بعلبك
وعلى مقربة من مدخل مبنى محافظة بعلبك، نصب مواطنون محتجون خيمتين تنديداً بتردّي الأوضاع الاقتصادية والمالية والمعيشية، وارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، وسط إجراءات أمنية اتخذها الجيش. ورفع المحتجون الأعلام اللبنانية، مددين هتافات تطالب بـ «محاسبة الفاسدين واسترداد الأموال المنهوبة».