حمّل رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري «حزب الله» المسؤولية بتعطيل تشكيل الحكومة، ونفى كل ما يتردد عن احتكاره للتمثيل السني في الحكومة بدليل أن هناك وزيرا سنّيا يسميه رئيس الجمهورية ووزيرا سنيا آخر اتفق عليه مع الرئيس نجيب ميقاتي الذي أتى إلى الاستشارات على رأس كتلة نيابية. وقال: «أنا أب السنّة في لبنان وأعرف أين مصلحتهم»، مشددا على أن السنّة طائفة أساسية في البلد ولا يمكن أن تكون في أي ظرف من الظروف طائفة ملحقة بأحد أو بحزب أو بمحور.
عقد الرئيس الحريري مؤتمرا صحافيا في «بيت الوسط» امس في حضور الرئيسين فؤاد السنيورة وتمام سلام، نائب رئيس المجلس النيابي السابق فريد مكاري، والوزراء: نهاد المشنوق، جان أوغاسبيان، محمد كبارة، غطاس خوري، جمال الجراح، معين المرعبي وكتلة نواب المستقبل، والنواب السابقين، وأعضاء المكتب السياسي والمجلس المركزي في تيار المستقبل وحشد من رجال الصحافة والإعلام وشخصيات.
وبدأ الحريري كلامه بالقول:«يُقال إنّ هناك كلامًا «بِحنِّن» وكلامًا «بِجَنِّن» وأنا لست من جماعة الكلام الّذي «بِجنّن» ودائمًا كنت أحب أن أرى النصف الممتلئ من الكأس»، منوّهًا إلى أنّ «كلّ اللبنانيين يعرفون أنّ خطابي السياسي محكوم دائمًا بالتفائل رغم التهديدات».
وقال:«إنّنا إذا أردنا أن نعدّ أيام تعطيل الدولة والمؤسسات منذ عام 2005 إلى الآن، احسبوا معي فسيظهر معنا أنّ الشعب اللبناني وضع من الدين العام في التعطيل بحجم نصف الدين. يمكن هناك جهات لا تحب أن يأخذ البلد فرصة ولا تحب أن يكون هناك حكومة في لبنان»، مبيّنًا «أنّني اليوم لا أريد الدخول بأيّ عملية غش للبنانيين وأقول لهم إنّ الوضع جيّد، ولا أستطيع الحديث عن تدوير الزوايا ولا أستطيع إقناعهم بنظرية «أمّ الصبي»».
وأوضح الحريري أنّ « اليوم هناك حقيقة يجب ان تُقال ومن دون «قفازات، الحقيقة أنّ تأليف الحكومة اصطدم بحاجز كبير والبعض يسمّيه حاجز «نواب سنّة 8 آذار«، وأنا برأيي هو أكبر من ذلك بكثير. أرى أنّ هناك قرارًا من «حزب الله« بتعطيل تشكيل الحكومة ، مشيرًا إلى «أنّني ما كنت أتصوّر أن تُدار الأمور بهذه الطريقة وأن تُرمى الأمور بوجه رئيس الجمهورية قبل أن ترمى بوجهي»، مؤكّدًا أنّه «لم يكن هناك استلشاء بموضوع النواب الستة وجوابي كان واضحًا منذ اللحظة الأولى ولم أناور وقلت لـ«حزب الله» وللجميع إنّ هذا الأمر لا يمكن أن يمرّ، ورفضي كان منذ البداية وليس في ربع ساعة الأخيرة».
اضاف:«إنّني لم أكن راضيًا عن الكثير من المعايير بتأليف الحكومة واصطدمت مع الكثير من الأفرقاء، وكنت أعتبر أنّ كلّ محاولة لخلق أعراف جديدة هي أمر غير مقبول»، لافتًا إلى أنّ «الجميع يعلم أنّني أخذت أمورًا في صدري لا تريدها طائفتي وتحمّلت ضغوطًا وخسائر، وكنت أقول دائمًا إنّ لبنان يستأهل التضحية، والتنازل لمصلحة البلد ربح وليس خسارة»، جازمًا أنّ «بعد كلّ ما حصل، أنا لا أقبل اتهام سعد الحريري بالتحريض الطائفي، وعندما نقول إنّ تيارنا عابر للطوائف فإنّنا نقول الحقيقة. الأحزاب الطائفية معروفة في البلد وأنا «بيّ» السنّة وأعرف أين مصلحتهم».
كما شدّد الحريري على «أنّني أعرف كيف أحمي السنّة وأدافع عن قضاياهم، ولا يمكن تحت أي ظرف طائفي أن نكون ملحقين بأحد، ولا نقبل أن يكون هناك طغيان أي طائفة على السنّة»، مفسّرًا أنّه «ليس صحيحًا أنّني أريد احتكار التمثيل السني في الحكومة، والدليل أنّ هناك وزيرا من حصة رئيس الجمهورية واتفقت على إسم مع الرئيس نجيب ميقاتي.
وتساءل: «تريدون الحديث عن مَن منع الفتنة في البلد، هم نحن. من دعم الجيش؟ نحن. من منع انتقال الحريق السوري إلى لبنان؟ نحن. من اعتبر التسوية السياسية السبيل الوحيد لحماية البلد هو نحن. ليس سعد الحريري من يقبل بتعطيل البلد وشلّ المؤسسات وأكبر دليل ما حصل في مجلس النواب أمس، وليس هو من يقبل بتخريب إتفاق الطائف وخلق أعراف جديدة والتعدّي على الصلاحيات الدستورية لرئيس الجمهورية».
وبيّن أنّ «الوفاء يكون للبلد ومصالح الناس ونحن مدرسة وفاء في لبنان وأوفياء للإستقرار، ولا أحد يزايد علينا، جازمًا أنّ «الحكومة حاجة وطنية وتأليفها سهل جدًّا إذا عدنا إلى الأصول، وهذه المهمّة عندي وعند رئيس الجمهورية ميشال عون وليس عند احد ثالث ونقطة على السطر«، مؤكّدًا: «أنّني قمت بما عليّ، والحكومة جاهزة وليتفضّل الكل يتحمّل مسؤوليّته حتّى يمشي البلد».
وذكر الحريري «أنّني تكلّفت من قبل 112 نائبًا وقمت بمشاورات والتقيت الجميع، ومن فاوض باسم النواب الستة هو «حزب الله»، وكنت واضحًا برفض تمثيلهم»، ولو أتوا ككتلة واحدة كنت مجبورًا على تمثيلهم».
واعتبر «ان نصرالله ليس مضطراً لان ينتظر «حتى تقوم القيامة» من اجل تشكيل الحكومة»، وسأل «اذا كانوا متمسكين الى هذه الدرجة بالنواب الستة، فلماذا لم يُسمّوا واحداً منهم لتشكيل الحكومة، علماً ان الحزب لم يسمّيني اصلاً لتشكيل الحكومة»، مشيرا ان النواب السّتة استعملوا «كحصان طروادة» لعرقلة تأليف الحكومة».
وكشف الرئيس المكلّف عن «ان بعد إعلان «القوات اللبنانية» قبولها بالعرض الحكومي، انتظر الجميع تشكيل الحكومة ، وقلت لبري بأنني ذاهب الى بعبدا إما لاعلان الحكومة بمن حضر او لاعلان حكومة بمشاركة الجميع، لكن يبدو ان البعض كان يراهن على ان «القوات» تعطّل التأليف، لكنها وافقت على العرض، فقالوا لم يعد امامنا حل الا ان نأخذ المهمة بيدنا».
اضاف:«لا اخفي عليكم انني لم اكن راضياً عن الكثير من المعايير والشروط التي رافقت عملية التأليف، واصطدمت مع الكثير من الزملاء من كل الاحزاب والتيارات، وكنت اعتبر ان كل محاولة لخلق اعراف جديدة لتأليف الحكومات غير مقبول ولن اسير به، والحديث كان عندها عن الاحزاب ضمن طوائفها وهو امر يحتاج الى اعادة نظر، خصوصا ان هناك احزاباً غير منغلقة على طوائفها»، مشدداً على «ان لا يمكن لأحد ان يحتكر طائفة ويتحدث عن الاحتكار عند الطوائف الاخرى».
وجزم:«أنّني لم أعد قادرًا على إقناع نفسي بأنّني «أم الصبي»»، لافتًا إلى أنّ «إتفاق الطائف هو دستورنا وكلّ الإستقرار الموجود هو بسبب الطائف وأنا أؤكّد على هذا الإتفاق»، منوّهًا إلى «أنّني لا أشكّك بنيّة «حزب الله» ولكن هذا المشكل تمّ افتعاله وأعرف موقفي، وأعرف أنّ هناك سنّة خارج «تيار المستقبل»، وليس «حزب الله» من يقول لي عليك تمثيل فلان أو علان»، مبيّنًا «أنّني كنت أؤكّد أنّ المشكل داخلي واليوم المشكلة جوهرية بكيفيّة إدارة الحكومة، وبكلّ محبّة أقول إنّه لو كان النواب السنة ضمن كتلة واحدة، لكنت مجبرًا على تمثيلهم».
وأفاد الحريري بأنّ:«هناك واقعًا حقيقيًّا سيواجهه لبنان وهناك عقوبات مرّت في الكونغرس الأميركي، وسيوافق عليها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وهذا الواقع سنواجهه ومنذ البداية قلنا إنّ «حزب الله» يمثّل جزءًا من الشعب اللبناني ونحترم ذلك»، معلنًا أنّه «لو كان هناك حلّ للعقدة الحكومية، لكنت ذهبت إلى رئيس الجمهورية»، مشيرًا إلى أنّ «قانون الإنتخاب سمح لـ«سنة 8 آذار» بالتمثيل وأنا كنت أعلم أنّني سأخسر في هذه الإنتخابات ولكن لن أدفع الفاتورة مرّتين».
ورأى أنّ ما يكتب حول وجوده في السعودية عند اعلان استقالته ، «هو ضمن حملة التهويل عليّ وهناك محاولات لكسر سعد الحريري ولن أنكسر». ووجد أنّ «ما حصل في الملف الحكومي هو في وجه رئيس الحكومة المكلف ورئيس الجمهورية»، مؤكدًا أنّ «الوضع الإقتصادي محرج، يجب العلاج الدقيق له، ولدينا إمكانية للخروج من هذه الأزمة بسبب «مؤتمر سيدر» و«مؤتمر بروكسل»، لكن لماذا نعطل وعلى من؟ على الناس، كلّ الأفرقاء الّذين تفاوضت معهم موافقين على «سيدر»». كما أوضح «أنّني انتظرت إلى اليوم (امس) للردّ على الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله بعد التفكير بوضع البلد، وفي النهاية سيقول موقفه وأنا قلت موقفي اليوم».
وعن تلويحه مسبقا بالإعتذار اجاب «كل شي بوقته حلو».
وكان الحريري استقبل ظهرا الوزير السابق محمد الصفدي، كما تلقى اتصالا هاتفيا من رئيس الوزراء البلغاري بويكو بوريسوف، دعاه خلاله لزيارة بلغاريا، ثم التقى مساء الوفد الصيني الذي يزور لبنان حاليا برئاسة نائب رئيس المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني تشان شياكوانغ والوفد المرافق، في حضور السفير الصيني في لبنان وانج كجيان والوزير السابق عدنان القصار، وجرى عرض للعلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تفعيلها.