أكد الرئيس سعد الحريري أنه «أينما كان موقعه السياسي، لن يترك سبيلا، ولا طريقة، وسيدور العالم، ليدافع عن لبنان، وعن اللبنانيين»، ونقول لكل الناس، إنه بعد 15 سنة، ليس فقط رفيق الحريري باقيا، رفيق الحريري يبدأ...من أول وجديد!».
وقال: «أنا خرجت بإرادتي، وأكد أنه لن يذهب إلى أي مكان، وهو باق في بلده، وبيته وبين أهليه، وبالعمل السياسي أيضا، وأن «تيار المستقبل باق، وأن أهل السنة من أساسات هذا البلد، وإذ نعى «التسوية الرئاسية»، أشار إلى أنها «عاشت 3 سنين، واليوم صارت من الماضي، وبذمة التاريخ»، وبعد أن انتقد «عقلية حروب الإلغاء»، كشف أنه «كان المطلوب منه دائما، أن يؤمن العلاقة مع رئيس الظل، ليحمي الاستقرار مع الرئيس الأصيل».
مواقف الحريري جاءت خلال خطاب ألقاه في مهرجان أقيم في «بيت الوسط» لمناسبة الذكرى 15 لاستشهاد والده الرئيس رفيق الحريري، في 14 شباط 2005، جال على الحضور واستقبلهم شخصيا، كان لافتا دخوله القاعة برفقة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان والرئيس فؤاد السنورة، فيما برز من الحضور :النائب ميشال موسى ممثلا رئيس مجلس النواب نبيه بري، رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط ممثلا النائب السابق وليد جنبلاط ، الوزيرة السابقة مي شدياق ممثلة رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع، وممثلين عن «الكتائب» و»المردة» ونواب ووزراء سابقين، وعن قادة الأجهزة الأمنية وسفراء عرب واجانب من بينهم: سفراء: المملكة العربية السعودية وليد بخاري، الإمارات حمد الشامسي، مصر ياسر علوي، الولايات المتحدة إليزابيث ريتشارد، فرنسا برونو فوشيه، الاتحاد الأوروبي رالف طراف والصين وانغ كيجيان، وشخصيات وحشد كبير من المواطنين.
السفير السعودي وليد بخاري في مقدمة السفراء الحاضرين
الحريري
وثم القى الحريري كلمة بداها بالقول « اغتيال الرئيس رفيق الحريري منذ 15 سنة، كان منعطفا تاريخيا في حياة لبنان، تغيرت فيه معادلات سياسية وأمنية وإقليمية...وبعد 15 سنة، لبنان أمام منعطف تاريخي جديد.
ووجه « تحية لروح الرئيس الشهيد رفيق الحريري وأرواح رفاقه الشهداء، وكل شهداء ثورة 14 آذار، التي تبقى عنوانا لنهاية الوصاية والنظام الأمني» ، فتضحيات الشهداء فتحت أبواب السجن الكبير، وحررت قرارات وزعامات من الهيمنة والأسر والنفي.
وقال: «15 سنة طحنت فيها، واجهت، وتعلمت، وأخطأت، وربحت، وطعنت، وصبرت، وتعرفت على أوادم وصادقين ورفاق درب، وعلى وصوليين وانتهازيين، واكتشفت الأهوال في نادي السياسيين والزعماء، لكن بعد كل طعنة، أشعر بوفائكم، وأعود وأقول لنفسي: «ما بيصح إلا الصحيح».
النائب تيمور جنبلاط ممثلاً الحزب الاشتراكي
اضاف: «في الشهرين الأخيرين، سمعنا وقرأنا ورأينا أنه يا لطيف، راح تيار المستقبل، وسعد سافر، ومش راجع، والسعودية ما بدها اياه، وأميركا ما بدها اياه، وبعد شوي الصين كمان.
والأجمل أنهم يريدون أن يقفلوا بيت الوسط. دعوهم يكتبون، ودعوهم يبثون، ودعونا نحن نخبرهم الحقيقة: أن تيار «المستقبل»، تيار شهيدنا، تيار العروبة والاعتدال والدولة المدنية، باق في قلوبكم، وعلى قلوب الحاسدين!
واذ اعتبر انه في هذه الإيام، القيامة قايمة بالبلد على كل السياسيين، وكلن يعني كلن، لا أحكام عفو عن أحد، ولا أسباب تخفيفية لأحد، ونحن بكل صراحة، لسنا بوارد ركوب موجة الغضب الشعبي، وتحييد أنفسنا عن الطبقة السياسية، في الوقت الذي نرى فيه وجوها سياسية كثيرة أصبحت نجوم ثورة على الشاشات»، قال « لكن المشكلة، أن رفيق الحريري مطلوب رأسه من جديد، وهناك منظومة سياسية، بدأت تفتح ملفات وتتحدث عن بدائل الحريرية وسقوط الحريريين، ولا تزال تلاحق الرئيس الشهيد منذ التسعين، لتحميله مسؤولية التدهور الاقتصادي والدين العام، ليس ذلك فقط، «فلتانين على مواقع التواصل» لتحميله مسؤولية صفقة القرن ومسخرة فزاعة التوطين، نحن ضد أي توطين، والدستور يمنع التوطين، والتوطين غير وارد، ونقطة على السطر!
الرئيس السنيورة ونواب من «المستقبل» وشخصيات على ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري (تصوير: طلال سلمان)
وتابع الحريري «ان أخطر من ذلك كله، الكلام عن بدء العد العكسي لاتفاق الطائف، وإعادة لبنان إلى ما قبل 1989، وكل ذلك لإنهاء الحريرية وقبل ذلك القضاء على سعد الحريري»، واعتبر انه « بعد الاغتيال، تم تنظيم أكبر مسلسل تعطيل في تاريخ لبنان للدولة والمؤسسات الدستورية، اغتيالات وحروب إسرائيلية وتورط في حرب سوريا وإرهاب، وتعليق عمل مجلس النواب وتأخير تشكيل الحكومات وتعطيل جلسات مجلس الوزراء، 30 سنة، كان جميعهم فيها، وكثر كانوا قبلها، «عملوا فيها السبعة وذمتها»، وفي نهاية المطاف، لم يفعلوا سوى تحميل رفيق الحريري وسياسات الحريري، مسؤولية الدين العام والانهيار الاقتصادي.
وتطرق الحريري الى التسوية الرئاسية فقال: حين أخذت في صدري التسوية لانتخاب رئيس جمهورية، وسرت عكس المزاج العام، والبعض كان يرى التسوية توزيعا للسلطة بين رئيس جمهورية ورئيس حكومة، لكننا رأيناها حماية للبلد من فتنة أهلية، ومنع انتقال الحريق السوري الى لبنان ، والسبيل الممكن لوقف الدوران بالفراغ الرئاسي وتعطيل المؤسسات.
واوضح انه « قبل التسوية حاولت أن أفتح الطريق، للتوافق على اسم الصديق سليمان بك فرنجية للرئاسة، لكن ماذا أفعل إذا كان حلفاؤه، منعوا انتخابه؟ التسوية عاشت 3 سنين، واليوم صارت من الماضي، وبذمة التاريخ، وبعد أن أقمنا التسوية، أي الاستقرار السياسي والأمني، بقي علينا تحريك الاقتصاد، نظمنا مؤتمر «سيدر»، وأمنّا فيه 12 مليار دولار للاقتصاد، ولو نفذت إصلاحات باريس 2 منذ 18 سنة أيام رفيق الحريري، ما كان البلد وصل إلى هنا! واذ وجه تحية للصديق وليد بك جنبلاط، مؤكدا التحالف الثابت معه»، انتقد « عقلية حروب الإلغاء، مع الاشتراكي، والقوات، والحراك، والآن الحريرية وتيار المستقبل!
وشرح الحريري ما حصل بالقول « حاولت تأمين استقرار للعلاقة بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، الرئيس عون يعرف احترامه عندي، ويعرف كم أنا أحفظ له مواقفه معي، تماما كما هو يحفظ لي مواقفي معه، لكن مع الأسف وصلت إلى مكان مضطر أن أقول فيه، إني تعاملت مع رئيسين، وكان المطلوب مني دائما، أن أؤمِّن العلاقة مع رئيس الظل، لأحمي الاستقرار مع الرئيس الأصلي».
ورأى انه أول حكومة بعد التسوية، قال: هذه ليست حكومة العهد، لأن حكومة العهد لا تكون إلا بعد الانتخابات النيابية، ثاني حكومة بعد الانتخابات، قال: حكومة العهد، وحين لم يحصل ما يريده، بعد 8 أشهر تعطيل، وشكلت، نام وأفاق، وقال: حكومة العهد هي التي ستأتي من دون سعد الحريري، «صحتين على قلبه»ن الآن باتت لديك حكومة العهد، «طيرت نصف العهد بالتعطيل وحروب الإلغاء، وخربت العهد، وسجلت انهيار البلد على اسمك واسم العهد، برافو!
واشار « أن 17 تشرين يوم مفصلي وجرس إنذار للعهد والحكومة ومجلس النواب، وشخص واحد فقط، لا يريد أن يرى، ولا يريد لأحد في قصر بعبدا أن يرى.
واعتبر الحريري ان « التحرك الشعبي صار شريكا بالقرار السياسي، الشابات والشبان يطالبون بفرصة لتغيير حقيقي وسلمي، عن طريق إجراء انتخابات نيابية مبكرة، كتلة المستقبل، ستقدم اقتراح قانون جديدا كما ورد في اتفاق الطائف، بأسرع وقت.
واكد اننا « في لبنان لسنا في جزيرة اقتصادية بمعزل عن دعم الأصدقاء والدول المانحة والمؤسسات المالية الدولية، وبغياب الثقة مع الأشقاء العرب، وتحديدا مع مصر والسعودية والإمارات والكويت وباقي دول الخليج العربي، من يرى غير ذلك ليجرب كل النظريات الاقتصادية.
واشار الحريري ان «أموال إيران الكاش تحل أزمة حزب، لكنها لا تحل أزمة بلد».
وتطرق الى البيت الداخلي للتيار فقال «ليس مقبولا أن يعمل التيار باللحم الحي، ويكون ملجأ لمتسلقين ووصوليين ومستوزرين، وليس سرا أبدا، أن الأزمة المالية انعكست على أنشطة التيار، وقد شددنا الحزام حتى النهاية، وبالنسبة للتيار أنا المسؤول، وأنا المعني الأول بتوفير شروط العمل، وهذا أمر سأستمر فيه مهما كانت الكلفة ومهما أقدرني عليه رب العالمين.
واضاف :: اختلفت مع 80% من السياسيين حول أمور داخلية وإقليمية، وإذا كان مصيري السياسي مرتبط بخيار منع الفتنة، ومنع تكرار الحرب الأهلية، أهلا وسهلا، اولا، لأني ابن رفيق الحريري، وعملنا هو الإعمار وليس الدمار، وتاريخنا تعليم الشبان والشابات وليس حرقهم، وثانيا، لأن تيار المستقبل «حيطو مش واطي»، ولا يعمل لخدمة أجندات أحد من القوى السياسية.
وعن شعور الطائفة السنية عموما، ولجمهور تيار المستقبل، بالإقصاء، وأنه وحده ممثلهم بالتركيبة، هو من دفع الثمن وخرج من رئاسة الحكومة، اعلن الحريري « أنا خرجت بإرادتي، الديمقراطية لا تسير من دون مسؤولين ديمقراطيين، وعندما رأينا نوع الحكومة التي يتم تركيبها، قلت بصراحة: لا أريد أن تتم تسميتي، ما يفعله غيري هو شأنه، ولن أزيد كلمة على كلام مطران بيروت، قبل بضعة أيام، في عيد مار مارون.
وختم الرئيس الحريري « أنا لن أذهب إلى أي مكان، أنا باق، في بلدي، وبيتي وبين أهلي، وبالعمل السياسي أيضا، وأهل السنة من أساسات هذا البلد، وهذا المجتمع، وأهل السنة باقون، ولن يذهبوا إلى أي مكان، وأنا أعدكم، أينما كان موقعي السياسي، لن أترك سبيلا، ولا طريقة، وسأدور العالم، لأدافع عن لبنان، وعن اللبنانيين!».
وكان الاحتفال قد بدأ بالنشيد الوطني، أعقبه كلمة مسجلة لأرملة الشهيد نازك الحريري، استذكرت خلالها « مسيرة عطاء ومحبة وحكاية نجاح، تتناقلها الأجيال».
بعد ذلك عرض فيلم وثائقي بعنوان «الإنجازات الحريرية ومحطات التعطيل»، كما شمل عرض «محاولات الرئيس سعد الحريري، لإيجاد حلول للمشاكل الاقتصادية، لا سيما في قطاع الكهرباء، لكن محاولات التعطيل كانت أكبر».
وكانت امت ضريح الرئيس الشهيد في وسط بيروت – قرب جامع الامين، شخصيات سياسية ونيابية وحزبية وشعبية، قرات الفاتحة عن روح الشهيد الحريري ورفاقه الأبرار، كما اضيئت الشعلة بالتزامن مع لحظة استشهاده مقابل السان جورج.