بيروت - لبنان

اخر الأخبار

29 حزيران 2018 12:00ص الحريري من بعبدا يجدِّد تمسّكه بالتسوية: الدستور واضح في عملية التأليف

لم أسمع بطرح الـ24 وزيراً وما زلنا على حكومة الـ30 ولا وجود لمعارضة سنِّية

حجم الخط
وكأن الأسبوعين الماضيين اللذين مرّا في مرحلة مشاورات تشكيل الحكومة قد وليّا، بعدما اتفق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري في لقائهما أمس على إعادة الملف الحكومي إلى المسار الذي يجب وضعه فيه.
انه الوقت للعمل الجاد نحو إنجاز التشكيلة الحكومية، فالتعثر والعراقيل والأخذ والعطاء، لا بدّ من تجاوزها من أجل تحقيق الهدف. وبدا من الأجواء المحيطة ان الرئيسين عون والحريري سيقودان اتصالات مع من «يمونان» عليهم للوصول إلى معالجة العقد.
وأوضحت مصادر مطلعة لـ«اللواء» ان الجلسة بينهما كانت إيجابية ومثمرة، وانها لم تقتصر على موضوع واحد، إنما عدّة مواضيع (أمن واقتصاد وزيارة المستشارة الالمانية انجيلا ميركل والخطة الاقتصادية التي تضعها شركة ماكينزي).
وأشارت المصادر إلى ان ملف تشكيل الحكومة وضع على المسار اللازم على الرغم مما برز من تعثر وعراقيل، والأجواء التي تحدثت عن خلل في العلاقة بين الرئاستين الأولى والثالثة.
وأفادت ان الرئيسين لم يحددا موعدا لولادة الحكومة، باعتبار انها قد تحصل في أي لحظة، كما كان عليه الحال في الحكومات السابقة، كاشفة ان رئيس الجمهورية يعتبر ان الأمور بدأت تسلك منحى أفضل مما كانت عليه سابقاً.
وأشارت إلى ان الاتصالات ستتكثف في الساعات المقبلة حتى يتبلور تصوّر يتجاوب مع مضمون كلام الرئيسين، مؤكدة ان ما من اشكال في التعاون والعلاقة بين الرئيسين عون والحريري، متحدثة عن رغبتهما في إزالة كل الالتباسات وبذل جهد مشترك لمعالجة أي خلل، ومن هنا برز توجه لإنهاء ملف تشكيل الحكومة سريعاً.
وتوقفت عند الكلام الذي أشار إليه الحريري بعد لقائه رئيس الجمهورية، ولا سيما لقاء التسوية الرئاسية وإزالة الضغط لأنه من خلال التشنج بين الأطراف، لا يُمكن معالجة أي شائبة، ولذلك برزت الدعوات إلى التعاطي بهدوء مع هذا الأمر.
وأكدت ان المناخات السلبية تعقد التشكيل، اما المناخات الإيجابية فتسّهل إنجاز الملف، متحدثة عن قيام جهد لترجمة المناخ الهادئ.
ولاحظت المصادر ارتياح الحريري للقاء، نافية ان يكون حمل معه أي تصوّر جديد، قائلة أن صيغة الـ24 وزيراً غير صحيحة، وأن صيغة الـ30 وزيراً لا تزال قائمة، والعمل جار على إزالة التباسات الحصص («القوات»، الدروز)، اما الحصة لما يعرف بالمعارضة السنيّة، فغير قائمة اصلاً، وكان الحريري واضحاً في كلامه.
ولفتت إلى انه بدءا من الأمس، قام جو يناقض الجو المتشنج الذي ساد في الأسبوعين الماضيين، رافضة ان يكون هدف بيان رئاسة الجمهورية التصعيد بقدر ما هو توضيح الموقف الرئاسي.
وأشارت إلى انه بالشتائم أو بالضغوط، لا يُمكن لأي حكومة أن تبصر النور ولذلك لا بدّ من إبقاء الهدوء قائماً، كاشفة ان عون والحريري متفقان على إنجاح مساعي تشكيل الحكومة، إذ ان هذه الحكومة التي تعد حكومة العهد الأولى هي من مصلحة الرئيس، كما ان الحريري متمسك بهذه الحكومة.
وتحدثت المصادر عن لقاءات سيكون محورها بعبدا والسراي، لا سيما ان هناك تصميماً لدى رئيسي الجمهورية والحكومة على الحل.
تصريح الحريري 
وكان الرئيس المكلّف سعد الحريري، وصل الى قصر بعبدا عند الرابعة والنصف عصرا، والتقى الرئيس عون في قصر بعبدا، وقال بعد اللقاء: عقدت اجتماعا مع فخامة الرئيس من اجل استكمال مشاورات تشكيل الحكومة. ان الدستور واضح جدا لجهة دور فخامة الرئيس ودوري انا شخصيا في عملية التشكيل، فكل ما يقال بالتالي من البعض من تكهنات وتوقعات لا دخل له بالصلاحيات وبدور فخامة الرئيس الذي هو الحامي الاول للدستور. ان صلاحيات رئيس الحكومة في هذا الموضوع معروفة ايضا، وآمل الا يثار اي لغط حول هذه المسألة لان التفاهم بيني وبين فخامة الرئيس قائم حول كل التفاصيل في هذا السياق. كنت قد اشرت سابقا الى وجود بعض الامور التي تحتاج الى العمل بهدوء من اجل التوصل الى حل بشأنها، وهذا تماما ما يحصل رغم محاولة البعض تضخيمه اكثر مما يستحق او افتعال مشاكل في البلد لجهة التخويف من عدم الوصول الى حل. انني اطمئن الى اننا سنصل الى حل، وانا لا زلت على تفاؤلي في هذا الموضوع، وبعد الانتهاء من الانتخابات النيابية، فإن كل الاطراف السياسية متفقة على الاسراع في تشكيل الحكومة، وبالتالي بتنا قريبين من الحلحلة ومن ان يحصل كل فريق على حصته كما يجب، والجميع يظهر تعاونا في هذا السياق، ولا نفع من اي تصعيد او مواجهة في الاعلام».
اضاف: «ان كل فريق، ايا كانت حصته، من المفترض ان يتمثل في الحكومة لخدمة الشعب اللبناني وليس لخدمة تياره او حزبه، واذا اعتمدنا هذه المقاربة، يمكن عندها الوصول الى حيث نريد جميعا. لقد ناقشت مع فخامة الرئيس زيارة المستشارة الالمانية وموضوع النازحين، واتفقنا على البقاء على تواصل لمواجهة هذه التحديات معا، كما ان الوضع الاقتصادي صعب والنمو ليس كما نرغب فيه، فنسبته تصل الى 1.5 أو 2% وهو عرضة للتراجع اذا لم نسرع في تشكيل الحكومة، انما لا ارى اننا نسير في هذا الطريق، بل آمل ان نشهد زيادة في النمو الاقتصادي، خصوصا اذا اسرعنا في تأليف الحكومة والاستفادة من مقررات مؤتمر «سيدر» والدراسات التي اجرتها شركة «ماكنزي». وهناك ايضا المسألة الامنية، ورغم ان لبنان يشهد وضعا امنيا جيدا، الا انه يجب الحفاظ عليه، وكلما ساد الوفاق في البلد انعكس الامر ايجابا على الاوضاع فيه». 
وتابع: «ان التسوية التي اجريناها سابقا مع فخامة الرئيس لا زالت قائمة، وقد قلت قبل الانتخابات وبعدها، ولا زلت على موقفي، بوجوب حماية التسوية مهما كان الثمن لانها لمصلحة البلد. صحيح كانت هناك فترة سابقة شهدت بعض الاختلاف في الرأي داخل الحكومة، ولكن الجميع متفق على الاستقرار الاقتصادي والامني وهو الذي اسس لما نشهده اليوم من استقرار. لذلك، لا يحاول احد اللعب على وتر التسوية مع فخامة الرئيس لانه سيواجهنا معا، والاتفاق مع فخامة الرئيس تام على كل الامور».
وعما اذا كانت الزيارة هي للتشديد على ان التسوية مع فخامة الرئيس قائمة، دون تناول مسألة الحكومة؟ اجاب: «كلا، لقد تحدثت معكم عن كل الامور وليس فقط عن التسوية رغم اهميتها، ولكن الجميع يريد المحافظة على ما لدينا من اجل الابقاء على الاستقرار في البلد، ونحن اقررنا موازنات وقانون انتخاب، وشهدنا اقامة مؤتمرات دعم دولية للبنان، ولا احد يمكن ان ينكر اهمية التسوية في هذا السياق، وكل من يعمل ضد هذه الاجواء انما يعمل ضد البلد».
وحول حل العقبات التي تعرقل الاعلان عن الحكومة، قال الحريري: «لقد تحدثت مع فخامة الرئيس حول بعض الامور العالقة، واتفقت معه على طريقة عمل ستظهر خلال الايام المقبلة».
وعن الامور العالقة، اجاب: «لا يمكن ان اكشفها مخافة ان يتم تضخيمها، بينما هي بسيطة. انما يمكن القول اننا قريبون ونحتاج الى بعض العمل والجهد الاضافيين».
ونفى الحريري ان يكون تم تحديد اي مهلة للتشكيل، وعن موقفه من المعارضة السنية، قال «لا يمكن اعتبار بلال عبد الله او فؤاد مخزومي او الرئيس نجيب ميقاتي او اسامة سعد من المعارضة السنيّة. هناك نقاش يجري وسيصل الى مكان محدد، وسأدرس القرار الذي يجب علي اتخاذه».
ونفى الحريري ما يتداول ان الحكومة ستكون من 24 وزيرا، بالقول «لم اسمح بهذا الطرح،  واكد اننا  «لا زلنا نعمل على تشكيل حكومة من 30 وزيرا».
اما عن موقفه من بيان رئاسة الجمهورية حول صلاحيات الرئيس، اجاب: «انا لا زلت على كلامي. كانت تحصل امور في السابق بهدف التفاوض كما حصل في الحكومة السابقة، وكل الامور قابلة للكلام بروية. ونحن قادرون على الوصول الى حلول مع الافرقاء، وضمن اطار الاجواء الهادئة، كالقرار الذي اتخذته القوات اللبنانية بعدم التصعيد او الحديث الاعلامي. انما في جو متشنج، لا يمكن لاحد ان يتراجع عن مطالبه، على عكس ما يمكن ان يحصل اذا كانت الاجواء مغايرة وملائمة للحوار. ان ما اطلبه هو التهدئة لحلحلة الامور».
وحول التزامه بما حدده بيان الرئاسة من سقف النقاش في المفاوضات الحكومة بالاحجام التي افرزتها الانتخابات،  قال الحريري «افرزت الانتخابات مجلسا نيابيا سيدرس اعطاء الثقة للحكومة، وانا لا احبذ الكلام عن الاحجام لانه بذلك نكون قد وضعنا اطارا لا يمكننا الخروج منه. ان العمل الذي اقوم به محصور بتشكيل حكومة يرتاح فيها الجميع لجهة تمثيله، وكي نصل الى هذه النقطة علينا ان نوقف التشنجات والتصعيد وعندها، يمكن ان نشهد بعض التنازلات من كل الاطراف. في مرات سابقة، شهدنا حكومة تضم وزراء سنة اكثر من الشيعة، وهذا مرده الى التفاهم الذي حصل. فعلينا بالهدوء والروية وسنصل الى حل». 
وفي نشاطه، استقبل الحريري في «بيت الوسط»، السفير البابوي الجديد المونسنيور جوزف سبيتاري في زيارة بروتوكولية، بعد تقديم اوراق اعتماده. بعد اللقاء قال سبيتاري انه نقل الى الحريري تحيات البابا فرنسيس آملا أن يتمكن من العمل على تأمين كل الدعم اللازم للبنان وحكومته».
كما استقبل مديرة قسم الشرق الاوسط وغرب آسيا في دائرة الشؤون السياسية التابعة للامم المتحدة سوزان روز وعرض معها التطورات محليا واقليميا.
واستقبل الرئيس الحريري، مساء امس، في «بيت الوسط» وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أليستر بيرت، يرافقه السفير البريطاني في لبنان هيوغو شورتر، في حضور الوزير غطاس خوري ومستشار الرئيس الحريري لشؤون النازحين الدكتور نديم المنلا، وجرى عرض للأوضاع العامة محليا وإقليميا والعلاقات الثنائية بين لبنان وبريطانيا.
وخلال اللقاء، أهدى الوزير بيرت الرئيس الحريري قميص المنتخب البريطاني لكرة القدم، والذي يحمل الرقم «10» واسم الرئيس الحريري.