بيروت - لبنان

اخر الأخبار

5 آب 2020 06:51م بيروت "المنكوبة" تحتضن عشرات المفقودين.. و135 شهيداً و300 ألف مشرد

حجم الخط
مازال لبنان الفينيق يحتضن تحت رماده، عشرات المفقودين بعد انفجار وقع امس، وهز اركان عاصمته التي أُعلنت مدينة منكوبة، وبين ايمان ورجاء، تبحث فرق الإسعاف عن "ضحايا" وسط الركام في مرفأ بيروت وبين مبان سويت بالارض بفعل كارثة بحجم "نووي" وقوة "زلزال"، احصت 135 شهيدا وخلفت خمسة الاف جريح حتى الساعة.

ولا تزال بيروت، "المدينة المنكوبة"، تحت وطأة الصدمة، غداة انفجار اسهم بتشريد 300 ألف، اضافة الى شهداء ومصابين و80 مفقودا حتى الساعة، بحسب التصريح الاخير لوزير الصحة حمد حسن.

مالذي حصل؟
نتج الانفجار، بحسب السلطات، عن تخزين 2750 طنا من مادة نيترات الأمونيوم في مستودع في مرفأ بيروت "من دون أي تدابير للوقاية"، ويعتبر الأضخم في تاريخ لبنان الذي شهد سنوات شديدة الاضطراب منذ عقود.

ويأتي الانفجار وسط أزمة اقتصادية خانقة لم يشهد لها لبنان مثيلا في الحقبة الحديثة، ونقمة شعبية على كل الطبقة السياسية التي يتهمها المواطنون بالعجز والفساد. وقد فجّر غضبا متصاعدا تجلّى خصوصا عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.

وقال محافظ بيروت مروان عبود الأربعاء لوكالة فرانس برس "إنه وضع كارثي لم تشهده بيروت في تاريخها".

وقال "أعتقد أن هناك بين 250 و300 ألف شخص باتوا من دون منازل، لأن منازلهم أصبحت غير صالحة للسكن"، مقدرا كلفة الأضرار بما بين ثلاثة وخمسة مليارات دولار، في انتظار أن تصدر التقارير النهائية عن المهندسين والخبراء، وأضاف "نحو نصف بيروت تضرّر أو تدمر".

وقال إيلي زكريا الذي يسكن حي مار مخايل القريب من المرفأ مستذكرا ما حصل بالأمس، "لا أعرف ماذا أقول.... جحيم... لم نر في حياتنا مثل هذا. مشهد مروّع ومخيف". وأضاف "كان الأمر أشبه بتسونامي او هيروشيما".

"زلزال"
ووقع الانفجار بعيد الساعة السادسة مساء الثلاثاء (15,00 ت غ). وأشار مصدر أمني إلى وقوع انفجارين متتاليين.

وقال المعهد الأميركي للجيوفيزياء إنّ الانفجار سُجّل مثل زلزال بقوة 3,3 درجات على مقياس ريختر.

وأفاد الصليب الأحمر اللبناني في آخر حصيلة أن الانفجار أوقع أكثر من مئة قتيل وأربعة آلاف جريح، مشيرا الى أن فرقه لا تزال تقوم بعمليات بحث وإنقاذ في المناطق المحيطة بموقع الانفجار.

المشهد مأساوي في مكان الانفجار الذي هزّ كل لبنان وصولا الى جزيرة قبرص على بعد 200 كلم؛ ركام، وبقايا دخان حرائق، وعنابر لم تعد موجودة.

وعمل رجال الإنقاذ بدعم من عناصر الأمن طوال الليل بحثا عن ناجين أو ضحايا عالقين تحت الأنقاض. ووصلت المستشفيات التي تتعامل مع الإصابات بوباء كوفيد-19، الى أقصى طاقاتها الاستيعابية. وجال مصابون خلال الليل على مستشفيات عدة لم تكن قادرة على استقبالهم.

شوارع مدمرة
وكانت معظم شوارع العاصمة الأربعاء مليئة بحصى وزجاج وأوراق وأغراض طارت من المكاتب التي تحطمت أبوابها ونوافذها. كما كانت سيارات محترقة موجودة هنا وهناك. ووصلت الأضرار الى الضواحي والى مناطق بعيدة نسبيا عن مكان الانفجار.

وأعلن رئيس الحكومة اللبناني حسان دياب الحداد الوطني على "ضحايا الانفجار" لمدة ثلاثة ايام، حيث قال خلال اجتماع للمجلس الأعلى للدفاع الثلاثاء "من غير المقبول أن تكون هناك شحنة من نيترات الأمونيوم تقدّر بـ2750 طنّاً موجودة منذ ستّ سنوات في مستودع، من دون اتّخاذ إجراءات وقائية، ... لن نرتاح حتى نجد المسؤول عما حصل ومحاسبته".

وبدأت الأجهزة المعنية تحقيقا في الحادث، وكان مصدر أمني قال لوكالة فرانس برس إنّ المواد الموجودة في المستودع مصادرة منذ سنوات من باخرة في مرفأ بيروت حدث بها عطل، وموضوعة في "العنبر رقم 12 في المرفأ"، مشيرا الى أنه لم تتم "متابعتها بالشكل المطلوب"، ويدخل الأمونيوم في تركيبة مواد شديدة الانفجار.

وبدا واضحا أن الإهمال هو السبب الأول للانفجار، ما أثار غضب اللبنانيين الذين يتداولون على مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاغ "علقوا_المشانق"، مطالبين بمحاسبة جميع المسؤولين.

مساعدات
وبدأت المساعدات الطبية العاجلة والمستشفيات الميدانية الوصول إلى لبنان الأربعاء، بعد أن هرعت دول العالم إلى عرض مساعداتها وتقديم تعازيها إثر الانفجار.

وعبرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) الأربعاء عن خشيتها من حصول "مشكلة في توفر الطحين" في لبنان "في الأجل القصير" بعدما أتى الانفجار على إهراءات قمح.

وأعلنت الرئاسة الفرنسية أن الرئيس إيمانويل ماكرون سيزور لبنان الخميس للقاء "كافة الأفرقاء السياسيين".

وسيلتقي ماكرون نظيره اللبناني ميشال عون ورئيس الوزراء، في وقت أرسلت فرنسا ثلاث طائرات محملة بالمساعدات الإنسانية الى لبنان.

وبعد ظهر الأربعاء، سيجمع رئيس الحكومة الفرنسي جان كاستيكس الوزراء الأساسيين المعنيين ب"تنسيق كل المساعدات ومواد الإغاثة" إلى بيروت.

وتلقى وزير المالية غازي وزني، اتصالا اليوم، من نظيره الفرنسي Bruno Le Maire الذي استفسر عن "حاجات لبنان لينقلها إلى الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون الذي سيزور لبنان غدا".

وأعرب عن "تضامن فرنسا مع اللبنانيين بعد الانفجار المخيف الذي وقع أمس في بيروت"، مؤكدا "وقوف بلده إلى جانب لبنان من خلال إرسال المساعدات كافة لدعم المتضررين".

ونقل وزني الى Le Maire حاجة لبنان الى المساعدة الفرنسية على مختلف الصعد الغذائية والطبية ومواد البناء وطلب منه مساعدة لبنان من اجل تامين ضمان فتح اعتمادات للخارج".

ووصلت الى بيروت الأربعاء مساعدات من الكويت، بينما قامت فرق في قاعدة العديد الجوية في قطر بتحميل أسرة قابلة للطي ومولدات بالإضافة إلى معدات طبية اخرى على متن طائرة شحن قطرية، هي واحدة من أربع طائرات ستصل لبنان.

من جهتها عرضت الولايات المتحدة أيضا المساعدة وكذلك المانيا.

وأمر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني الأربعاء بتجهيز مستشفى عسكري ميداني لإرساله إلى لبنان.

وأعلنت السلطات الهولندية أنها أرسلت 67 عامل إغاثة إلى بيروت بينهم أطباء ورجال شرطة ورجال إطفاء.

وقدّمت روسيا والإمارات العربية المتحدة وسوريا والكويت ومصر والجامعة العربية والأردن والعراق التعازي بالضحايا، فيما أكّدت إيران دعمها لبنان.

اعداد "اللواء"