تتفاقم أزمة إمكانية دفع الإيجارات في ظل الوضع الإقتصادي المأزوم وارتفاع سعر صرف الليرة من جهة والحديث عن ارتفاع سعر الدولار إلى ثلاثة آلاف من جهة ثانية. وفي ظل الإنفجار الإجتماعي وإقفال العديد من المؤسسات والشركات وخفض عدد الموظفين أو إعطائهم نصف راتب، يشكو العديد من المستأجرين من مطالبة المالكين بدفع الإيجار بحسب سعر صرف الليرة الذي يتغير يومياً. فمن يدفع الثمن؟ ومن يحمي الحقّ بالسكن؟
لحلّ مشكلة المالك والمستأجر بالتراضي
رئيس نقابة مالكي العقارات والأبنية المؤجرة في لبنان باتريك رزق الله قال لـ"اللواء" إن هذه الأزمة تذكرنا بالتي حصلت في أواسط الثمانينات ودفع ثمنها المالكون القدامى عندما انخفض سعر صرف الليرة واستمرت أربعين سنة، مبدياً تخوفه من استمرار الأزمة وأن يدفع ثمنها المالكون القدامى لأنه ومنذ بداية ارتفاع سعر الصرف وقيمة الليرة اللبنانية بدأت قيمة بدلات الإيجار تنخفض وتكبّد المالكون خسائر، وأضاف "اليوم قيمة بدلات الإيجار منخفضة عن البدل الرائج بين العشرين والثلاثين بالمئة".
وتابع "في الوضع الحالي الإيجارات انخفضت تلقائيا عندما انخفض سعر صرف الليرة ومعظم بدلات الإيجار لدينا بالعملة اللبنانية ، إذاً الخسائر هي على المالكين وهم دائما الضحية عندما تحصل أزمات نقدية".
وأردف رزق الله "المالك القديم والجديد مواطن يستثمر في قطاع الإيجارات ليؤمن معيشته ومعيشة عائلته وهو يدفع قيمة السلع والخدمات وفق الأسعار الرائجة المرتفعة"
وإذ نفى رزق الله أن يكون المالكون القدامى يطلبون الدفع بالدولار، قال إن النقابة تصرّ على التعامل بالليرة اللبنانية وطلب من المستأجرين عدم استغلال هذه الأزمة لتحقيق مكاسب من الإيجارات. وبعد تأكيد "اللواء" له أن هذا ما يحصل، وأننا سألنا العديد من المستأجرين الذين أكدوا لنا الأمر، قال إن المالكين قانونياً لا يستطيعون فعل ذلك، وإذا قام المالك بذلك، يمكن للمستأجر أن يرفض ويشتكي علىه.
وطلب رزق الله من المالكين أن يتقاضوا الإيجارات وفق سعر الصرف بمصرف لبنان، "ولكن في حال استمرت الأزمة وانخفض سعر الليرة بشكل كبير جدا نطلب من الدولة التدخل لأننا غير مستعدين لتكبد خسائر إضافية".
كما طالب المالكين والمستأجرين بحل هذه المسألة رضاءً بمعنى أن لا يتكبد أي من المالك والمستأجر خسائر اذا ارتفع سعر الدولار أكثر. كما طالبهم بأن يقسموا الفرق بالنصف وقال ان هناك ايجارات سكنية وغير سكنية متنازع عليها وفق قانون الإيجار الجديد ولفت إلى أن الإيجارات غير السكنية ما زالت تخضع للقانون القديم
هل يقطع المالكون رؤوس المستأجرين؟
من جهته قال رئيس اللجنة الأهلية للمستأجرين المهندس أنطوان كرم إنهم انتفضوا منذ صدور قانون الإيجارات ونزلوا إلى الشارع بأعداد ضئيلة لأن معظم المستأجرين هم من كبار السن والعجزة وذوي الإحتياجات الخاصة وأحداً لم يسمع الصرخة. وأضاف إن صدور القانون الجائر عام ألفين وأربعة عشر، أدى إلى ما أدى إليه وتم تعديل القانون عام ألفين وسبعة عشر، لكن التعديلات كانت طفيفة وزادت الطين بلّة لأنها لم تكن وفقا للمنطق الذي يجعل القانون عادلا ومنصفاً ، كما أن المحاكم لم تبت بالموضوع.
وشبّه كرم ما يحصل اليوم ببناية تتصدّع، مبدياً تخوفه من سقوطها على رؤوس من فيها. وسأل المالكين: هل قضية الدولار تطالكم فقط ولا تطال المستأجر؟ وأضاف "الظلم يلحق الجهتين وما يحصل من مطالبة بالدفع حسب سعر صرف الليرة ووفقاً للتسعيرة الغير رسمية،هو إستضعاف للمستأجر .
وقال كرم إن المادة مئة واثنين وتسعين من قانون النقد والتسليف تلزم قبول العملة اللبنانية ، وعلى المالك أن يقبل بسعر الصرف الرسمي الصادر عن مصرف لبنان والا هناك عقوبة حبس تطال من يرفض استلام العملة اللبنانية، والمادتين السابعة والثامنة من القانون يقولون بتسديد بدلات الإيجار بالليرة وفق السعر الرسمي الصادر عن المصرف.
وأردف كرم "نريد إعطاء المالك حقه لكن ليس على حساب قطع رؤوس المستأجرين، وطالب الماكين بالوعي والحس الوطني قائلاً إن المصالح الخاصة تنتفى في هكذا ظروف. وأشار إلى أن المستأجرين القدامى يجب أن يكون لديهم قانون حماية لافتاً إلى أنهم سبق وقدّموا مشروع اقتراح تعديل قانون لكنه ما زال في أدراج المجلس النيابي، وطالب بمشرّعين لديهم حسٌّ إنساني وأخلاقي يفكر بشعبه.
وتابع كرم "عدد المستأجرين في بيروت وضواحيها يتخطى الخمسين بالمئة لذلك لا يمكن التغاضي عن الوضع الإجتماعي للمستأجرين، فالأمن الإجتماعي عماده الأمن السكني،و دولة لا تحمي شعبها ليست دولة".
وأشار كرم إلى بدعة تخمينات الخبراء الذي يستلزم خبيرين لكل من المالك والمستأجر وكلها بالدولار وقال إن هذا لا يجوز، ويجب أن يكون التخمين بموجب العملة الوطنية وليس على الخبير التسعير بالدولار.
ماذا يقول القانون؟
على خط مواز، قالت المستشارة القانونية للجنة الأهلية للمستأجرين مايا جعارة، إن عقود الايجار كافة قديمة وجديدة (ايجار حرّ أو إستثنائي ) المعقودة بالدولار الاميركي يمكن للمستأجر ان يدفع بدل إيجارها بالليرة اللبنانية وبسعر الصرف الرسمي بتاريخ الدفع.
واكدّت انّ المادةمئة واثنين وتسعين من قانون النقد والتسليف تنصّ على إلزامية قبول العملة اللبنانية لأن الموضوع يمس بسيادة الدولة، فبالتالي لا يحق للمالك عدم قبول هذه العملة.
.ولفتت الى انّه في حال الامتناع يمكن تطبيق العقوبات المنصوص عليها في المادة ٣١٩ من قانون العقوبات وهي الحبس من ستة أشهر الى ثلاث سنوات وبالغرامة من خمسماية ألف إلى مليونين ليرة لبنانية ويمكن ان يقضى بنشر الحكم.
واضافت انّه في حال امتنع المالك عن القبض يمكن توجيه انذار له بهذا الخصوص. وعند الضرورة يمكن اللجوء الى عرض المبلغ وايداعه فعلياً لدى الكاتب العدل او ارسال بدل الايجار بموجب حوالة بريدية بواسطة البريد المضمون ويمكن حماية للحقوق ارفاق افادة بسعر الصرف الرسمي من المصرف.
وردت جعارة على كلام رزق الله الذي وضع المستأخر في خانة المستغل وقالت إن المستأجر ليس له علاقة بتغير سعر الدولار، والمشكلة على المالك والمستأجر في آن وفي كل القطاعات وأضافت إن الإستغلال الحقيقي هو ما يحصل في قانون الإيجار الحر الذي ليس له ضوابط إطلاقاً ويبقي المستأجرين تحت رحمة المالك الذي يستطيع أن يزيد بدل الإيجار ساعة يشاء، وأشارت إلى أن لا قانون يرعى ما يحصل خلافاً لكل دول العالم والطرف الضعيف هو المستأجر ، وشددت على أن حق السكن دستوري وأساسي.