26 حزيران 2019 06:53ص تعديل قانون الإنتخاب هل يكون أبرز بنود صفقة الانتخابات الرئاسية؟

حجم الخط
لم يكد الاستحقاق الانتخابي النيابي الأخير يطوي صفحته بعدما أخذ الجميع دروسه، حتى فتح رئيس المجلس النيابي نبيه بري باكرا جدا، معركة القانون الانتخابي الجديد، ليضيف إلى المشهد السياسي العابق بالسجالات التي باتت تنفجر بوتيرة شبه يومية، ملفا ملتهبا جديدا سيغرق الجميع في دهاليزه قريبا.

بدهاء سياسي لا يخلو من الحسابات السياسية القريبة والبعيدة المدى، رمى الرئيس بري (من باب كتلته النيابية) اقتراح النسبية على أساس لبنان دائرة واحدة مع إلغاء الصوت التفضيلي، في السوق الانتخابية تاركا لسائر الفرقاء إجراء الحسابات الدقيقة للمرحلة المقبلة وإبداء رأيهم في الاقتراح وفقا لما يرونه مناسباً.

في الشكل، يؤكد المقربون من عين التينة أن توقيت فتح «المعركة» لا يحمل تأويلات وتفسيرات، بل ليس سوى مجرد محاولة لتجنيب لبنان كأس الوقوع في محظور إنقضاء المهل الدستورية، وإقرار تشريع بأهمية قانون الانتخاب على عجل، إضافة إلى كونه ينسجم مع مطالبة رئيس المجلس بدولة مدنية.

لكن مصادر مراقبة قريبة من «القوات اللبنانية» لفتت إلى أن قراءة متأنية بين سطور الاقتراح الجديد تفيد بأنه يخدم أولا أهداف الثنائي الشيعي من حيث تكريس قبضته على المشهد السياسي العام في البلاد ومعادلاته الدقيقة. ذلك أن اعتبار لبنان دائرة انتخابية واحدة يجعل الخيارات التي يركن إليها الناخبون الشيعة هي المرجحة، في مقابل «إضعاف» القوى  التمثيلية الأخرى، لا سيما تلك الحاضرة في طوائف تتقاسم أحزاب عدة تمثيلها السياسي والنيابي، كما هي الحال في الساحات المسيحية والسنية والدرزية، وإن بنسب متفاوتة.

وتبعاً لهذا التوصيف، لا يخفي مراقبون توقعاتهم المتعلقة باحتمالات أن يواجه اقتراح بري الانتخابي فيتوات مسيحية وحريرية وجنبلاطية، ما يؤشر إلى أنه قد لا يرى النور طبقا لما يريده الثنائي الشيعي، لافتين إلى ان افتتاح البازار الانتخابي بهذا الاقتراح قد يكون الهدف من ورائه الامعان في الاجهاز على التسوية الرئاسية التي منيت باهتزازات كبيرة في الآونة الأخيرة بفعل الحرب الكلامية و«التويترية» التي نشبت بين ركني هذا الاتفاق، «المستقبل» والتيار الوطني الحر.

وفي انتظار إبداء الافرقاء رأيهم النهائي في الاقتراح الجديد، لا تخفي مصادر سياسية خشيتها من أن يكون تمسك الثنائي الشيعي بالنسبية مع لبنان دائرة واحدة أول الغيث نحو الاستمرار في إحكام زمام  السيطرة على المفاصل السياسية في البلاد، خصوصا أنه يخشى ألا تصب تطورات المنطقة المنتظرة في غير مصلحة المحور الذي يدور في فلكه. وتذهب المصادر أبعد من ذلك إلى حد ترجيح فرضية الضغط في اتجاه التمديد للمجلس الحالي (الذي له فيه أكثرية من 74 نائبا، على ما اعترف به رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد) إلى أن تدق ساعة الاستحقاق الرئاسي المقبل، ما من شأنه أن يتيح للضاحية تجربة ايصال مرشحها دون سواه إلى بعبدا، وإن كان هذا الهدف يعني تعطيل الانتخابات الرئاسية طويلا.

ولا تستبعد المصادر إمكان أن يعمد رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل إلى القفز فوق الحسابات الانتخابية العددية، ليقبل بالقانون الذي يرفع لواءه الثنائي الشيعي، تماما كما فعل الأخير ليولد القانون 44/2017. علما أن هذه الخطوة، على ما ترجح المصادر السيادية، قد تكون أحد بنود صفقة الانتخابات الرئاسية المقبلة.