احتفاءً بتجاوز انتفاضة الشعب اللبناني على لصوص السلطة، التي انطلقت في 17 تشرين الاول 2019، يومها الـ100، في ظل «تطنيش سلطوي» لكل مطالب الشعب، وفي مرحلة محاصصة لكراسي الحكم، فيما الغلاء يأكل الأخضر واليابس، وبورصة الدولار ومعها تحكمّ المصارف بلقمة عيش المواطنين، لبّى الشعب ادعوة التي وُجهت إليه لمسيرة شعبية من الدورة، فردان، ثكنة الحلو، والأشرفية باتجاه السراي الحكومي، الذي ساعر رئيس الحكومة الجديد حسان دياب بالانتقال إليه. وعليه مع حلول الساعة الثانية من ظهر أمس الأول السبت، بدأ الثوار بالتجمع في الدورة، للانطلاق في مسيرة الـ»لا ثقة» باتجاه مجلس النواب في ساحة النجمة، لتنطلق بعدها المسيرة في شوارع برج حمود مرورا بشركة الكهرباء، حيث رفع المحتجون شعارات منددة بالحكومة الجديدة، معبرين عن عدم ثقتهم بها لأنها «حكومة المستشارين» أو «الوزراء المقنعين»، وتتخلّلتها وقفة عند شركة الكهرباء.
{ وفي فردان، كان المشهد ممثائلاً، حيث تجمع المواطنون تتقدمهم سيدات حملن لافتة كبيرة كتب عليها «لا ثقة لحكومة التكنو - محاصصة»، وانطلقوا باتجاه وزارة الداخلية في الصنائع، من ثم عبروا نفق برج المر باتجاه الرينغ، هاتفين ضد الحكومة، داعين إلى إسقاطها.
{ والمشهد لم يختلف أمام ثكنة الحلو، حيث انطلقت المسيرة باتجاه مصرف لبنان، ومنه إلىوسط بيروت، مرورا بشارع مار الياس، حيث رفع المحتجون لافتات كتبوا عليها «تسقط الأوليغارشية الحاكمة»، مرددين «لا ثقة».
{ ونقطة الانطلاق الرابعة كانت في ساحة ساسين – الأشرفية، حيث انطلقت مسيرة شعبية إلى محيط مجلس النواب عنوانها «لن ندفع الثمن»، على أن تلاقي المسيرات المماثلة من الدورة وفردان وثكنة الحلو.
وحمل المحتجون الأعلام اللبنانية ولافتات كتب عليها «ولو بعين واحدة رح نحاسبكم»، وسط إجراءات أمنية مشددة، اتخذتها القوى الأمنية من جيش وقوى أمن داخلي.
والتقت المسيرات أمام مقر جمعية المصارف في منطقة الجميزة، حيث نفذت وقفة اجتجاجية ضد سياسة المصارف، ثم توجه الثوار إلى ساحة رياض الصلح، لكن قصد عدد منهم المدخل المؤدي إلى ساحة النجمة، وبدأوا بالطرق على الجدران الحديدية التي وضعتها القوى الأمنية عند هذا المدخل، كما أطلقوا هتافات باتجاه السرايا تدعو رئيس مجلس الوزراء حسان دياب إلى التنحي، وتصف حكومته بحكومة المحاصصة السياسية.
وسط بيروت.. مدينة أشباح
اندلاع المواجهات
ولم يطل الأمر حتى بدأ مندسون يرشقون عناصر القوى الأمنية المولجة حماية السراي الحكومية، بالحجارة، بعد تمكنهم من إزالة الشريط الشائك فالبوابة الحديدية مقابل السراي، ما دفع عناصر القوى الأمنية إلى رشهم بالمياه ودفعهم إلى التراجع، إلا ان المواجهات بدأت تعنف بين الطرفين، مع إصرار شبان على دخول السرايا الحكومية، وإطلاقهم مفرقعات نارية على العناصر الأمنية، بعدما أزالوا معظم السياج الحديدي على مدخل السراي، متقدمين باتجاه عناصر القوى الأمنية، الذين أطلقوا باتجاههم قنابل مسيلة للدموع لدفعهم إلى التراجع.
وفيما طلبت القوى الأمنية، عبر مكبر للصوت، من «المتظاهرين السلميين المغادرة فورا»، أعلنت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، عبر مواقع التواصل الإجتماعي، عن أن عناصر مكافحة الشغب ستعمد على توقيف كل شخص موجود في مكان أعمال الشغب، داعية المتظاهرين إلى المغادرة فوراً.
وما لبثت قوة من مكافحة الشغب أن طوقت بمؤازرة عناصر من الجيش، المتظاهرين لإجبارهم على إخلاء المكان، فانسحبوا باتجاه ساحة الشهداء، لتنتقل المواجهات إلى أمام مسجد محمد الأمين، حتى نجح عناصر مكافحة الشغب بموزارة الجيش، في إبعاد المتظاهرين بين الشوارع المتفرّعة، كما إجبارهم على الانكفاء إلى ما بعد منطقة الصيفي.
يُشار إلى أنّ متظاهرين كانوا قد أتوا من طرابلس والشمال قد أعلنوا انسحابهم من ساحة رياض الصلح والعودة إلى منازلهم «حرصا على عدم اتهام ثوار طرابلس بافتعال أعمال الشغب»، فعمدوا فورا إلى التراجع بإتجاه الحافلات التي نقلتهم الى وسط بيروت، خصوصا بعدما نفّذ الجيش حائطاً بشرياً في الصيفي منعاً لعودة أي من المتظاهرين بإتجاه وسط المدينة.
«جدار العار» يعزل الشعب الثائر عن الحكم الخائف
خلف أسوار السراي
وفي صبيحة اليوم التالي، وبعدما عجزت البوابات الحديدية عن تكسير عزيمة الثوار، الذين تمكنوا من اقتلاع واحدة نُصِبَت أمام أحد المداخل المؤدية إلى السراي الحكومي، جرت أمس عمليات تدعيم بالجدران الإسمنت في ساحة رياض الصلح، بوسط بيروت في محيط السراي، ما أسفر عن إقفال تام للطريق المؤدية إلى السراي من ساحة رياض الصلح، وذلك في صورة أعادتانا إلى أيام الحربية الأهلية ورفع الجدران العالية بين المناطق.
وبعدما تحوّل محيط السراي الحكومي إلى سجن كبير مع إقفال تام للطريق المؤدية إليه من ساحة رياض الصلح، كما تحوّل محيط المجلس النيابي إلى ما يشبه السجن أيضا بإقفال معظم مداخله بالجدران الاسمنتية. أفيد بأنّ 4 معابر أبقيت للنواب للوصول إلى البرلمان خاصة في جلسة الثقة.
لكن المداخل الأساسية هي من جهة شارع المصارف، وبعد فتح باب السراي على المجلس، يمكن للنواب أن يدخلوا إلى مجلس النواب من جهة السراي الحكومي أو من جهة شارع المصارف – مدخل الأسواق.
وقفة أمام تمثال المغترب
هذا، وكان الحراك البيروتي قد نفذ وقفة احتجاجية مساء السبت، أمام تمثال المغترب اللبناني تحت شعار: «لا ثقة»، وذلك تزامناً مع عدة وقفات احتجاجية نفّذها لبنانيون مغتربون في عدد من دول العالم، حيث شهدت العاصمة الفرنسية باريس أكبر حشد للمتظاهرين اللبنانيين، إضافةً الى نحو 26 مدينة عالمية أبرزها: أمستردام، برشلونة، برلين، ستوكهولم، روما ولندن، رفضاً لحكومة الرئيس حسان دياب، معتبرين أنها «حكومة محاصصة سياسية»، ورفع المشاركون الأعلام اللبنانية وشعارات منددة بالمحاصصة الطائفية، كما رفعوا في الخارج، لافتات مؤيدة للتحركات في لبنان ومطالبها.