في مشهد يهابه الجميع في السلطة، ويفتخر به جميع من شارك برسمه، سطّرت كل من بيروت وطرابلس وصور والنبطية وصيدا ومناطق أخرى أجمل لوحة "شعبية" وصلت الى العالم بأسره، ونقلت أروع صورة عن لبنان، بعدما كانت الحرائق "سفيرتنا الى الشعوب" الأسبوع الفائت.
أجواء الفرح الممزوجة بالوجع لم تفارق الساحات، شعور داخلي تولّد لدى الجميع بالنزول الى الشارع، تاركين اسافاتهم الحزبية وعاطفتهم تجاه شخص مسؤول، ورافعين العلم اللبناني فقط.
وكالة رويترز قدرت عدد المشاركين بـ2.5 مليون مواطن مقيم، في رقم لم يشهده لبنان من قبل، وذلك الى جانب الوقفات الكبيرة التي قام بها لبنانيو الإغتراب في مختلف دول العالم من أستراليا الى فرنسا وهولندا وأميركا وبلجيكا وكندا وغيرها.
سمعنا آراء مطلبية كثيرة في الأيام الماضية، وكان لـ"اللواء" جولة في ساحة الشهداء للوقوف على بعض منها، مع تركيز على العنصر النسائي، فماذا تضمنت سلة المشاركات؟
الفنانة الشابة ريان الحركة شاركت وعائلتها بالتظاهرة، واعتبرت أن مطالبها كثيرة لكنها حقوق يجب الحصول عليها. وقالت: "أرى أن سقوط الحكومة حالياً يمنع الإصلاحات السريعة التي نريدها، ونحن ننتظر أن نسمع ماذا سيقول رئيس الحكومة، لكن أبسط ما نريد هو تأمين كهرباء ومياه نظيفة، وأموالنا المنهوبة، التي اذا استيعدت تستطيع تسكير الدين العام.
وأضافت: "يجب تقليص معاشات المسؤولين جميعاً، ولا يجب أن تغيب الأملاك البحرية والتعليم عن طاولة الإصلاح، وإذا لم تتحقق هذه المطالب سنبقى في الشارع.
رندى دمشقية، شابة عشرينية طالبت أولاً باسقاط العهد الفاشل، وعدم قيام الأحزاب بالتسلط على الحكومة، مضيفة: "لسنا مع اسقاط الحكومة فقط بل العهد كاملا". ووجهت رسالة الى رئيس الحكومة قائلة: "اذا شايف وجع الناس اعمل متل ما بدن".
ديان شيخ موسى، مصممة المجوهرات الشابة، أكدت أنه لا يجب أن يبقى أحد من الموجودين في الحكومة، وأضافت: "يلي بيخوف السياحة اليوم هو السلاح غير الشرعي.. بيقدر السيد حسن نصرالله يفعّل اقتصادنا بعلاقاته مع ايران بعيداً عن الأمور الأخرى".
واعتبرت أن الحماس لا يجب أن يخف، حيث قالت: "صح مهضومين بس انه صارت "طق حنك"، وما نخاف منه اليوم هو أن بالانتخابات بيلعبولن بعقلاتن ليرجعو ينتخبوهن.. للأسف في نقص بالوعي والثقافة عند البعض".
فرح ميقاتي، شابة تحمل الجنسية الألمانية الى جانب اللبنانية، لكنها لم تتخذ قرار الهجرة بعد رغم كل الظروف، قالت لـ"اللواء" أن المطلوب اسقاط النظام والرؤساء الثلاثة، "ويصير في سلطة جديدة مبنية عالكفاءة ومش عالطائفية". وأضافت ساخرة: "وبطالب بانشاء وزارة للسعادة واستلمها أنا".
صرخة لموظفي وزارة الشؤون الإجتماعية
رنا متيرك، موظفة في وزارة الشؤون الإجتماعية، قالت أن المطلوب هو طبابة وتعليم وتثبيت موظفين وتطبيق القانون واحترام حقوق الانسان والغاء الواسطة والغاء الطائفية، مضيفة: "الانسان الي بيستاهل بيوصل للسلطة مش طائفتو توصلوا، وأكيد مطلوب كهربا ٢٤، بدنا كل شي بيتمتعو فيه باقي الدول ونحنا محرومين منو".
وكانت صرخة لموظفين آخرين في وزارة الشؤون الإجتماعية عبر "اللواء"، حيث أكد بعضهم أنهم لم يحصلوا على معاشاتهم منذ 7 أشهر، وقالت احدى الموظفات: "قرفونا بيطالبونا بدوام وبالشغل, وتنفيذ القوانين بكل وقاحة عم بيشحدونا معاشاتنا شحادة".
علياء عدنان سعد، احدى الموظفات أيضاً، طالبت الى جانب حقوقها من الوزارة، بتقليص عدد النواب والوزراء وعدم اعطاء راتب لأي وزير ونائب سابق مع رؤساء الجمهورية والحكومة السابقين".
جولة في صيدا
ميريام سويدان، الصحافية التي لم تفارق الميدان في عاصمة الجنوب صيدا، قالت لـ"اللواء" أن التغيير يحتاج الى وقت بالتأكيد لكن العدد الكبير الذي نراه خوّف السلطة، وما أوصل الأمور الى هنا هي التراكمات التي حصلت في الفترة الأخيرة من الضرائب الى الحرائق.
وأشارت الى أن ما يجعل الحراك مختلف هذه المرة هو انتفاضة "الشيعة" ضد ثنائي السلطة، رغم كل ما يحصل من تخويف.
مضيفة: "سلمية الحراك لم تعط أي ذريعة للسلطة بالقمع، فأي سلطة ستقمع أشخاصاً يرقصون؟
وأعتبرت أن اليوم هو مفصلي، ونحن يجب أن نغير لأننا استطعنا اليوم أن نفرض وجودنا بعيداً عن أيام العطل رغم محاولات بعض السياسيين خصوصاً في صيدا من جعل هذا اليوم "يوم عمل عادي".
وكان لبعض المشاركات تمني بحكم عسكري، بهدف محاسبة المسؤولين واستعادة الأموال المنهوبة منهم. وقالت احداهن: "أغلب المشاركين اليوم من الفئة الشابة التي لا يهمها أي شخص من المسؤولين، بل تسعى فقط لمستقبل أفضل في البلد".