بيروت - لبنان

اخر الأخبار

4 أيار 2019 12:09ص سلام في ندوة «إتحاد الجامعيات اللبنانيات» حول محاربة الفساد: دولتنا عاجزة عن الإصلاح

حمدان: لا صلاح دون القضاء على الفساد

المنصة الرئيسية للندوة، من اليمين: رئيس تحرير «اللواء» الزميل صلاح سلام، د. نجوى الجمال محسن، د. كمال حمدان، سناء السيروان وجمال غبريل المنصة الرئيسية للندوة، من اليمين: رئيس تحرير «اللواء» الزميل صلاح سلام، د. نجوى الجمال محسن، د. كمال حمدان، سناء السيروان وجمال غبريل
حجم الخط
أقام «اتحاد الجامعيات اللبنانيات» ندوة عامة تحت عنوان: «في ظل الأوضاع الدولية المتوترة والتوازنات الإقليمية المفقودة والتفكك البنيوي الداخلي، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً - لبنان ومشاريع الحكومة الإصلاحية ومحاربة الفساد.. إلى أين»، اشترك فيها رئيس تحرير جريدة «اللواء» الزميل صلاح سلام (المحور السياسي)، الباحث والمحلل الاقتصادي الدكتور كمال حمدان (المحور الاقتصادي)، الرئيسة السابقة للمجلس النسائي اللبناني الدكتورة جمال هرمز غبريل (المحور الاجتماعي)، في مركز توفيق طبارة في الصنائع، بحضور نائب رئيس المجلس الوطني للاعلام إبراهيم عوض، المستشار في «تيار الكرامة» عثمان المجذوب، ممثلاً النائب فيصل كرامي، الرئيس السابق لاتحاد المحامين العرب عمر زين القاضي المتقاعد الشيخ يحيى الرافعي، بالإضافة إلى ممثلين عن ندوة العمل الوطني، ودار الندوة، واتحاد قوى الشعب العامل، وهيئة الاسعاف الشعبي، وعدد آخر من عمداء ومدراء الكليات في الجامعة اللبنانية وآخرين من الضباط المتقاعدين في الجيش اللبناني وباقي المؤسسات الأمنية، وجمهور من المهتمين.

بداية الافتتاح بالنشيد الوطني اللبناني، ثم كلمة ترحيبية ألقتها الدكتورة جنان علم الدين، ثم أدارة الحوار المديرة العامة السابقة في مجلس الوزراء المهندسة سناء السيروان، ثم تحدثت رئيسة «اتحاد الجامعيات اللبنانيات» الدكتورة نجوى الجمال محسن فألقت كلمة الافتتاح فقالت: «ان لبنان يمر بمرحلة قد تكون الأخطر في تاريخه الحديث من الناحية البنيوية الأولى ويكمن في السياسية المالية والنقدية المتبعة والتي ظهر بنتيجتها تضخم حجم الدين العام الذي فاق كل المستويات المقبولة. هذا الدين العام يعطل كل السياسات الاقتصادية التي تؤمن النمو الاقتصادي والاستقرار النقدي والمالي، ويهدد البلد بالافلاس كما حدث في اليونان وفي غيرها من الدولة، اما الخطر الثاني، فهو يتعلق بالخوف من انهيار أو تفكك الوحدة الوطنية اللبنانية، فهذه الوحدة تقوم عادة على مفهوم قومي واحد، وإرادة العيش المشترك والتفاعل البنّاء مع كل الشركاء في الوطن، فما نشهده في ايامنا هذه من تقوقع مذهبي وكلام طائفي وفئوي ومحاصصات سيؤدي الى تقسيم الوطن إلى مناطق نفوذ، وهذا يُشكّل خطراً كبيراً ويهدد الكيان اللبناني.

اما الخطر الثالث: وهو خطر توطين الفلسطينيين والسوريين، وهذا الوضع سيؤثر، لا قدر الله إذا حصل، على التوازنات الديموغرافية والطائفية والمذهبية، وسيضرب أهم مرتكزات اتفاق الطائف الذي دفع اللبنانيون ثمنه، مئات الآلاف من الضحايا والمعوقين، إضافة إلى الدمار الكبير الذي حل بالبلد، هذه المخاطر علينا جميعاً وعلى المسؤولين أولاً، ان نعيرها الأهمية القصوى لأنها في حال حصولها، لا سمح الله، يغيب الوطن وينهار الهيكل على رؤوس الجميع».

سلام

ثم تحدث رئيس تحرير «اللواء» الزميل صلاح سلام، فقال: «اريد ان اسأل واحداً منكم: هل قرأ شيئاً عن مشاريع الحكومة الإصلاحية؟ هل سمع أكثر من هذا اللغو عن الإصلاحات المطلوبة دولياً، دون التوصل إلى أي خطوة عملية؟ ومن منكم علم أن محاربة الفساد أسفرت عن كشف عشرات الملفات لصفقات وسمسرات تفوح منها روائح الفساد الفاضحة؟ ومن المحزن القول أن دولتنا العلية عاجزة عن تحقيق الإصلاح المنشود، وغير قادرة على مكافحة الفساد، رغم كل هذه المزايدات الفارغة، لأن الطبقة السياسية غير جدية في إتمام الخطوات اللازمة، وأن لا إرادة سياسية ورسمية حقيقية في وقف مزاريب الهدر والفساد التي أوصلت البلد إلى شفير الإفلاس. والواقع أن الفساد والهريان في الإدارات العامة لم يعد مجرد كلام سياسي، بهدف الإستهلاك المحلي، ولا هو وجهة نظر أو إفتراء ضد هذا السياسي، أو ذاك المسؤول، بقدر ما أصبح أشبه بسرطان ينهش في جسد الدولة، على مرآى ومسمع كبار المسؤولين، الذين يرددون خطابات وشعارات مكافحة الفساد، دون تحقيق أي خطوة جدية في ملاحقة الفاسدين والمفسدين».

وأضاف سلام: «ان الزوبعة التي أثارها الوزير جبران باسيل في كلامه عن تخفيض الرواتب في القطاع العام، وإعادة النظر ببعض التقديمات للعسكريين، تحولت رياحها إلى عاصفة تهز الإستقرار الإجتماعي، وتُنذر بمواجهة متصاعدة ضد هذه الطبقة السياسية العاجزة والفاسدة. وتظاهرات العسكريين المتقاعدين المتنقلة في أكثر من منطقة، هي أشبه بخطوة تحضيرية لما يمكن أن يحصل في الأيام المقبلة، في حال تم تواطؤ الأطراف السياسية على أصحاب الدخل المحدود من موظفين ومتقاعدين، وتحميلهم مسؤولية تخفيض العجز في الموازنة، دون أن يرف جفن لأي مسؤول سبق له وكدّس الملايين المنهوبة على حساب المشاريع والصفقات المشبوهة».

وأكد سلام: «ليس مستبعداً أن يتحول تحرك العسكريين إلى كرة ثلج سريعة التدحرج في الشوارع والساحات العامة، تُحاكي ما يجري في الجزائر والسودان، في إطار المرحلة السلمية لما تبقى من الربيع العربي، الأمر الذي من شأنه الإطاحة بهذا الإستقرار الهش، مع خروج أبناء الطبقتين المتوسطة والفقيرة للدفاع عن لقمة العيش، والتصدي لمحاولات المس برواتبهم المحدودة. ويبدو أن دولتنا العلية، وما تعانيه من عجز وفوضى في آن، تُفرّق في التعامل بين موظفيها، على قاعدة أبناء الست وأولاد الجارية، حيث تبين أن الفروقات في الرتبة الواحدة تُقاس بالملايين، كما يحصل بين مدير عام مصلحة مستقلة وزميله في وزارة تقليدية. فضلاً عن الرواتب الخيالية في بعض المؤسسات والهيئات والمجالس المستحدثة، حيث يتجاوز الراتب الواحد فيها العشرة ملايين ليرة شهرياً، دون أن ينتج صاحبه شيئاً».

حمدان

ثم تحدث الدكتور حمدان فقال: «ان هناك عجزاً في الموازنة المالية بدأ منذ العام 1993 وايضاً عجز في ميزان المدفوعات، وارتفاع في الدين العام، وما نلحظه ان نستورد ما قيمته 20 مليار دولار، ونصدر ما قيمته 12٪ من هذا الرقم المذكور أعلاه، وقبل 40 عاماً، كنا نصدر 50٪ مما كنا نستورده من الخارج، في المقابل ان كل عائلة لبنانية تدفع ربع مليون دولار على تعليم كل ولد منتمي إليها، حتى المرحلة الجامعية، دون ان تتوفر فرصة للعمل في بلاده، والسوق العمل في لبنان، لا تعطيه سوى راتب ما بين 800 ألف و1500 دولار، وقوافل الشباب اللبناني المتخرج، قبل ان ينهي المرحلة الجامعية، يكون قد اعد خطة للعمل والهجرة إلى الخارج وتحديداً إلى دول الخليج العربي وفرنسا وسواها، وما يحصل اننا بلد يستورد كل حاجاته إلى الخارج ولا ينتج أي شيء في مقابل من يأخذه من الخارج، وان العجز التجاري لدينا، كان يغطى بالخدمات، من خلال تأمين الخدمات للسواح العرب والأجانب، وايضاً عندما يأتي الطلاب العرب إلى الجامعات اللبنانية، يعني انك توفّر لهم الخدمات، وكذلك من توفّر لهم العلاجات الطبية والصحية، وكان تبادل الخدمات يتم لصالح لبنان، بقيمة تصل إلى 3 إلى 4 مليارات دولار تغطي فيها قسم من العجز التجاري، وان المصدر الأهم هو ما يرسله الشباب اللبناني إلى وطنهم الأم بمبالغ تصل إلى 7 أو 8 مليارات دولار سنوياً، وبعد انتقال الصراع بين العرب أنفسهم وبين المسلمين أيضاً، أصبح هناك مقاطعة واضحة للبنان، وباتت صادرات خدماتنا إلى دول المنطقة إلى النصف، واقفال المعابر البرية ساهم الى إنزال تصدير السلع إلى النصف، وهذا ما نزال نعاني منه منذ العام 2011، وطوال المرحلة السابقة كان سنوياً يأتي الى لبنان 6 إلى 7 مليار دولار بمثابة استثمارات أجنبية، بتنا نفتقدها خلال السنوات الماضية، ولم يعد السوق اللبناني مكاناً لاجتذاب الاستثمارات الأجنبية والعربية التي هربت منه إلى دول اخرى».

غبريل

ثم تحدثت الدكتورة غبريل فقالت: «ان لبنان جزء من العالم العربي، الذي بوضعه الحالي، في ظل الأزمات والنزاعات والحروب التي يعيشها يحيا حياة الغاب، حيث يسود صراع الحياة ولا يمكن لأي فئة فيه البقاء، الا بالقضاء على الفئة الأخرى، وان الدول النامية ومنها لبنان الذي اجبر على التقيد بشروط للاصلاحات مرتبطة بتخفيض النفقات، تقليص العجز، الإصلاح الهيكلي، تعديل السياسات الاقتصادية، الخصخصة، رفع التغطية بالذهب، تحرير الاسواق، ثبات التشريعات في المستقبل، وفي المقابل أرى ان أهم موانع تحقيق المستدامة في لبنان وسواها من الدول النامية، هو عدم الاستقرار السياسي، الفساد المستشري، انتهاك حقوق العمال واستنزاف الموارد الطبيعية، الاعتماد على الخارج في الحصول على السلع الأساسية، وخاصة في الإنتاج الزراعي، فرض قيم ثقافية، لا تزال تعيق التطور، كمنع النساء من العمل وسواها».

مقدمة الحضور الحاشد للندوة (تصوير: جمال الشمعة)