لم يمرّ إقرار البيان الوزاري لحكومة «الى العمل» في مجلس الوزراء أمس من دون تسجيل تحفظات وملاحظات وزارية. فصحيح ان التعديلات وصفت بالتقنية والطفيفة الا انها افسحت في المجال امام نقاش «كهربائي» رُتب على الفور باعتبار الجلسة مخصصة للبيان.
على مدى أكثر من ساعتين ونصف الساعة، خاض المجتمعون ببحث البيان الذي وزّع على الوزراء، متوقفين عنده صفحة صفحة بعد قراءته بتأن، على ان أي تعديل طرأ سيتم إدخاله إلى البيان بعد صياغته لدى الأمانة العامة لمجلس الوزراء.
حمل الوزراء ملاحظاتهم، فيما كان التركيز يدور على استعادة ثقة المجتمع الدولي والشعب اللبناني والمستثمرين بلبنان والاصلاحات والتنمية المستدامة وتطبيق القوانين والالتزام بها وتطوير أداء الحكومة والقطاع العام.
ولم يكن مفاجئاً اعتراض وزراء «القوات» والذي وصف بشديد اللهجة على عدم إضافة عبارة «مؤسسات الدولة الشرعية» في فقرة المقاومة، وتولى الوزيران مي شدياق وريشار قيومجيان نقل هذا الاعتراض طالبين تسجيله في محضر مجلس الوزراء، مع التشديد على حصر القرار الاستراتيجي عن مقاومة الاحتلال بيد الدولة اللبنانية.
مرّ الدور على الوزراء، وقدم الجميع اقتراحاتهم، فوزير الدفاع الوطني الياس بوصعب الذي وصل إلى مجلس الوزراء فور عودته من واشنطن، وهو كان قد سجل تحفظه على الفقرة الأولى من البند الثالث الوارد تحت عنوان: «تحديث القطاع العام» عن تجميد التوظيف والتطويع خلال عام 2019 تحت المسميات كافة «تعاقد، مياوم، شراء خدمات وما شابه»، معلناً امام الوزراء ان تعيينات الجيش تستدعي وجود خبراء، وإذ كان هناك اقتراح بالعودة إلى مجلس الوزراء من أجل معالجة حاجات القوى الأمنية، تردّد ان المخرج يقوم على ربط الأمر بالقانون 46 حول موازنة وزارة الدفاع، وأعلن الوزير بوصعب لـ«اللواء» ان حرب الإرهاب المستقبلية غير عسكرية، ومواجهتها تتطلب الطابع الاستخباراتي وتقنيات ومعدات جديدة لوقف التشويش وخبراء. كاشفاً انه طلب تسجيل التحفظ في محضر الجلسة.
ولفت في ردّ على سؤال إلى انه مع دعم الجيش بأي طريقة من الطرق.
وعلم ان وزراء القوات استفسروا عن موضوع التنمية المستدامة ووضع خطة وطنية للـ2030 ضمن إطار أهداف هذه التنمية، اما في بند قطاع الطاقة والذي ورد ضمن إصلاحات قطاعية، وكانت نقاشات مستفيضة بين رئيس الحكومة سعد الحريري والوزير جبران باسيل حول تأمين التغذية الكهربائية 24/24، وهنا تمت إضافة الالتزام بالقرار 2014/288 عن عقود شراء الطاقة والمحدد بالقانون 2016/54، وسجلت دردشة بين الحريري ووزيري المال علي حسن خليل والطاقة ندى بستاني.
كذلك علمت «اللواء» ان وزير الثقافة محمّد داود قدم مداخلة تحدث فيها عن عدم لحظ البيان أي بند مستقل عن الثقافة، مؤكدا ضرورة ادراج بنود تتعلق بتنشيط الدور الثقافي والتركيز على دور الثقافة بالعملية الاقتصادية التنموية.
وكشف الوزير داود لـ«اللواء» انه سيُصار إلى ادراج بند الثقافة في البيان الوزاري بعدما لمس جواً ايجابياً بذلك.
اما وزير البيئة فادي جريصاتي فطالب بإدخال تعديلات بشأن دور وزارته وعدم حصر قرار إعطاء التراخيص للمقالع والكسارات بوزارة الداخلية، وان يكون لهذه الوزارة القرار الاستراتيجي.
إذا مع إقرار البيان يحط رحاله في مجلس النواب يومي الثلاثاء والاربعاء لتنال الكومة الثقة على أساسه وتنطلق بعد ذلك في جلساتها.
وكان سبق الجلسة خلوة بين رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة سعد الحريري تمّ خلالها عرض أهم النقاط المدرجة في البيان الوزاري.
المعلومات الرسمية
وبعد انتهاء الجلسة، صرح وزير الاعلام جمال الجراح: «عقد مجلس الوزراء جلسة ظهر اليوم (امس) برئاسة رئيس الجمهورية وحضور رئيس مجلس الوزراء والوزراء الذين غاب منهم الوزيران منصور بطيش وحسن مراد. وخصصت الجلسة لدرس مشروع البيان الوزاري».
أضاف: «في مستهل الجلسة، نوه الرئيس عون بإنجاز البيان الوزاري بسرعة، لافتا الى وجود 17 نقطة فيه غطت كل المواضيع الاساسية. واضاف: نأمل ان يصار الى انجاز هذه الافكار لانها ضرورية وتتصل بحاجات اللبنانيين الذين ينتظرون منا الكثير ولا يجب اضاعة الوقت أكثر. ودعا الوزراء الى التركيز على درس جدول الاعمال والاقلال من المداخلات السياسية والجدال الذي لا يعطي نتائج ايجابية ولا يخدم المصلحة الوطنية، علما ان للنقاش السياسي ساحات اخرى مثل مجلس النواب».
ثم تحدث الرئيس سعد الحريري فقال: «إن السرعة في انجاز البيان الوزاري كانت لافتة، اذ انه لم يستغرق سوى ثلاثة ايام للتوافق عليه وانجازه. ودعا الى المزيد من التضامن الحكومي وعدم التلهي بالجدل السياسي لانه لا يمكن ان نتفق على كل شيء في السياسة، واللبنانيون ينتظرون منا الكثير، وان نعمل على انجاز بعض المواضيع الحياتية والاساسية المهمة، وعلى مجلس الوزراء بعد نيل الثقة العمل على هذه المواضيع».
وأوضح الوزير الجراح في رده على أسئلة الصحافيين بأن «معظم التعديلات كانت لغوية وليست جوهرية، وذلك من اجل إيضاح بعض البنود والمواضيع. كما تم اضافة فقرة متعلقة بالثقافة وكيفية الحفاظ على الارث الثقافي، اما الباقي فلم يشهد تغييرا عن البيان الذي انجزته اللجنة الوزارية بالأمس (الاول)».
وقال الوزير قيوميجان بعد الجلسة: لم نسجل تحفظا بل اصرارا على ادراج عبارة «ضمن مؤسسات الشرعية» في البند المتعلق بالمقاومة. وقال يجب ان يكون القرار الاستراتيجي في يد الدولة.
اضاف: ان هذه الحكومة قالت لإعطاء الأمل والثقة للوضع المعيشي عبر اجراء إصلاحات اقتصادية.. ونحن نؤمن بيد الدولة، كما قرار السلم. وانطلاقاً من هذه القناعة طرحنا إضافة عبارة المؤسسات الشرعية على بند المقاومة.
وكشف وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب ان البيان الوزاري تضمن بندا حول النازحين السوريين وضرورة تأمين عودة آمنة لهم إلى بلدهم إلى جانب إخراج هذا الملف من التجاذبات السياسية، إضافة إلى تبني المبادرة الروسية فيما خص هذا الملف. وأكّد على ضرورة التنسيق بين كل الأطراف من أجل ملف النزوح السوري في لبنان.
وقال الغريب ان الجو داخل الحكومة إيجابي من قبل كل الفرقاء وإذا اكملنا بهذا المسار، سوف تنجز الحكومة كل الملفات.
من جانبها، أعلنت الوزيرة مي شدياق تسجيل وزراء حزب «القوات اللبنانية» في الحكومة اعتراضهم على عدم إضافة عبارة الشرعية اللبنانية، وهذه الرسالة التي أردنا إيصالها للمجتمع الدولي ونطلب دعمه.. مبنية على ضرورة ان تكون «المقاومة» حصرا بيد الأجهزة الشرعية اللبنانية وان يكون القرار الاستراتيجي بيد المؤسسات الأمنية والعسكرية الرسمية اللبنانية.
إلى ذلك، علم ان الرئيس عون تمنى على الوزراء عدم تسريب محاضر جلسات مجلس الوزراء.