لم تخرج جلسة مجلس الوزراء عن سياقها المتوقع لجهة تقرير التعيينات القضائية حتى وإن برزت تحفظات قواتية على اسم واحد منها فيما ظهرت بقوة في تعيين رؤساء غرف مجلس شورى الدولة لأسباب تتصل بعدم اعتماد الآلية الخاصة بهم في القانون، على ان هذا التحفظ لم يفسد في «ود» التعيينات التي سلكت طريقها بعدما أدرجت ضمن جدول الأعمال وارسلت السِيَر الذاتية للمرشحين.
وتركز النقاش داخل مجلس الوزراء على بنود جدول الأعمال التي استهلت فيها الجلسة، وحده البند رقم 7 الذي يتصل بالتعيينات تمّ استئخاره إلى نهاية الجلسة.
وأفادت مصادر وزارية لـ «اللواء» ان وزراء «القوات» لم يعترضوا على الأسماء الواردة في التعيينات القضائية واعتبروا ان السِيَر الذاتية لعدد من المرشحين ممتازة وقد وصلت إليهم في التوقيت المناسب، وقالت ان اعتراضهم قام على القاضي فادي الياس الذي عُين رئيساً لمجلس شورى الدولة وبرروا ذلك بأن الأسماء التي تمّ تداولها لهذا المنصب تتمتع بالكفاءة وتملك الاقدمية ومن ملاك المجلس. في حين ان القاضي الياس عين من القضاء العدلي وبالتالي ليس من اختصاص «شورى الدولة».
وعلم من المصادر نفسها ان وزراء «القوات» اعترضوا على تعيين قضاة في ديوان المحاسبة من خارج الملاك، وإرسال سِيَر ذاتية في وقت متأخر، فكان ردّ رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري بأنه لا يوجد في ملاك الديوان قاضٍ من الطائفة السنيِّة «شو بعمل»، وهنا أوضح وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل ان القاضي مروان عبود الذي اعترضت عليه «القوات»، كان في ملاك الديوان وخرج منه ثم عاد إليه وفقاً لما تقتضيه القوانين.
وعلم من المصادر نفسها ان الجواب من «القوات» أتى وفق ما وصف لدى بعض الوزراء بالمضحك لجهة ان لا اعتراض منهم على المرشحين «السنّة» أو «الشيعة» انما على المرشحين المسيحيين. وهنا قالت المصادر ان وزير الدفاع الوطني الياس بوصعب سأل عبر «الميكرفون» ما إذا كان الذي سمعه من نائب رئيس مجلس الوزراء غسّان حاصباني ووزير العمل كميل أبو سليمان صحيحاً.
وعلم ان حاصباني اقترح في بداية الجلسة ان تعرض كل أسماء التعيينات ليصار إلى اختيار الأفضل منها فاعترض الوزير باسيل بشدة معتبراً انه يحق للوزير فقط اقتراح آلية التعيين في حين ان على مجلس الوزراء الموافقة أو الرفض، وهو ما أكّد عليه الوزير سليم جريصاتي لدى إعلان المقررات الرسمية للجلسة.
خطة المهجرين
وأشارت مصادر وزارية إلى ان خطة وزارة المهجرين التي قدمها وزير شؤون المهجرين غسّان عطالله استحوذت على نقاش واسع، وفي الوقت الذي أشاد وزراء «التيار الوطني» فيه بالخطة، لوحظ اعتراض قواتي- اشتراكي عليها، وكذلك اعترض كل من الوزراء يوسف فنيانوس ومحمّد شقير وعادل افيوني الذي اعتبر ان الخطة مهمة من الناحيتين الاجتماعية والوطنية وهي ضرورية، لكن يجب ألا تقرّ خطة من دون وجود آلية لتمويلها ضمن التزام الحكومة بتخفيض العجز في موازنة العام 2020 خصوصاً ان الخطة تتطلب حجز 600 مليار ليرة على مدى 3 سنوات.
وسأل الوزير فنيانوس عن تمويل الخطة، في حين سأل الوزير ريشار قيومجيان عمّا إذا كان: «هلق وقتها» ورأى ان اقفال ملف المهجرين لا يعد أولوية انما الأولوية يجب ان تقدّم على الشأنين الصحي والإنساني ويمكن الاستفادة من الأموال في مشاريع أخرى، سائلاً هل ان السيولة متوفرة لضمها لموازنة العام 2020؟ فاستوضح ما إذا كانت الخطة تشمل مهجري الجبل أم كل لبنان، لأن الخطة لم تكن واضحة في هذا السياق، ورأى ان فتح ملف الضحايا سيكبد الدولة تكاليف كبيرة بالإضافة إلى انه سيفتح جرحاً كبيراً.
وكان الوزير أبو سليمان قد اقترح تشكيل لجنة لدرسها، فاقترح الرئيس الحريري احالتها على لجان مختصة لمزيد من الدرس، وتقرر هنا ارجاء الخطة لأسبوعين ليتسنى للوزراء إبداء ملاحظاتهم حولها وايداعها خطياً وزير المهجرين والامانة العامة لمجلس الوزراء.
وقال الوزير عطاالله لـ «اللواء» أنه كان يأمل اقرارها في جلسة الأمس كي تمنح ثقة داخلية وخارجية، معلناً انه لم يكن أي من الوزراء معارضاً لتأجيل الخطة.
واستغربت مصادر وزارية بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء الاعتراض القواتي والاشتراكي على خطة المهجرين الذي انطلق من حجج تتعلق بكيفية تأمين التمويل وصرف الأموال. وسألت: كيف يُمكن للمهجِّر ان يكون وقحاً لدرجة الاعتراض على حق المهجَّر؟
انتخابات صور وتغذية الجيش
إلى ذلك، قرّر مجلس الوزراء اجراء الانتخابات للبلديات المنحلة في السابع والعشرين من تشرين الأوّل المقبل، وبررت وزيرة الداخلية والبلديات ريّا الحسن قرار مجلس الوزراء بأخذه علماً بفوز المرشح حسن عزالدين بالتزكية في الانتخابات الفرعية في صور، بالعودة إلى نظام الانتخابات حيث ما من عبارة «لا يعتد بالانسحاب» بعد المهلة القانونية وهو اجتهاد من مجلس شورى الدولة وهيئته التشريع والاستشارات.
على صعيد آخر، علم ان مجلس الوزراء طلب تأجيل عرض وزارة الدفاع الوطني لمشروع المسودة النهائية لاستراتيجية الإدارة المتكاملة للحدود بناءً على طلب عدد من الوزراء، وكان الوزير بوصعب تداول خارج مجلس الوزراء في موضوع دفع مستحقات متعهدي التغذية لصالح الجيش مع وزير المال علي حسن خليل، وتقرر صرف مبلغ 16 مليار ليرة لصالح الجيش على ان يتم صرف ما تبقى من العام 2018 خلال اليومين المقبلين.
وخلال الجلسة علم ان الرئيس عون قال: بما اني «بي الكل» أسال نيابة عن المقاولين والمستشفيات والضمان لماذا لا تدفع مستحقاتهم؟
وطلب رئيس الجمهورية الإسراع في دفع الحقوق المترتّبة على الدولة بالنسبة للمقاولين أو المستشفيات الخاصة والحكومية والمؤسسات الضامنة وموردي الأغذية وذلك بعد إنجاز التدقيق في الفواتير المقدمة والمتراكمة منذ فترات بعيدة. كما طلب الرئيس عون من وزير المال تقديم تقرير فصلي يعرض الواقع المالي للدولة من النواحي كافة لا سيما الإيرادات والمدفوعات والمستحقات.
وطالب الرئيس عون من الوزراء إعطاء الأذونات للأجهزة القضائية وأجهزة الرقابة الإدارية لملاحقة الموظفين ورؤساء وأعضاء المجالس البلدية المتهمين بارتكابات وتجاوزات لأن إبقاء الحصانة عليهم يعرقل التحقيق الجاري معهم من جهة، ويفسح في المجال أمام إستمرار الإرتكابات وتعطيل حملة مكافحة الفساد.
كما طلب الرئيس عون تنفيذ القرارات الصادرة من مجلس شورى الدولة لا سيما في النزاعات البلدية، لافتاً إلى أن أحكام القضاء إما أن تُنفّذ أو تُستأنف وأنه لا يجوز للسلطة التنفيذية أن تعطل تنفيذها.
ورد وزير المال بأن كل المستحقات ستدفع على دفعات وكل الملفات المشابهة ستعالج. لكن الأمور تأخذ وقتاً، أي حسب توفر السيولة في هذا الظرف المالي العصيب في البلد.
عندها، رد وزير الاقتصاد منصور بطيش بالقول: «البنك المركزي هو من يمتص السيولة في البلد، عبر شهادات الإيداع. وهذا أمر يجب أن يناقش مع مصرف لبنان».
وفي نهاية الجلسة لفت أفيوني إلى كلفة السندات اللبنانية في الأسواق العالمية والتي لا تزال منخفضة، وهذا يعني أن الفوائد على الدين اللبناني مرتفعة جداً. وهذا يعني عملياً أن تمويل عجز الدولة وإعادة تمويل عجز الدولة عبر الأسواق كلفته باهظة. وفي هذا الوقت، نحن نتكل على احتياط البنك المركزي. وهذا أمر غير صحي ولا يمكن الاستمرار فيه.
ودعا أفيوني إلى «إحداث صدمة إيجابية ومتابعة قرارات طاولة بعبدا الاقتصادية وإتخاذ إجراءات سريعة تعيد الثقة إلى الأسواق المالية».
بعدها أعلن رئيس الجمهورية رفع الجلسة بكل بساطة، من دون تعليق من أي من الوزراء أو الرئيسين على خطورة الوضع الاقتصادي.
وتقرر عقد جلسة الثلاثاء المقبل في قصر بعبدا دون معرفة ما إذا كانت مخصصة لمشروع موازنة الـ2020 الذي أصبح لدى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وسيوزع على الوزراء في اليومين المقبلين.
المقررات الرسمية
وبعد انتهاء الجلسة، اعلن وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي المقررات، وقال:«عقد مجلس الوزراء جلسة في قصر بعبدا برئاسة فخامة رئيس الجمهورية وحضور دولة رئيس مجلس الوزراء والوزراء الذين غاب منهم السادة: وائل ابو فاعور، جمال الجراح وجميل جبق. تداول المجلس ببنود جدول الاعمال واقرّ معظمها وابرزها:
اولاً:
- تعيين القاضي سهيل عبود رئيساً اولاً لمحكمة التمييز ورئيس مجلس القضاء الاعلى.
- تعيين القاضي غسان عويدات نائباً عاماً تمييزياً.
- تعيين القاضي فادي الياس رئيساً لمجلس شورى الدولة.
-تعيين القاضي رولا جدايل مديرة عامة لوزارة العدل.
- تعيين القاضي جويل فواز رئيسة لهيئة التشريع والاستشارات.
- تعيين القاضي محمد بدران رئيساً لديوان المحاسبة.
- تعيين القضاة: جمال محمود، خالد عكاري، انعام بستاني، نيللي ابي يونس، بسام وهبه، مروان عبود، عبد الرضى ناصر وزينب حمود رؤساء غرف في ديوان المحاسبة.
- تعيين القاضي ريتا غنطوس رئيسة للهيئة العليا للتأديب.
ثانياً: تشكيل لجنة وزارية لدرس اوضاع المؤسسات العامة تمهيداً لاتخاذ القرارات المناسبة بشأنها، وهي برئاسة الرئيس سعد الحريري وعضوية الوزراء: غسان حاصباني، سليم جريصاتي، علي حسن خليل، جمال الجراح، وائل ابو فاعور ومي شدياق.
ثالثاً: تشكيل لجنة برئاسة وزيرة التنمية الادارية لوضع تصور لانجاز التوصيف الوظيفي في اطار هيكلية الادارة وتطويرها.
رابعاً:تكليف مجلس الانماء والاعمار وبالتنسيق مع المجلس الاعلى للخصخصة، اعداد دراسة اولية لتحديث مشروع «لينور» وعرضه على مجلس الوزراء لاتخاذ القرار اللازم بشأنه.
خامساً: اخذ مجلس الوزراء علماً بفوز المرشح عن المقعد النيابي الشاغر في صور حسن محمد علي عز الدين بالتزكية.
سادساً: وافق مجلس الوزراء على خطة العمل الوطنية لتطبيق القرار 1325 الصادر عن مجلس الامن حول المرأة والسلاح والامن.
سابعاً: وافق مجلس الوزراء على التدابير الواجب اتخاذها من قبل وزارة الداخلية والبلديات لاجراء الانتخابات البلدية والاختيارية الفرعية.»
حوار مع الصحافيين
وسئل الوزير جريصاتي: حصل اشكال على اسم القاضي فادي الياس، فكيف تم حل الموضوع؟
اجاب: هناك آلية دستورية لتعيين القضاة وتقوم على اقتراح من قبل وزير العدل ويصوّت مجلس الوزراء، وفق المادة 65 من الدستور، بالثلثين. تعيين القضاة اليوم حصل بالاجماع لجميع الذين وردت اسماؤهم، انما تم تحفظ وزراء «القوات اللبنانية» على اسم من دون ذكر الاسباب، وتم تجاوز هذا التحفظ بعد اتخاذ القرار وفق الآلية والاكثرية الدستورية.
وأعلن ان مشروع الموازنة سوف يوزّع بصورة عاجلة في اقرب فرصة ممكنة كما وعد وزير المال، للتداول بشأنه وذلك بعد ان انجزه، وستخصص جلسة لدرس المشروع ضمن المهل.
وقال انه تم استعراض المواد القانونية في الجلسة، وتبيّن انه قد يكون هناك مراكز تراعي الاولوية وكلمة «عند الاقتضاء»، وفي ضوء النبذات التي تم تقديمها، كان الرأي بتعيين بعض الرؤساء من خارج ملاك ديوان المحاسبة.
وسئل: هل يمكن القول انه اعتباراً من اليوم لن نشهد تعيينات من خارج جدول الاعمال، وان تدرج النبذات ضمن الجدول؟
اجاب: ان التعيينات التي تمت اليوم، اتت وفق نبذات شخصية تم ضمها الى جدول الاعمال، والبند هو السابع في الجدول. ولا بد من الاشارة الى ان الآليات التي تنظم عملية التعيينات هي دستورية او قانونية، وكل الآليات الاخرى هي بمثابة توجيه وليست ملزمة. ان الآلية الملزمة وفق الدستور هي اقتراح الوزير المعني على ان يقرر المجلس وفق اكثرية الثلثين، كما تنص عليه المادتين 65 و66. واذا كان هناك من آليات معيّنة يرغب البعض من الوزراء المعنيين اقتراحها، فلا مانع انما المهم مراعاة الاقتراح من قبل الوزير المعني فقط.
سئل: يتردد ان الاتفاق السياسي الذي سبق التعيينات، يبشّر بتدخل سياسي في القضاء؟
اجاب: هذا الامر غير صحيح، لان هذه التعيينات التزمت النصوص القانونية بحذافيرها، اي نصوص الدستور وقانون القضاء العدلي وقانون ديوان المحاسبة.
وعن تلفزيون لبنان؟ اجاب: سيقترح وزير الاعلام ما يرغب باقتراحه من اسماء لتعيين رئيس مجلس ادارة تلفزيون لبنان، ومجلس الوزراء هو الذي سيقرر.
سئل: كم بقي من شواغر في التعيينات؟
اجاب: شهدنا اليوم باكورة التعيينات، الذراع الاساسية اي القضائية اكان العدلي او الاداري او المالي والاخير اساسي بعد اتخاذ قرار للتدقيق السريع بحسابات السنوات السابقة تمهيداً لاقرار قطع الحسابات، وكان يجب تزخيم القضاء المالي بهذه التعيينات في ديوان المحاسبة، وهو ما تم اليوم.
وكشف ان وزير الخارجية جبران باسيل أثار موضوع شغور ديوان المحاسب خلال الجلسة، وتم الاتفاق على انه فور استلام الرؤساء والرئيس الجديد لديوان المحاسبة، سوف يعقد اجتماع برئاسة رئيس الحكومة لوضع آلية العمل لتزخيم عمل الديوان ومنها على سبيل المثال لا الحصر اجراء مباراة للمدققين الماليين وهو امر متاح.
وسبق الجلسة لقاء بين الرئيس عون والرئيس الحريري، تم خلاله بحث المواضيع المدرجة على جدول الاعمال.