بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 أيلول 2020 12:29م مستقبل خليل وفنيانوس السياسي على المحك.. ماذا تعني العقوبات الأخيرة قانونيًا؟

مالك لـ«اللواء»: للعقوبات شق مصرفي وآخر شخصي

حجم الخط
بعد تهديدات وتوعدات وغداة مغادرة ديفيد شنكر مساعد وزير الخارجية الأميركي بيروت، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على الوزيرين السابقين يوسف فنيانوس وعلي حسن خليل لضلوعهما في «الفساد» ودعم حزب الله الذي تصنفه واشنطن «منظمة إرهابية».

شنكر كان واضحًا بتوصيف خطوة العقوبات هذه، حيث قال: "هي رسالة إلى الحزب وحلفائه بأنه حان وقت سياسة أخرى في لبنان"، مؤكدًا على الإختلاف مع فرنسا على نقطة التمييز بين «جناحي حزب الله» السياسي والعسكري، وتزامنًا مع ربط البعض للقرار الأميركي بالضغط على لبنان بملف ترسيم الحدود البحرية، كشف شنكر عن قرب حل الخلاف البحري بين لبنان وإسرائيل، بدون الدخول في تفاصيل.

تساؤلات عديدة تطرح نفسها في الشق السياسي للعقوبات، وهي التي تأجلت لأكثر من سنة، بعد زيارة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري الى الولايات المتحدة بعد أنباء عن ادراج وزراء في حكومته على لائحة العقوبات، ولقائه خلال هذه الزيارة عدداً من الشخصيات البارزة الموصوفة «رأس حربة» في ملف العقوبات الأميركية على «حزب الله» منها وزير الخارجية مارك بومبيو ومساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون مكافحة تمويل الإرهاب، مارشال بيلينغسلي.

من هنا يأتي سبب «التريث الأميركي»، بحيث كان أي قرار مشابه لقرار ادراج خليل وفنيانوس على لائحة العقوبات حينها، يؤدي حتمًا الى اسقاط حكومة الحريري الأخيرة دوليًا، بالقبضة الأميركية.

وهذا ما يدخلنا مباشرة الى الشق القانوني وتساؤلاته وتأثيراته، فماذا يتضمن القرار الأخير، وكيف سيؤثر على الرجلين وعلى السياسة الداخلية، وفق أي قانون تمت العقوبات، وكيف سيتصرف لبنان؟

أولًا علينا عدم الإغفال عن أهمية دور الوزيرين الذي أدى الى العقوبات، فهي سابقة بادراج وزير مالية سابق لما له من دلالات على دور مالية الدولة بتمكين حزب الله، بالإضافة الى دور وزير الأشغال السابق بتقديم خدمات لحزب الله عبر المطار والمرفأ، بحسب الاتهامات الأميركية.

من هذا المنطلق، أكد الخبير القانوني سعيد مالك، في حديث مع اللواء، أن هذه العقوبات الصادرة عن وزارة الخزانة الأميركية تشمل الشقين المصرفي والشخصي، وذلك يحتّم على المصارف اللبنانية والأجنبية، رؤية ما إذا كان لهذين الشخصين حسابات خاصة لهما أو لزوجتيهما أو أحد أفراد العائلتين، من أجل العمل على وقف هذه الحسابات وتجميدها، ويصار الى منع التداول بخصوصها، علمًا أن مصرف لبنان ملزم بتطبيق هذا القرار، وبالتالي فأموال الوزيرين عملًا بالقرار الأميركي محجوزة.

وأوضح مالك أن تجميد الأصول مقصود بها الحسابات المالية، أما في ما يخص العقارات، فلا سلطة لوزارة الخزانة الأميركية تسمح لها بحجز عقارات لأحد في دولة أخرى، عملًا بمبدأ السيادة، ولكن المقصود بأن العقوبات تشمل حجز عقارات، فهي العقارات الموجودة حصرًا في أميركا.

وإضافة الى ذلك، ففي حال كان للوزيرين سمة دخول الى أميركا، فحكمًا تم تجميدها وبالتالي هناك منع سفر الى أميركا، ولا يشمل منع السفر أية دولة أخرى.

الخبير الدستوري سعيد مالك: ما من نصّ دستوري ينصّ على حلّ مجلس النواب عن طريق استقالة عدد من النواب
الخبير القانوني سعيد مالك

حق الإعتراض
على الرغم من أن الخزانة الأميركية أصدرت العقوبات بحكم قانون نافذ، لفت مالك الى أن باستطاعة الوزيرين الاعتراض على هذا القرار، وتكليف محامٍ أميركي في الولايات المتحدة، لتقديم اعتراض رسمي يقدّم تحديدًا الى الخزانة الأميركية، وعندها إما أن يؤخذ بهذا الإعتراض أو لا.

على أي قانون اعتمدت أميركا؟
في الواقع عاشت الدولة اللبنانية طويلاً على وقع لوائح عقوبات أميركية صادرة عن «مكتب مراقبة الأصول الأجنبية» التابع لوزارة الخزانة الأميركية «أوفاك» OFAC تستهدف «حزب الله» قيادة وأفراداً. وأُقر في هذا السياق قانونان، هما «هيفبا 1» و«هيفبا 2».

ونتج عن أول قانون في 9 تموز 2019 قرارًا بأدراج اسمي نائبين عن الحزب، هما أمين شري ومحمد رعد، على لوائح العقوبات، بتهمة «استغلال النظام السياسي والمالي اللبناني» لصالح حزبهما، وإيران الداعمة له، وشملت اللائحة أيضاً اسم وفيق صفا مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب.

وفي إطار التحضير لـ«هيفبا 2» سربت مسوّدات عدة له، أبرزها إدراج أفراد منتمين إلى «حركة أمل» على لائحة العقوبات. ومضت الادارة الأميركية قدماً في «هيفبا 2» الصادر عام 2017، والذي دخل حيز التنفيذ عام 2018، مقرّة إجراءات أكثر صرامة، كفرض عقوبات جديدة على أي كيانات يثبت دعمها للحزب.

وربطًا بما سبق، أشار مالك أن العقوبات أتت وفق القانون الخاص بحزب الله، ولا علاقة له بقانون قيصر أو أي قانون آخر.

ما مصير خليل وفنيانوس السياسي؟
ذهبت التحليلات بعد القرار الأميركي نحو اعتبار العقوبات وخصوصًا على الوزير خليل، المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري، بمثابة اغتيال سياسي مباشر له تقضي على آماله بخلافة بري، ورسالة الى حركة أمل وباقي الحلفاء، في حين كان لافتًا ادراج اسم الوزير فنيانوس كأول مسيحي على لائحة العقوبات مما يعني أن العقوبات لن تكون من حصة الطائفة الشيعية فقط، وتوعُّد شخصيات مسيحية أخرى بالعقوبات ليس مناورة بل حقيقة.

في هذا الشأن، أفاد مالك أن الوزير له توقيعات تلزم الدولة، وبالتالي أمر العودة الى الوزارات لكل من خليل وفنيانوس بات صعبًا جدًا.

واعتبر أن وجود وزراء معاقبون من قبل الخزانة الأميركية، يُضعف وضع الحكومة، ويفتح باب التبرير لأي حكومة أجنبية أو أوروبية لعدم التعاون مع هذه الحكومة، على اعتبار أن هذه الحكومة تضم أشخاصًا متهمين بالفساد وتمويل الإرهاب وغيرها.

على من تؤثر العقوبات الى جانب الوزيرين السابقين؟
يؤكد مالك أن الأثر الأساسي لهذه العقوبات، هو على الصعيد المصرفي، ففي حال كان هناك تعامل مالي مباشر مع الوزيرين السابقين بدون المرور عبر المصارف، فلا شيء يمنع ذلك، وهذا ما تؤكده تجربة العقوبات على نائبي حزب الله اللذين لا يملكان حسابات مصرفية.

خلاصة ما يربط القانون بالسياسة، نستنتج اليوم أن مسار محاسبة الطبقة السياسية التي رسّخت نفوذ حزب الله في لبنان دخل حيز التنفيذ، ونحن موعودون بقرارات صادمة في قادم الأيام، فهل العقد السياسي الجديد للبنان ينطلق من نيويورك؟