بيروت - لبنان

اخر الأخبار

14 أيلول 2020 12:01ص «منتدى لبنان للثقافة والتراث» یتفقد متحف سرسق بعد النكبة

الأضرار فادحة والترمیم یتطلب ٤ ملایین دولار والیونسكو في مقدمة الداعمین

امام مبنى المتحف مع مخلفات الدمار امام مبنى المتحف مع مخلفات الدمار
حجم الخط
«منتدى لبنان للثقافة والتراث» الهادف الى الإسهام في تعزیز النشاط الثقافي في بیروت ومنها الى كل لبنان والإنخراط في مسیرته الثقافیة، أصیب في الصمیم بمأساة الإنفجار الذي حوّل بیروت الى مدینة منكوبة وهبّ للإطلاع على الجانب الآخر للنكبة التي أزهقت أرواح غالیة وأوقعت الآلاف في عذاب الجراح في النفس أو في الجسد، الجانب الذي طبع بیروت لتكون عاصمة لبنان وعاصمة للثقافة والفن والتراث بلا حدود.

 قام وفد من أعضاء المنتدى یتقدمهم الأستاذ صلاح سلام بزیارة متحف سرسق للإطلاع على الأضرار البالغة التي لحقت به تمهیداً للإنضمام الى جهود إعادته الى سابق عهده وإستعادة دوره الثقافي المتمیز. مشهد الدمار صادم في القصر الذي بناه الوجیه البیروتي نقولا إبراهیم سرسق في الأشرفیة عام 1912 على الطراز العثماني – الإیطالي، ووهبه بعد وفاته عام 1952 إلى بلدیة بیروت، لیتحوّل متحفاً للفنون الحدیثة والمعاصرة كما ذكر في وصیته، مشترطاً أن یكون رئیس بلدیة بیروت متولّیاً على المتحف، تدیر شؤونه نخبة من الشخصیات البیروتیة. ففتح المتحف أبوابه للمرة الأولى خریف العام 1961 ، وبقي صامداً أبداً بعد ان شهد على حربین عالمیتین وحرب لبنان، لكن ثوانٍ قلیلة فعلت به ما عجزت عنه تلك الحروب الكبیرة، فأنزلت به خراباً ودماراً یدمي القلوب.


منحوتة عارف الريس نجت والواجهة الزجاجية تحطمت

 زیارة وفد المنتدى الذي ضم كل من : د. نعمت جعجع، د.أمین فرشوخ، د. سلوى الأمین، د. فوزي زیدان، المحامي غالب محمصاني، المحامي حسین فیاض، د. إكرام الأشقر، كلودا فاضل عقل، وفرحان صالح، بدأت حول طاولة مستطیلة قدمت خلالها مدیرة المتحف السیدة زینة عریضة، نبذة عن المتحف وشرحت مدى جسامة الأضرار وأعمال إزالة الغبار ورفع الركام وتنظیف المبنى، بعد أن عصف الانفجار بالنوافذ والأبواب المشغولة بعنایة فائقة، وحطهم الزجاج الملون الذي كان یمنحه رونقاً شرقیاً ساحراً، فضلاً عن الجدران والسقوف التي انهارت. وكان سبق للمتحف أن أغلق أبوابه عام 2008 لترمیمه وتوسعته وزیادة أجنحته وإضافة أربعة طوابق تحت المبنى القائم دون المسّ به، لتصبح مساحته 8500 م2 بدلاً من 1500م2. بإشراف المعمارییْن مبشال فیلموت الفرنسي وجاك أبو خالد اللبناني على مدى سبع سنوات بتكلفة 15 ملیون دولار، واستحدثت قاعة للمعارض المؤقتة وقاعة محاضرات ومخزن للمجموعات الدائمة ومكتبة وورشة للترمیم ومتجر لبیع التذكارات ومطعم، فبات المتحف تحفة معماریة جمالیة تجمع بین العصري والتراثي.

 وأكدت عریضة أن المبنى لا زال متیناً وأساساته ثابتة، لكن ما بین 25 و30 لوحة ومنحوتة تضررت من الزجاج المتطایر جراء الإنفجار من أصل 70 قطعة فنیة من المجموعة الثابتة من المحترف التشكیلي اللبناني الحدیث، كانت معروضة وقت وقوع الانفجار، وبعضها تلف نهائیاً. ولحسن الحظ فإن مقتنیاته من مئات اللوحات والمنحوتات التي ترصد حركة الفن اللبناني الحدیث في القرنین التاسع عشر والعشرین والأدوات الفنیة والمقتنیات الأثریة والتماثیل والأیقونات والأعمال الفنیة الإسلامیة لم تصب بأذى إذ أنها كانت كلها محفوظة في المستودعات.


اللوحة المتضررة لواهب المتحف نقولا سليم سرسق

 أما لوحة صاحب المتحف نقولا سرسق التي رسمها الفنان الهولندي الشهیر كیس فان دونغن في ثلاثینات القرن العشرین وكانت معلقة في مكتبه، فإنها تمزقت بشكل كبیر وترمیمها یحتاج إلى بعض الوقت.

 وأشارت مدیرة المتحف أن ترمیم معظم اللوحات سیتم في لبنان، فیما تتطلب بعض اللوحات نقلها إلى الخارج من أجل إصلاحها، علماً أن الدخول إلى المتحف مجاني، ویتمّ تمویله من اقتطاع نسبة معینة من بعض الرسوم البلدیة، ومن تبرعات، وتجاوز عدد زواره عام 2019 الـ75000 زائر.

وما یُجسد الأضرار الفادحة في هذا المتحف الفرید بهندسته في المنطقة، مشاهد الألواح المعدنیة الملتویة المكدسة في ساحة القصر بعد ازالتها من داخله، وقطع صغیرة من الزجاج الملون في بعض النوافذ ما زالت تزین واجهات القصر الأبیض. أما في الداخل فتطالعك السقوف المستعارة مهشمة، وشرائط الكهرباء متدلیة منها، والجدران التي استحدثت من أجل تعلیق لوحات المعارض ممزقة، وقطع الخشب والرخام مرمیة على جوانب الغرف. أما الصالون الشرقي أو العربي الممیز الذي یقع في الدور الأول من المبنى، والذي كان یستقبل فیه صاحب القصر زواره، فإنه تحطم بشكل لافت، لكن الخشب الدمشقي المنحوت بالید، الذي یشكل جدرانه وسقفه، لم یتهاو برمته، وما أصیب منه سیكون صالحاً للترمیم، بدون أن یفقد أصالته. وكذلك هو الحال بالنسبة للمكتب الشخصي لصاحب القصر المجاور للصالون. ومن على شرفة الدورالأخیر یظهر المرفأ الذي یبعد بالخط الهوائي المباشر حوالي 700 متر، اما في الدورالسفلي الأخیر فتوجد غرف ترمیم اللوحات والمنحوتات والأعمال الفنیة الأخرى، والمكتبة وغرف المحفوظات ومكاتب الإدارة المحطمة.


وفد المنتدى مع مديرة المتحف حول الطاولة المستديرة

 ورشة إحصاء الأضرار وتقدیر التكالیف الأولیة مازالت ناشطة على أكثر من صعید، وتقول مدیرة المتحف زینة عریضة: نحن في سباق مع الوقت، لأننا كنا أعددنا برنامجاً خاصاً للعام المقبل لمناسبة مرور ستین عاماً على إفتتاح المتحف، وسنحاول إنجاز الترمیم وإعادة التجهیز في فترة أقصاها سنة، حتى نحتفل بستینیة المتحف في ٢١ أیلول ٢٠٢١ ، وبتكلفة تصل إلى أربعة ملایین دولار.

 وتختم كلامها: لن ننتظر المساعدات من الدولة وحدها، فثمة مؤسسات ثقافیة، في مقدمتها منظمة «الیونسكو» أبدت إهتماما بالمساعدة، وكذلك بعض الجالیات اللبنانیة في العالم على تواصل معنا.

بالأرقام.. شخصيات ومؤسسات متضررة


أفادت الإحصائيات الأولية في المناطق المتضررة في أحياء الجميزة ومار مخايل والأشرفية عن وجود عدد كبير من الشخصيات والمؤسسات الثقافية والفنية متضررة، وذلك وفق الأرقام الآتية:
١٦٠ فناناً، ٣٠ موسيقياً، ٥٠ مخرجاً وعاملاً في قطاع الإنتاج، ٣٠ مؤسسة ثقافية وفنية.