أقام «مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين اتباع الأديان والثقافات» «كايسيد»، جلسة نقاش وحوار بعنوان: «دور القيادات الدينية والإعلام، في مواجهة خطاب الكراهية»، في فندق شيراتون فور بوينتس في فردان، شارك فيها «الامين العام لمركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين اتباع الأديان والثقافات» «كايسيد» الدكتور فيصل بن عبد الرحمن معمر، قاضي شرع جبيل للطائفة السنية الشيخ خلدون عريمط ممثلاً مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، الأب غابي هاشم ممثلاً «مجلس كنائس الشرق الاوسط»، الكاتب الصحفي مصطفى فحص، السفيرة العالمية للنوايا الحسنة محاسن حدارة، بحضور سفير الفاتيكان في لبنان جوزف سبيتيري، سفير النمسا في لبنان Marian Wrba، نائب سفير المملكة العربية السعودية في بيروت ماجد أبو العلا ممثّلاً السفير وليد بخاري، وكيل وزارة الشؤون الإسلامية، «الدعوة والارشاد» في المملكة العربية السعودية، الدكتور عبدالله الصامل، رئيس تحرير جريدة «اللواء» الزميل صلاح سلام، بالإضافة إلى حشد من الشخصيات الثقافية والفكرية والدينية والتربوية والجامعية والإعلامية والاكاديمية وجمهور من المهتمين.
معمر
{ بداية الافتتاح بكلمة ترحيبية ألقتها ديما عاصي، ثم سلم الدكتور فيصل بن عبد الرحمن معمر شهادة التخرّج لـ32 شاباً وشابة، من 8 دول عربية، شاركوا في برنامج الزمالة، ثم تحدث كبير المستشارين في مركز «كايسيد» والبروفسور في الجامعة الأميركية في واشنطن الدكتور محمّد ابو النمر: «ان الجلسة الحوارية والنقاش يسلطان الأضواء على قضايا ملحة تشغل العالم كلّه وليس فقط في العالم العربي والإسلامي لناحية مواجهة ومناهضة خطاب الكراهية، على صعيد المؤسسات والقيادات الدينية وايضاً على الصعيد السياسي والإعلامي، وان الحوار والنقاش يشمل دور المؤسسات الدينية والإعلامية من خلال هذه الوجوه الكريمة، وابراز رفض خطاب الكراهية على المستوى الديني والاعلامي».
ثم تحدث فيصل بن عبد الرحمن معمر فقال: «اننا نقدر الدور الكبير الذي قامت به الدول المؤسسة لمركز «كايسيد» وهي جمهورية النمسا، مملكة اسبانيا ودولة الفاتيكان، والمملكة العربية السعودية، ولما تلعبه من مشاركات محورية في مواجهة الإرهاب ورفض خطاب الكراهية، من خلال المنصات التي يطلقها مركز «كايسيد» في مختلف أنحاء العالم ونأمل عودة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان والسيّد عبد الأمين سالمين إلى ربوع الوطن، لكونهما موجودان في روسيا وهما من المؤسسين لهذه المنصة الحوارية، والشكر موصول لشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز نعيم حسن والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، لما يلعبان من أدوار مكملة لاستمرار منصات ولقاءات الحوارية وممارسة سياسة الاعتدال في هذا البلد، وان هدفنا الأساسي هو الاستثمار في الإنسان وتعزيز العيش المشترك واحترام التنوع وقبول التعددية في ظل المواطنة المشتركة، وكلها عناوين كبرى نعمل على اطلاقها من خلال مركز «كايسيد»، ونترجمها على أرض الواقع من خلال 5 منصات في جميع أنحاء العالم، وهي برنامج الزمالة الافريقية، برنامج الزمالة العربي، برنامج الزمالة الاسيوي، وبرنامج الزمالة الأوروبي، وبرنامج الزمالة العالمي، وكلها تمّ بدعم من القيادات الدينية من اسلامية ومسيحية».
وأضاف معمر: «ان أكثر المناطق تعرضاً للارهاب والتطرف كانت منطقتنا العربية والتي تحتضن الديانات السماوية الثلاث، فكان هناك أعمال اجرامية ارتكبت باسم الدين والدين منها براء، ولا صلة للدين بهذه الأعمال الاجرامية، ورفض كل هؤلاء المجرمين الذين يحاولون تشويه الدين الإسلامي وعليه فإننا نتجه إلى الدعوة لاطلاق منصة تتعلق بالاعلام، لناحية إقامة مؤتمر دولي حول الإعلام، في هذا العام مرتبط لإلقاء الأضواء على أهمية المؤسسات الإعلامية لمواجهة خطاب الكراهية».
هاشم
{ ثم تحدث الأب هاشم، فقال: «ان المطلوب التمييز بين الدين والمؤسسات الدينية، لأن الدين له علاقة حياة باطنية مع الله تعالى، فيما المؤسسات الدينية، تلعب دوراً اساسياً في مواجهة خطاب الكراهية ورفضه بالكامل وما نفتقده عدم وجود رسالة دينية موحدة، تهدف إلى إيصالها للجمهور العام إنما خطاب صحيح يصل إلى قلوب النّاس ويملأ حياتهم بالحياة الدينية الصحيحة، فغاية الدين العمل على توفير الهناء للانسان وعيشه بسلام ومحبة وطمأنينة مع الآخرين والحاجة ملحة إلى فهم الدين فهماً صحيحاً حتى للذين ينتمون إليه وهذا تحدٍّ كبير لمختلف الأديان بأن لا تحتكر للمجال الروحي وان تعترف بأن القيم والمبادئ في مختلف الأديان هي إنسانية جامعة».
عريمط
{ ثم تحدث القاضي عريمط فقال: «في عقيدتنا الإسلامية لا مكان لخطاب الكراهية، إذا ما تصفحنا القرآن الكريم لوجدنا 140 آية تدعو إلى السلام والمحبة والألفة، وهناك فقط 6 آيات تدعو فيها إلى الحرب، والحرب هنا حرب الدفاع عن النفس وليس حرب الهجوم هو مكان كراهية، والتي كرهها الإسلام، رغم انها دفاع عن النفس، وان تحية المسلمين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فيها دعوة إلى المودة والسلام، وهذا يدل إلى ان الكراهية مرفوضة وبعيدة عن الإسلام، وان الرسول الأكرم (صلى الله عليه وسلم) أوصى بأن لا يبغضون المسلم وان الكلمة الطيبة هي صدقة جارية، فلا مكان لخطاب الكراهية عندنا في الإسلام، الذي لا يقبل الغلو والتطرف والكراهية ورفض الآخر والاسلام يدعو إلى مخاطبة الإنسان عندما يُشير بالقول «يا أيها الناس» و«يا أيها الانسان».
وأضاف عريمط: «اننا نحيي المملكة العربية السعودية على عقد مثل هذه الجلسة الحوارية والنقاش في لبنان، البلد الذي فيه 19 طائفة، منها 4 مذاهب إسلامية و15 مذهباً مسيحياً، فهذا الوطن هو نموذج للتعايش والتلاقي بين اتباع الديانات وبلد يرمز إلى حوار. ومطلوب شرعاً بالنسبة إلينا، وان المؤسسات الدينية لعبت دورا رئيسيا لمواجهة ما كان يُعاني لبنان من حرب عبثية على ساحتها اللبنانية وحروب الآخرين على أرضها، كان لرجال الدين المسلمين والمسيحيين، دور محوري لتكون القاسم المشترك بين المواطنين، عندما كانت الطرقات مقطوعة والاحياء ممزقة، كانت المراجع الدينية الاسلامية- المسيحية، القاسم المشترك للحفاظ على وحدة الأرض والشعب والمؤسسات التي كانت تقف رافضة حمل السلاح غير شرعي عن الأرض اللبنانية، وتحمل شعار ضد الميليشيات التي تحمل السلاح، في وجه المواطنين هنا وهناك.
حدارة
ثم تحدثت السفيرة حدارة فقالت: «هل يستثمر الإعلام العربي بالإنسان؟ هل يُعقل أن رسالة الإعلام تحولت إلى خطاب كراهية؟ وحسب الإحصاءات 70٪ من الخطابات التي نراها في الإعلام العربي، هي خطاب كراهية وليس خطاب انساني، فكل المراجع والأرقام تُشير بأن الإعلام في الدول العربية، هو اعلام حربي، وليس اعلاماً انسانياً يهدف إلى خدمة المجتمع، وهنا تكمن المشكلة الحقيقية في واقعنا العربي بحيث تحول صناع خطاب الكراهية إلى أبطال يحتلون المساحة الأكبر، ونسأل أين الرسالة الحقيقية للاعلام العربي تجاه تنوير مجتمعاتنا، فالاعلام العربي اليوم يخلط بين خطاب الكراهية وحرية التعبير، وهذا ما نرى فصول منه، في المحطات التلفزيونية العربية التي تستضيف أشخاصاً تدعو إلى خطاب الكراهية بين المجتمع العربي». وأضافت حدارة، يساء إلى حرية التعبير بالفوضى والكراهية والظلم وبين حرية التعبير وخطاب الكراهية كلمة سر اسمها المسؤولية.
وختمت حدارة، اليوم علينا الإنتقال من خطة الدفاع إلي خطة الهجوم وصناعة إعلام جديد بهوية جديدة تعيد للشرق صورته السلامية والإنسانية، وهنا لا يمكن إلا أن نتحدث عن أهمية صناعة السينما العربية الهادفة كي تخاطب المجتمعات كافة، والعمل على خلق موقع تواصل اجتماعي على غرار فايسبوك وتويتر ولكن بهوية الشباب العربي.
فحص
ثم تحدث الإعلامي فحص فقال: «من يتحمل المسؤولية في نشر خطاب الكراهية، الرد ان الإعلام مكون في تحمل المسؤولية وليس هو من يتحمل كل المسؤولية، وفي الأساس لم نتفق في العالم العربي والغربي، على تحديد الوصف الحقيقي والتعريف لخطاب الكراهية وكيفية مواجهته، فيما الدول الغربية وضعت حدودا لهذا الخطاب لناحية عدم المساس بحرية الفرد والتعبير عن الرأي، وان لا يصل إلى حدّ العنف واراقة الدماء، فيما في العالم العربي فان الإعلام فيه مسير ويخضع في جزء منه إلى حسابات سياسية ومشاريع تمويلية له، ومن نراه هو نمط اعلامي محرض لخطاب الكراهية بسبب وجود مموّل له، وهناك خطاب عربي رسمي هادئ بسبب السياسات المتبعة من قبل المموّل له».
الصامل
ثم كانت مداخلة لوكيل وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والارشاد، في المملكة العربية السعودية عبد الله الصامل، فقال: «ان المنبر يُشكّل الواجهة الأساسية للمؤسسات الدينية التي عليها مسؤولية كبيرة في مواجهة التطرف والإرهاب وخطاب الكراهية، فالمنابر الإسلامية لها أدوار في الخطابة والموعظة من خلال إطلاق الندوات والمحاضرات واللقاءات الحوارية، ومؤخراً قمنا بتوجيهات من الوزير عبد اللطيف بن عبد العزيز آل الشيخ وبدعم من الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي العهد محمّد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود إلى تنقية المنابر لخطابة الجوامع وبحزم وعدم التراخي في اتخاذ جميع الإجراءات الإدارية، بحق كل خطيب منبر، يدعو إلى الغلو والتطرف ونشر ثقافة الكراهية سواء في المنابر والندوات واللقاءات والمحاضرات، وتمّ إيقاف البعض من هؤلاء الأئمة الذين أرادوا التأثير على جمهور المواطنين الذين يتوافدون للصلاة يوم الجمعة في هذا الجامع أو ذاك».
سلام
ثم كانت مداخلة للزميل سلام، فقال: «ان حضوركم في بيروت عاصمة لبنان، له معاني ودلالات كبرى، خاصة انها تشكّل المختبر العملي للحوار بين الأديان والحضارات، على مرّ الزمن ومنذ آلاف السنوات، ومن الظلم الواقع ان نحمل مسؤولية انتشار خطاب الكراهية في السنوات الأخيرة، سواء في العالم العربي، وحتى في الإعلام الغربي، ولا اعتقد ان الإعلام هو الذي ساهم في إنشاء تنظيم «القاعدة» أو «داعش» أو الجماعات المتطرفة التكفيرية الأخرى، بعض الإعلام كان يساهم في نشر هذا الخطاب لأهداف سياسية واضحة، ولكن معظم الإعلام كان يحارب هذه الظاهرة بالذات، نحن في جريدة «اللواء» خضنا تجربة منذ أكثر من 40 سنة، وسماحة الشيخ القاضي خلدون عريمط رافقنا بها و«اللواء» الجريدة الوحيدة في العالم العربي، التي تخصص يومياً صفحة للقضايا الدينية باسم «اللواء الاسلامي»، ولكن هي في الواقع تعالج مختلف القضايا الدينية لكل الأديان والمذاهب الأخرى، وفي هذه الصفحة كان المرحوم السيّد هاني فحص أحد كتابها الرئيسين الدائمين، وهذه الصفحة تضم آراء ودراسات مختلف الأطياف الدينية والمراجع الدينية، لأنها تنشر مفاهيم الإسلام على حقيقته، قبول الآخر، الوسطية في الإسلام، التسامح في الإسلام، روح المحبة، المشاعر الإنسانية للاسلام، وعليه ارجو ان لا نحمّل الإعلام كل المسؤولية في نشر خطاب الكراهية».
ثم كانت مداخلات للشيخ سامي أبي المنى، ممثلا الشيخ عقل الموحدين الدروز نعيم حسن، الأب روني بو غاريوس ممثلاً البطريركية المارونية، ووزير العدل السابق في فلسطين الدكتور علي خشان، الشيخ محمّد الأمين ممثلا دار الافتاء في المملكة الأردنية.