وإذا كان السبب المعلن لانسحاب الشركة هو رفض حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تزويدها بالوثائق والمستندات التي طلبتها، متذرعاً بقانون السرية المصرفية، فإن لهذه المسألة وجوها كثيرة، وهي بطبيعة الحال تطرح أسئلة حول أساليب النهب، وتخطي الرقابة، وما إذا كانت القوانين اللبنانية فعلاً تمنع التوصل إلى معرفة من سرق المال العام، وما هي الوسائل المتاحة لكشف كل ذلك، ثم لماذا تصمت الشركة المعنية عن كشف أسباب تمنعها عن استكمال مهمتها؟
جريدة «اللواء» ومن ضمن ندواتها المتخصّصة لمتابعة القضايا الوطنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، استطلعت آراء أربعة من كبار الخبراء في القضايا المالية والقانونية حول هذه الهواجس والاسئلة في ندوة حملت عنوان «التّدقيق المالي الجنائي والسريّة المصرفيّة.. طبيعة الأزمة وإمكانات الحلول»، تحدّث فيها كلّ من: المحامي سليم الخوري، الرّئيس السّابق للجنة الرقابة على المصارف سمير حمود، وزير الاقتصاد الأسبق سامي حداد والخبير المالي والاقتصادي نيكولا شيخاني.
وأشار المحامي الخوري إلى ان «عوامل قانونيّة ودستوريّة تتعلّق بقانونَيّ النّقد والتّسليف والسريّة المصرفيّة حالت دون تسهيل عمل شركة التّدقيق الجنائي «ألفاريز»، وذلك يستدعي الالتزام بتوصية هيئة القضايا والتّشريع لناحية عدم التذرّع بهذين القانونين لعرقلة التدقيق، خصوصاً في ظل الأزمة الماليّة والاقتصاديّة الضاغطة، والحاجة الوطنيّة الملحّة لإنجاز هذا الأمر»، فيما رأى حمود أنّ «لبنان لم يعش فقط في ظلّ الهندسات المالية الّتي حصلت في السّنوات الأخيرة، أو في ظلّ استقطاب الأموال من الخارج»، متسائلاً: «هل من الصّواب طرح شعار التّدقيق المالي في ظلّ الالتباسات العميقة التي يعيشها لبنان على صعيد الحوكمة والفساد وأولويّات الإصلاح؟»، معتبراً أنّ ما حصل هو «إستقدام شركة لا نعرف ماذا تريد، وما هو مطلوبٌ منها»، وسأل أيضاً: «ما هو المفعول الرّجعي لتعديل قوانين السرية المصرفية على مسألة استقرار التّشريع وحركة العقود مع الشركات العالمية؟»، منبهاً إلى أنّ «حسابات مصرف لبنان ليست قطاعاً عامّاً، وإذا لم يشمل التّحقيق الجنائي الأفراد، فلا قيمة له». مؤكداً أن «صندوق النقد يعتبر السريّة المصرفيّة العائق الأساسي أمام حلّ الأزمة الماليّة وتدفّق المساعدات».
بدوره، اعتبر حدّاد أنّ «التّحقيق الجنائي أمرٌ ثانوي تجاه ما يواجه لبنان من أزمات»، وسأل، «ما الذي يمنع مؤسّسات القطاع العام أن ترفع السريّة المصرفيّة عن كافة عقودها للتّدقيق بها؟»، وذكّر بأنّ «الهندسات الماليّة، التي وصفها بـ(الخُزعبلات)، تحتاج إلى بحثٍ وتدقيقٍ، تماماً كمسألة الاستدانة الكبيرة لمصرف لبنان بالعملات الأجنبيّة ومنحها كقروضٍ للدّولة»، داعياً إلى «وقف الدّعم سريعاً لأنّ الدّولة مفلسة وأكثرية من يستفيد من هذا الدّعم ليسوا محتاجين له»، فيما سأل شيخاني: «لماذا التّدقيق الجنائي، طالما فشل الشّخص المعني بإدارة مؤسّسته، وكان عليه ترك منصبه»، لافتاً إلى أنّه «وفق القانون يحقّ لمفوّض الحكومة لدى مصرف لبنان، الوصول إلى 90% من المعلومات الّتي تطلبها «الفاريز»، مشيراً إلى «مخارج قانونيّة عدّة يمكن اللّجوء إليها لتسهيل عمل التّدقيق والوصول للمعلومات المطلوبة».
الخوري: التذرّع بقانونَيّ النّقد والتّسليف والسريّة المصرفيّة لعرقلة التدقيق يثير أسئلة!
الخوري: أمام وجهتي نظر
المحامي سليم الخوري
في مستهل الندوة، تطرَق المحامي الخوري إلى توصيفين، الأوّل من النّاحية الواقعية، أمّا الثّاني فمن النّاحية القانونية، ولفت إلى أنّ «التشابك القائم حالياً بين مصرف لبنان وشركة «الفاريز ومارسال» بموضوع التدقيق المالي الجنائي الواجب على هذه الأخيرة القيام به لدى المصرف المذكور، بموجب العقد الموقّع معها من قبل وزير المالية، وذلك استناداً لما صدر عن مجلس الوزراء من قرار بهذا الشأن، حصل بنتيجة وجود قانون السرية المصرفية الصادر بتاريخ 3 أيلول 1956 الذي يحول دون إمكانية حصول شركة Alvarez & Marsal على معلومات ووثائق ومستندات خاصة بالمتعاملين مع المصرف المركزي، الذي يتذرع بنص المادة 151 من قانون النقد والتسليف، إضافة إلى أن هذا القانون، يعيق التوسع في عملية التدقيق الجنائي هذه، في مداها الأقصى».
وأضاف: «أمام هذا التجاذب القائم بين هذين الفريقين، في ظل أزمات عديدة تعصف بالبلاد بشكل مؤلم ومذل، ومنها الاقتصادية والمالية والمعيشية، وآخرها الصحية الناتجة عن جائحة كورونا المتفشية بشكل مريب، على مساحة الوطن، لا بد لنا، من أن نلقي الضوء على تاريخ إنشاء قانون السرية المصرفية، والأسباب الموجبة له، وما تضمنه هذا القانون من أحكام واجبة».
وأوضح الخوري أنّه «لدى صدور قانون السرية المصرفية، بتاريخ 3 أيلول 1956 وبناءً لاقتراحِ من النائب المرحوم العميد ريمون إده، كان الهدف منه جعل لبنان، هذا الوطن الصغير مرتعاً ومقراً لأموال وودائع أصحاب الملايين من عرب وأجانب، بل جعله جنة ضرائبية تستقطب ثروات أغنياء العالم»، مضيفاً: «إنّي لمقتنعٌ أنّ هذا القانون لم يكن مطلقاً حينذاك، مصاغاً للّبنانيين ولمواطني هذا البلد الصغير، العاجزين في تلك الفترة عن الاستفادة منه، وهنا نعود لنقول، أنّ هذا الموضوع الشّائك يحمل في طياته وجهتين أساسيتين، الوجهة الأولى محض قانونية، أما الوجهة الثانية فهي واقعية منطقية وقانونية في آنٍ معاً».
الوجهة الأولى: القانونية المحض
وأكّد عبر الوجهة الأولى القانونيّة المحض، على أنه «ليس من خيارٍ بديل، كي ينكشف مكمن الخلل الذي يعيق عملية التدقيق المالي الجنائي الموسع ، من قبل شركة «Alvarez & Marsal» لدى مصرف لبنان، سوى العودة إلى القوانين اللبنانية المرعية الإجراء، والعمل بمقتضاها، والتقيد بمضمونها وأحكامها. فالنصوص القانونية الواردة، إن في قانون النقد والتسليف المنفذ بالمرسوم رقم 13513/1963 والمعدل عام 1973 وعام 1977، وكــــذلــــك بمقتضى القانون رقم 361 تاريخ 1/8/1994، أم في قانون السرية المصرفية تاريخ 3 أيلول 1956، والمقارنة بينهما وبين أحكامهما، تستطيع أن توضح حقيقة وقانونية الإجراءات والسبل الواجب إتباعها، لتسهيل عمل الشركة في التدقيق المالي الجنائي، وكي تقوم بالتزاماتها وموجباتها على أكمل وجه».
من هنا، رأى أنّ «المادة 12 من قانون النقد والتسليف قد أنشأت مصرفاً مركزياً تحت إسم مصرف لبنان، بينما المادة 13 منه قد صنفت هذا المصرف، على أنه شخص معنوي من القانون العام ويتمتع بالاستقلال المالي، وهو يعتبر تاجراً في علاقاته مع الغير، ويجري عملياته وينظم حساباته وفقاً للقواعد التجارية والمصرفية وللعرف التجاري والمصرفي، ولا يخضع لقواعد الإدارة وتسيير الأعمال وللرقابات التي تخضع لها مؤسسات القطاع العام، ولا سيما لأحكام المراسيم الاشتراعية رقم 114 و115 و117 و118 تاريخ 12 حزيران سنة 1959... أما قانون السرية المصرفية الصادر بتاريخ 3 أيلول 1956، فقد حدد في مادته الأولى المبادئ الأساسية للمؤسسات التي تخضع لتلك السرية المصرفية، لناحية ما ورد على الشكل الآتي: «...تخضع لسر المهنة المصارف المؤسسة في لبنان على شكل شركات مغفلة والمصارف التي هي فروع لشركات أجنبية شرط أن تحصل هذه المصارف اللبنانية والأجنبية على موافقة خاصة يعطيها وزير المال لهذه الغاية، يستثنى من أحكام هذا القانون مصرف التسليف الزراعي والصناعي والعقاري».
ورأى أنّه «بخلاصة تلك المقارنة، يبدو واضحاً وجلياً، أن قانون السرية المصرفية يحول دون وصول شركة Alvarez & Marsal إلى الحسابات كافة لدى مصرف لبنان، للاضطلاع عليها والتدقيق فيها معرفياً وجنائياً، لذا، كان من الأجدر أن يكون مصرف لبنان، فريقاً في العقد الموقع بين تلك الشركة ووزير المالية، وكان حري أيضاً، لو كان مصرف لبنان فريقاً في هذا العقد، أن يتنازل مسبقاً وطوعاً عن ممارسة حقه في التذرع بالسرية المصرفية، لإضفاء، على تلك الاتفاقية، وضوحاً وشفافية والتزاماً من قبل المصرف المركزي، هذا من ناحية أولى».
أما من ناحيةٍ ثانية، اعتقد الخوري أنه «من الواجب على السلطة التشريعية، أن تحسم الجدل القائم حالياً، وذلك عبر إقرار قانون معجل مكرر، يعلق بموجبه عمل المادة 151 من قانون النقد والتسليف، ويستثني من التدقيق المالي الجنائي حق التذرع بالسرية المصرفية».
الوجهة الثانية: الواقعية والمنطقية والقانونية
فيما يخص الوجهة الثانية، اعتبر الخوري أن «القوانين شأنها شأن أي شيء آخر في هذا العالم، فهي تصاغ لظروف معينة، وذلك لارتباطها بالمكان والزمان اللذين تصدر فيهما، بمعنى أن الظروف الحياتية والمعيشية والإقتصادية والمالية، التي كانت تخيم على البلاد عام 1956، لهي جد مغايرة ومختلفة عن تلك الظروف المالية والاقتصادية والآنية المعيوشة في الوقت الحاضر والزمن الحالي منذ ما قبل عام 2019 وحتى الآن». وتابع: «فإذا كنا نشكو جميعنا منذ عدة سنوات ماضية، من هدر وفساد واستغلال غير مشروع للقطاع العام، مع ما أرفق ذلك من سمسرات وسرقات للمال العام، فإني غير مؤمن بل غير مقتنع من أن قانون السرية المصرفية يحول دون إمكانية قيام شركة Alvarez & Marsal بالتدقيق المالي الجنائي، لأنه ليس من ظلامة أفظع من ظلامة قانون يقف حائلاً دون كشف المستور وفضح الفاسدين، أو يحول دون إحقاق الحق، وإنصاف شعب شرده الدمار وآلمه البؤس وأعوزه الفقر والجوع، وإني وعلى سبيل الإستطراد الكلي الواقعي والمنطقي والقانوني في آنٍ معاً، واستناداً لما تقدم، أطرح السؤال التالي الذي يوضح واقع وقانونية عدم المبادرة للتذرع بقانون السرية المصرفية وملخصه الآتي: ما هو المدى الذي يفصل ما بين تطبيق قانون السرية المصرفية من عدمه، فيما خص التدقيق المالي الجنائي لدى مصرف لبنان، وتعارضه مع التدقيق في الحسابات المفتوحة لدى المصرف المركزي؟ باعتبار أن أكثرية تلك الحسابات هي لإدارات ومؤسسات ولجان وهيئات تابعة للقطاع العام أم لمؤسسات ذات منفعة عامة، والأقلية منها هي حسابات زبائن معينين من القطاع الخاص، كالمصارف التجارية أم غيرها، وتعارض ذلك أيضاً مع الواقع القائم على الأرض، لناحية الأزمة الاقتصادية والمالية المستفحلة في لبنان، بشكل أليم واهترائي وإفلاسي للدولة اللبنانية وللمواطن اللبناني، جراء الفساد والهدر والسمسرات والإثراء غير المشروع المتفشين كلهم في المؤسسات والإدارات والهيئات واللجان التابعة للقطاع العام».
وأضاف: «نعم هذا باختصار واقع الحال، الذي يطرح قانون السرية المصرفية كسد منيع بوجه عملية التدقيق الجنائي المخولة شركة Alvarez & Marsal القيام به لدى مصرف لبنان، وعبره ومن خلاله بطريقة غير مباشرة، التدقيق لدى مختلف مؤسسات وإدارات القطاع العام، إزاء ذلك، وبنتيجة واقعنا الحالي الميؤوس والمهترئ والذي طال بإفلاسه جميع القطاعات والميادين الحياتية، فإنه لا بد لنا من أن نقول وبالفم الملآن، إذا كان التدقيق المالي الجنائي لدى مصرف لبنان، قد تم إقراره في مجلس الوزراء، وكلّفت تلك الشركة القيام بالتدقيق الجنائي بكل الحسابات المالية المتواجدة لدى البنك المركزي دون استثناء، وذلك عبر الكشف والإطلاع عليها، وعلى وثائقها ومستنداتها، وإنه من المحرم أن لا يدقق بها تدقيقاً متأنياً وبإمعان كلي وبدقة متناهية. وطالما أن هذا التدقيق يتناول حسابات القطاع العام المفتوحة لدى مصرف لبنان، والذي يعتبر خللاً فاضحاً يعتريها، فإن هذا التدقيق الجنائي ليس إلا السبيل الأوحد لاكتشاف الخيط الأسود من الخيط الأبيض في تلك الحسابات، بمعنى أن سبل الفساد والهدر والسرقات سوف تظهر جلية واضحة جراء تلك العملية التدقيقية، وبذلك، يلتقي رأينا بعدم جواز التذرع بالسرية المصرفية لإعاقة التدقيق الجنائي في مصرف لبنان، مع ما صدر من رأي لهيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل لهذه الناحية، ومع التصريح التي أدلت به وزيرة العدل، بل أكثر من كل ذلك، مع البيان الذي نؤيده بشكل مطلق، والصادر مؤخراً عن نقابة المحامين في بيروت بتاريخ 11/12/2020، لناحية ما تضمنه: من أن لا مصلحة تعلو على مصلحة البلاد والمواطنين، وعلى أولياء الشأن التواصل والتنسيق لتذليل المعوقات ورفع الموانع عند الاقتضاء تسهيلاً لمهمة شركة Alvarez & Marsal كي تنهي مهامها على أكمل وجه، في وقتٍ قصيرٍ، فيصار في ما بعد إلى تقييم وتحليل النتائج ليبنى على الشيء مقتضاه».
حمود: حسابات مصرف لبنان ليست قطاعاً عامّاً وإذا لم يشمل التّحقيق الأفراد فلا قيمة له
حمود
الرّئيس السّابق للجنة الرقابة على المصارف سمير حمود
وانطلاقاً من خبرةٍ طويلةٍ بالعمل المصرفي، لفت حمود، إلى أنه «من الصعب القدرة على التفكير بكيفية الخروج أو التهرب من إجراء التحقيق أو التدقيق في حسابات بعض المصارف وحسابات مصرف لبنان للإطّلاع ولطمأنة النّاس أو على الأقلّ للإظهار لهم أنّ ودائعهم موجودة رغم صعوبة حصولهم عليها كما يريدون وبالشكل الذي يريدونه وبالكمّية التي يريدونها، وصعوبة حلّ هذه الآفة التي أتت على أموال الناس. وعندما نتكلم عن أموال الناس يجب أن نعلم أن ليس كل ثريٍّ حرامي، وليست كل ثروة آتية من سرقة ونهب، ولبنان لم يعش فقط في إطار الهندسات المالية أو في إطار العمل المصرفي الذي حصل في السنوات الاخيرة، وهناك دائماً استقطاب للأثرياء إلى لبنان، إنما المال غير النظيف حقيقةً هو نتيجة العمليات المشبوهة التي تعتبر محاربتها شيئاً من الأخلاق والأدبيات أكثر من اعتبارها واجب مهني، ويجب أن نكون من السبّاقين لها. هذا كله يضعنا أمام أسئلةٍ عديدة، هل نحن في الوقت الصحيح للتدقيق؟ هل نحن حقيقةً دخلنا نحو التصحيح الّذي يقوم على الإصلاح عبر إعادة الهيكلية والتنظيف؟ هل نحن في وضع دولة حاكمة بشكل صحيح سياسياً وحكومة تستطيع أن تنطلق بهذه المرحلة وبهذه المسيرة؟ هل يجب أن نصدّق أننا إذا خالفنا القوانين سنصيب أو إذا عدنا إلى القوانين سنصيب؟ هل نحن على ثقةٍ بأن من سيأتي للتنظيف هو لغاية التنظيف؟ فهل نريد أن نزيد من أزمتنا أزمةً، ومن مصيبتنا مصيبةً بتوظيف شركةٍ أجنبية لا نعلم من هي وما هي أهدافها للقيام بالتدقيق الجنائي؟».
ورأى حمود أن «الآراء تضاربت ما بين القوانين واحتمالية رفع السّرية المصرفية، إن كان من جهة قانون النقد والتسليف أو قانون السرية المصرفية». متسائلاً: «كيف يمكن أن نعالج المفعول الرجعي للقوانين؟ هل نستطيع أن نعدّل القوانين بمفعول رجعي؟ بظلّ عدم وجود حكومة في الوقت الحالي».
وأشار إلى أن «الخلاف يدور حول الحسابات الحقيقية في البنك المركزي، إذ إنها ليست قطاع عام، فالقطاع العام لا يحتاج إلى قوانين لرفع السرية المصرفية، وهو يرفعه تبعاً للقانون الحالي، أو لكشف الحسابات عن العمليات العائدة له. وكذلك إذا لم يتطرّق التّحقيق الجنائي إلى حسابات المصارف مع الأفراد، إذاً لا معنى له، والأفضل العودة إلى التحقيق العادي. وضمن السّرية المصرفية يمكن القيام بتحقيق عادي، وبالتّدقيق على كلّ العمليات التي قام بها مصرف لبنان مع البنوك والوزارات، وكل العمليات التي قامت بها المصارف مع الأفراد أيضاً لكن بدون ذكر الأسماء أو الحسابات. ولا أحد يتعارض مع السرية المصرفية عندما تكون هذه العمليات بالمجموع والأرقام بدون ذكر الأسماء، إذ يجب المحافظة على هذا البلد الذي يتغنّى بالاستقرار التشريعي وميّزاته الأخرى».
وتابع: «أخطأنا وخسرنا ليس لنعوّض أو نصلّح بضرب الاستقرار التشريعي ونظامنا وقانوننا. نحن نعدّل القوانين لنتماشى بها من جديد، ولا نعدّل القوانين لنحاسب أنفسنا عما مضى. ونذكر هنا ريمون إده الرجل العظيم والفكر العظيم والرؤية العظيمة، فالبلد تعاظم بفكره وبما قدم، فبعده أصبحت البنوك اللبنانية الأبدأ في ظل السريّة المصرفيّة. وكان السوق المصرفيّ يتألف بنسبة ٨٠% من بنوك أميركيّة وبنوك أجنبيّة وبنوك أوروبية... حتى في ظلّ هذه السريّة ومع وجود أزمة الأموال المنهوبة والمسروقة وأزمات أخرى، لا زال هناك استقطاب على السوق المصرفية اللبنانية».
ولفت حمود إلى «الاستثناء الذي طرأ على القانون «44» عام 2015، والتوسّع في الأزمة حينها من تبييض الأموال إلى التهرّب من الضّريبة والفساد، لذلك كان يجب الاتجاه إلى صندوق النّقد الدّولي منذ عام 2015». وبحسب حمود «صندوق النقد يعتبر أنّ العائق الأساسي أمام الرّقابة المصرفية والمالية الصحيحة في البلد هو ميزة السرية المصرفية فقط، ولا يؤمن بأنّه يجب تطبيق هذه السرية أو رفعها، إلا أنه من الصحيح الانتباه إلى أن السرية المصرفية لم تعد تنفع ولا تفيد لكنّ رفعها يؤذي. ويجب العمل على رفعها فقط في حال إبقائها على المال النظيف، وبذلك في حال اكتشاف أي شبهة على المال المنهوب يتم رفعها عنه فقط».
وأضاف حمود: «إذا أردنا معرفة المال المنهوب، لا نحتاج الى تحقيق جنائي فشبكة التحقيق في الجرائم المالية «FinCEN»، يمكنها الكشف عن أي لبناني مشتبه به، كان قد قام بتحويل مبلغ من المال من مكان إلى آخر وخلال سنة أو أخرى، مع معرفة من الذين قاموا وساعدوا بالتحويل أيضاّ، وهنا لا يوجد سرية، ويجب تكليف هيئة تحقيق خاصة لتُعرف أرقام حسابات المشتبه بهم وماذا فعلوا بالإضافة إلى رفع السّرية المصرفية عن حسابات حاكم المصرف رياض سلامة وعن كل مالٍ مشبوه. وأنا لستُ ضد رفع السرية المصرفية إنّما ليس بهدف مجهول، ففي الوقت الذي نعيش فيه اليوم، أرى أنّ هذا الكلام وهذه الدائرة هما زيادة الأزمة أزمة، فنحن لا نخاطب المعالج للمعالجة ومخاطبة المعالجة هي أن نبدأ بالتنظيم أي أن نعمل بالنظيف، ونثبت أنّنا نعمل بالنظيف لكي نبدأ بالتنظيف الفعلي، فإذا لم نثبت أنّنا نقوم بعمل صحيح لا يحق لنا المباشرة بالتدقيق».
ورأى أن هناك العديد من الجهات التي يمكن اللجوء إليها، مثل «إيرنست أند يونغ» مثلاً للمحاسبة غير الجنائية بل العادية، فهذه بدورها تستطيع أن ترى كل العمليات التّي حصلت وأن تكشف أهدافها وحجمها وكيف أصبحت من دون ذكر أسماء وضمن قوانين سائرة. وإذا كان القرار هو رفع السرية من اليوم، ليتم رفعها ولكن يجب أن تطبق اليوم وغداً ولا يمكن الرجوع 5 سنوات للوراء».
وختم حمود: «لا يمكن التصحيح والتنظيف عبر ضرب أنفسنا، وكأنّنا نقوم بحمل الأوساخ من غرفة ووضعها في غرفة ثانية. فلماذا تطلب وزارة المالية التحقيق الجنائي إذاً؟ ولماذا لا يطلب البنك المركزي من محقّقيه تقريراً صريحاً؟ وختاماً، أرى اليوم أنّ هناك رأياً عامّاً يغلبني، يسير بشكلٍ عشوائي وشعبوي، وأنا أخشى أن نُبيد ما تبقّى في هذا البلد من مقومات حياة متاحة».
حداد: ماذا عن الهندسات الماليّة واستدانة المركزي بالعملات الأجنبيّة ومنحها قروضاً للدّولة؟
حداد: «خزعبلات» الهندسات المالية أوصلتنا لهذا
وزير الاقتصاد الأسبق سامي حداد
من جهته، أشار حداد إلى أن «موضوع التدقيق الجنائي مهم ولكن يمكن أن القول أنه ثانوي بالنسبة للمشاكل الكبيرة التي يواجهها لبنان والاقتصاد اللّبناني». وسأل «ماذا يمنع مؤسسات القطاع العام من أن ترفع السرية المصرفية عن نفسها؟»، مجيباً: «لا شيء يمنع، حتى لو لم تأخذ Alvarez & Marsal كل ما تحتاجه من معلومات كبيرة عن العلاقة بين مصرف لبنان ومؤسسات القطاع العام».
وأضاف: «نرجع الى موضوع مصرف لبنان وسياساته الخاطئة العديدة على مدى العصور. وأولاً، أسأل أهل المحاماة والقانون، هل استحواذ مصرف لبنان على شركة طيران الشرق الأوسط قانوني؟ هل قانون النقد والتسليف يسمح بهذه العملية؟ بالطبع لا، ولكن الجواب ليس لدي. أما الموضوع الثاني، هو ما يسمى بالهندسات المالية والتي هي في الحقيقة خزعبلات. أما في الشق القانوني البحت، فأسأل أيضاً، هل يحق لمصرف لبنان أن يستدين بالعملة الاجنبية أي بالدّولار بالكميات والمبالغ الهائلة التي تمت استدانتها؟! لا يحق له. وهل يحق لمصرف لبنان أيضاً أن يسلّف الدّولة مبالغ ضخمة وبالعملة الأجنبية أي بالدّولار؟ من ناحية حسن الإدارة لا يحق له.
واعتبر حداد أن «هناك مواضيع عدّة ملحّة، أوّلها أن ذوي الدخل المحدود انهاروا كلياً والطبقة الوسطى أصبحت ذات دخل محدود إزاء هذه الأزمات. كذلك موضوع الدّعم من قبل وزارة الاقتصاد أو مصرف لبنان، هو دعم شامل على كل المواد وللجميع، لكن ليس لدى الدولة موارد مالية كافية لكي تدعمها كلها وللشعب بأكمله».
وتابع: «بصورةٍ واضحة، المستفيد الأكبر من الدّعم هم الأغنياء، على سبيل المثال، الكهرباء التي يتم دعمها منذ ٤٠ سنة، الغني يستهلك ويستفيد منها أكثر بكثيرٍ من ذوي الدّخل المحدود. توجد حلول لهذه الثغرة عبر اعتماد التعرفة التصاعدية كما في باريس، وحاولنا طرحها، لكن لا حياة لمن تنادي. الوضع الآن غير معقول، فالفقير اليوم مستفيدٌ بنسبةٍ بسيطة جداً، عداك عن عمليات تهريب المواد المدعومة إلى سوريا أو بلاد أخرى».
وطرح بعض الحلول ومنها، «إنشاء شبكة حماية اجتماعية لذوي الدخل المحدود»، معتبراً ومتأسفاً أن «حكومة تصريف الأعمال قبل أن تستقيل لم تقم بأي جهدٍ في هذا الشّق، وعلى الرغم من ذلك كان من المؤكد أنه يمكن للحكومة الحصول على المساعدات من عدة جهات مانحة، عربية أو أجنبية».
وأكّد حداد على أن «البنك الدّولي قد عرض فرصة إعطاء قرض بظروفٍ ميسرة جداً وضمن شروط سهلة، لكي يتم تمويل شبكة الحماية الاجتماعية والتي تقوم على إعطاء مبالغ نقدية مباشرة أو تقديمات معيشية لذوي الدخل المحدود».
وأضاف: «السؤال الكبير هو مَن سيحدد من هم ذوي الدخل المحدود؟ وهنا ستبدأ الخلافات السياسية والطائفية. وحتى لو عبرت الجهات الأجنبية من البنك الدّولي أو غيره، عن استعدادها لإحصاء هؤلاء فسنواجه الخلافات أيضاً، لكن أن نساعد بعض الشيء أفضل من أن لا نفعل شيئا».
وأسف حداد لأن «الحكومة الحالية سلّمت هذا الملف لوزيرٍ رفض عرض المساعدة من البنك الدولي، وكذلك الأمر بالنسبة للإتحاد الأوروبي المستعد لتقديم المساعدات أيضاً». وقال: «أنا متأكد من أن هناك العديد من الجهات المانحة، والوضع اليوم ملحّ جداً، إذ من الأخلاق والواجب إيجاد حلول لمساعدة الناس في هذه المحنة. كذلك، يجب إيقاف الدعم، لكن بعد المباشرة بالعمل على شبكة الحماية الاجتماعية لأصحاب الدخل المحدود، إذ إن هذا الدعم يحوّل الأموال من الدولة التي لديها شحّ مالي إلى أصحاب الأموال والأغنياء المستفيدين من الدعم بشكل كبير، إذاً، إلى أين سنصل نهايةً؟!».
وتابع: «ينكر اليوم حاكم مصرف لبنان بأن هناك خسارة تقدر بنحو 40 -50 مليارا، وفي تاريخ الأمم، لا يوجد بنك مركزي مفلس، لكن بعد الهندسات المالية الفاشلة، تم إفلاس البنك المركزي في لبنان. على سبيل المثال، بعد تسليف مبالغ مالية بالدولار لجهةٍ غير قادرة على التسديد نتجت هنا المشارعات والمشاكل ما بين البنوك».
ورأى حداد ختاماً أنّ «الحل الوحيد للجمهورية اللّبنانية، للمواطنين خاصةً، وللبلد والاقتصاد، هو «صندوق النقد الدولي»، وتكمن أهميّته بأنه قادر على وضع 5 مليارات دولار للمساعدة، إضافةً إلى إمكانية تقديم البنك الدولي لنحو 5 مليارات دولار أيضاً، كما من الممكن تلقي المساعدات من الدول الأوروبية أو العربية أو جهات أخرى مانحة». مضيفاً: «نحن اليوم بحاجةٍ لأمرين أساسيّين، أوّلاً استرجاع الثّقة، وثانياً الحاجة إلى مخزونٍ من الدولارات بمساعدة صندوق النّقد، لا يوجد سوى هذا الحل. وأقول حاليّاً وقد قلتها سابقاً عبر تلفزيون الـ LBC، ان ما قام به اليوم مصرف لبنان بقيادة رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف ولجنة المال، إضافةً إلى ما يسمّى «حزب المصرف» برئاسة النائبين كنعان ونحاس، وهما أساساً ضد صندوق النّقد لأنهما من كبار المودعين ويريدان الحفاظ على ودائعهم، وهنا أيضاً يكمن الحلّ الأنسب بالعودة بأسرع وقتٍ ممكنٍ لصندوق النقد كي لا تفقد كل الودائع قيمتها ومن ضمنها الودائع الكبيرة، فإذا كانت الوديعة اليوم تساوي 16%، مع الوقت ستتراجع لتصبح 0%، لكن مع الاتجاه للحلول المناسبة مع صندوق النقد يمكن أن ترتفع لتصبح 30%، إلا أن الخلل في التخطيط يؤخر وصولنا إلى الحلول المطروحة رغم حاجتنا لها بأسرع وقت!».
شيخاني: مخارج قانونيّة عدّة يمكن اللّجوء إليها لتسهيل الوصول للمعلومات المطلوبة
شيخاني: عرقلة التدقيق يثير الشبهات
الخبير المالي والاقتصادي نيكولا شيخاني
بدوره، سأل شيخاني «لماذا الذهاب باتجاه التّدقيق الجنائي؟»، ولفت إلى أنّ «سبب ذلك هو الخوف من وجود تلاعب خطير وسوء إدارة، والاتجاه للعمل به هو أمرٌ مهمّ وبالوقت نفسه خطير. وبما أنّ التّدقيق الجنائي على مصرف لبنان، فهو لا يتضمّن فقط الأموال أو الحسابات للعملاء في المصرف بل يضمّ المصرف بهيكليّته كاملةً».
وتابع: «سأقسّم سبب الاتّجاه لطلب التّدقيق الجنائي إلى شقّين: الشّق الأوّل، مهمّة مصرف لبنان، وهي بحسب قانون النّقد والتّسليف لسنة 1963 في المادة 70، تتحدّث عن: أوّلاً، الحفاظ على سلامة النّقد اللّبناني. وثانياً، المحافظة على الاستقرار النّقدي، وكذلك المحافظة على سلامة أوضاع النظام المصرفي، إضافةً إلى مهمّته في تطوير الأسواق الماليّة والنّقدية أيضاً. هذه المهام كلها باءت بالفشل في السّنوات الخمس أو السّت الأخيرة. وهنا يجب معرفة الأسباب والمحاسبة، لهذا السّبب طُلب التّدقيق الجنائي».
الشّق الثاني، حسابات القطاع العام والخاص، مشدداً على أن «في التدقيق في حسابات القطاع العام يحقّ لرئيس الوزارة أو وزير الماليّة الحصول على المعلومات المطلوبة حول تلك الحسابات العامة، وكذلك في حسابات القطاع المصرفي الخاصّ الموجودة في مصرف لبنان».
وأشار شيخاني هنا إلى أنّ «هناك أموال خرجت من لبنان تتراوح من 2 إلى 7 مليارات دولار في الفترة الأخيرة، ومن أخرجوها لهم الحقّ في إخراجها لأن ليس هناك من أحكامٍ تمنعهم، فيجب معرفة سبب خروجها إذاً، خصوصاً سبب إخراجها من لبنان خلال الأزمة، ولماذا خرجت بالتّوازي مع منع النّاس من الحصول على ودائعهم، فأين العدل إذاً؟ أي، هناك أموال منهوبة قطعت عبر المصرف المركزي ليتم إخراجها من لبنان، وهناك فساد أيضاً، هذا في الشأن الجنائي».
وأوضح شيخاني أن «الخلل الّذي حدث مع شركة Alvarez & Marsal أثناء قيامها بالمهمة الّتي كُلّفت بها، إذ طلبت من المصرف المركزي أكثر من 100 نقطة وبالمقابل تمّ الرّد على 40 إلى 42 نقطة، وهناك فقط نقطتين تتطابق على حسابات القطاع العام أو القطاع المصرفي الخاص. وفي حسابات القطاع العام يجب اللّجوء إلى صلاحيات مفوض الحكومة لدى مصرف لبنان، والذي يحقّ له تبعاً للمادة 44 في قانون النقد والتّسليف أن يصل إلى نحو 98% من المعلومات المطلوب معرفتها من شركة Alvarez & Marsal، وهذه تخوّل الجهات المعنية كشف الفشل الحاصل في مهمة مصرف لبنان وحقيقة إذا تم العمل بطريقة صحيحة بالهندسات المالية، كما يمكن الإطلاع على حسابات المصارف لكشف عمليات ما يسمّى بـ«المثلّث الذّهبي» المؤلّف من مصرف لبنان، المصارف، وزارة المالية والوزارات الأخرى المعنيّة، إضافةً إلى المدقّقين الماليّين الّذي قصّروا في أعمالهم خلال الخمس سنوات الأخيرة الماضية. لكن هذا يصطدم مع قانون السرية المصرفية والقانون «151»، لكن بالمقابل المادة «150» تقول أنه يحق لمراقب المصرف المركزي أيضاً أن يطلب من المصارف حسابات العملاء بشكلٍ لا تظهر فيه أسماؤهم أي كشف الحسابات بطريقةٍ مشفّرة. فالسّؤال اليوم، إذا كان يحق لمصرف لبنان أن يشفّر الأسماء، لماذا إذاً لا يشفّرها ويسلّمها للدولة؟».
ولفت أنّه «في حال وجود خلل ما يتم تحويل العمل إلى القانون «44» أو إلى القضاء مباشرةً، وعندها إذا ظهرت شبهات معيّنة، يطلُب عندها القضاء رفع السرية المصرفية عن تلك الحسابات، وهكذا يتم تسكير الحلقة كاملةً». وشدّد على أنّه «لا يوجد سبب لإيقاف التّدقيق الجنائي إلاّ إذا كان هناك حقائق يُراد إخفائها».
ما الحَلّ؟
عن سؤال، إزاء هذا الواقع الصّعب، ما هي الحلول الممكنة؟
اعتبر حمود أنّ «هناك جهات دوليّة عدّة لديها صلاحيّة الطّلب من بنوك العالم لمعرفة حركة التّحويلات من لبنان خلال فترات محدّدة، وهذا ممكنٌ بطلبٍ من الحكومة من دون اللّجوء لتعديل القوانين»، وقال: «علينا أن نبدأ بالعمل النّظيف ثمّ الإنتقال للتّنظيف وإلّا عبثاً نحاول». أمّا حداد فاعتبر أن: «لا حلّ إلّا باللّجوء لصندوق النّقد الدّولي ومن لديه حلَاً آخر فليتفضّل»، مشيراً إلى أنّ «عمل لجنة المال والموازنة النيابيّة عطّل مساعي الحلّ، وحمل بعض كبار المودعين على حساب المصلحة الوطنيّة».
ولفت خوري إلى أنّ «التّحقيق الجنائي يدور حول أربعة قوانين هي: السريّة المصرفيّة والنّقد والتّسليف والحق بالوصول للمعلومات والإثراء غير المشروع؛ كلها تتيح الوصول لما يخدم الهدف الّذي يحقق المصلحة الوطنيّة»، أمّا شيخاني فشدّد على أنّ «الحلّ هو باستقلاليّة القضاء ورفع السريّة المصرفيّة من الآن فصاعداً».
آراءٌ ومواقف عدّة تختلف أو تتباين بين جهةٍ وأخرى، لكن تبقى الحلول الفعليّة بيد سلطةٍ ربّما ستلجأ إلى الحلول الأنسب لانتشال ما تبقّى من هذه الدّولة أم أنّها ستذهب نحو طرقٍ مسدودة رغم أنّ كلّ الحلول بات أسهلها صعباً للغاية!؟ وفي ظلّ تراجع شركة Alvarez & Marsal عن مهمة التدقيق الجنائي، يطرح هذا تساؤلاتٍ عدّة، فيما قال الخبير شيخاني «لا سبب للتراجع عن التدقيق الجنائي إلا إذا أراد أحدٌ إخفاء الشبهات أو الحقائق. إذاً ما الذي يسعى لإخفائه البعض «المجهول - المسؤول» عن كلِّ ما وصل إليه لبنان من ويلاتٍ ببنيته الاقتصادية، السياسية والاجتماعية كافّة!