بيروت - لبنان

اخر الأخبار

15 تشرين الأول 2020 12:02ص ندوة «اللواء» حول «تفجير مرفأ بيروت: غموض الحدث ومسار التحقيقات»

تفجير العنبر 12.. تاريخ لن تبلسمه إلا العدالة!! تفجير العنبر 12.. تاريخ لن تبلسمه إلا العدالة!!
حجم الخط
ضمن سلسلة الندوات التي تُقيمها لمتابعة الشؤون والقضايا الوطنية والسياسية والإنمائية، استضافت جريدة «اللواء» كلاً من السفير السابق وخبير القانون الدولي د. هشام حمدان، الأمين العام السابق لاتحاد المحامين العرب المحامي عمر زين، والناشط المدني الصحافي سمير سكاف للحديث عن «تفجير مرفأ بيروت: غموض الحدث ومسار التحقيقات».

وفيما شدّد حمدان على أنّ «مرور شهرين على الجريمة يدفع باتجاه الضغط للذهاب نحو التحقيق الدولي، لأنّه دليل على أنّ لا نيّة ولا رغبة ولا قدرة داخلية على تحقيق العدالة للضحايا»، اعتبر زين أنّ «القانون الذي أقرّه المجلس النيابي مؤخّراً حول حماية المناطق المتضرّرة نتيجة الانفجار تضمّن موادَّ ملتبسة لناحية عقود الإيجار وحقوق المستأجرين»، في حين شدّد سكاف على «تورّط المنظومة السلطوية في جرم الإهمال». 

استهل الندوة رئيس تحرير «اللواء» صلاح سلام بالإشارة إلى أنّ العاصمة بيروت لا تزال تعيش تحت تأثير التفجير الكارثي، وأنّ ثمة أسئلة ونقاط غامضة عدّة تستدعي من السلطة الإجابة عنها، مشدّداً على ضرورة الضغط بكل الاتجاهات لمساعدة المتضرّرين قبل بداية موسم هطول المطر. 


المشاركون في ندوة «اللواء» من اليمن: الزميل د. أحمد الزغبي، المحامي عمر زين، مصطفى شريف، السفير السابق د. هشام حمدان والصحافي سمير سكاف  (تصوير: محمود يوسف)

حمدان: القضاء الدولي أضمن لتحقيق العدالة

وشدّد السفير حمدان على ضرورة التوجّه إلى القضاء الدولي من أجل الوصول إلى العدالة، وقال: «نحن في «ملتقى متّحدون من أجل العدالة للبنان وشعبه» طالبنا بإحالة التفجير، وليس الانفجار، إلى العدالة الدولية، والسبب هو عدم اقتناعنا بإمكانية تحقيق العدالة محلياً بسبب ما يُقال عن فساد في القضاء أو غيره، ولأسباب عملية أخرى الكل يعرفها لا يمكن تحقيق العدالة الوطنية».


هشام حمدان:  تفجير المرفأ «جريمة ضد الإنسانية» وتلكؤ المسؤولين يؤكد ضرورة اللجوء للجنائية الدولية


وإذ لفت إلى أنّ «القضاء الدولي لا يتدخّل عادة في القضايا ذات الطابع الجرمي في أي بلد من البلدان إلا في حالتين، (1) عندما لا يكون لدى القضاء الوطني الرغبة في أنْ يفعل ذلك، (2) عندما لا تكون لديه القدرة على أنْ يفعل ذلك، اعتبر أنّ القضاء اللبناني ليست لديه لا القدرة ولا الرغبة للقيام بتلك المهمة». واستدرك: «لذلك علينا أنْ نلجأ إلى العدالة الدولية، وعندما نقول عدالة دولية، فلا نعني بها عدالة مجلس الأمن أو عدالة المجتمع السياسي الدولي، الممثّل حالياً بالأمم المتحدة، بل نريد العدالة الدولية، التي تؤمنها الأجهزة القضائية التي وضعها المجتمع الدولي أمام كافة الشعوب لمساعدتها في الوصول إلى العدالة، وعدم السماح بتحويل أي قضية من القضايا الجرمية التي يعاني منها أحد الشعوب إلى بازار سياسي، أو السماح بالإفلات من العقوبة».

وتابع: «من هنا، وبعد العام 1990 وانهيار الاتحاد السوفياتي، وقيام نظام سياسي واقتصادي دولي جديد، تمكّن المجتمع الدولي من أنْ ينجز ما لم يتمكّن من إنجازه بعد الحرب العالمية الثانية، وأنشأ المحكمة الجنائية الدولية، وهي محكمة دولية مستقلة قائمة بموجب اتفاق دولي، تمَّ بعد مفاوضات أجراها المجتمع الدولي بكافة أعضائه لمدّة أربع سنوات ونصف السنة، وكان لي شرف تمثيل لبنان في هذه المفاوضات، حتى تمَّ اللقاء في مؤتمر خاص في روما عام 1998، وجرى تشكيل لجنة صياغة دورها صياغة ما تمَّ التوافق عليه خلال هذه المفاوضات، وكنتُ أيضاً من بين أعضاء هذه اللجنة».

نشأة المحكمة واختصاصها

وأشار السفير حمدان إلى أنّ «المحكمة الجنائية الدولية.. هي محكمة لا خلفية سياسية لها، بل هي محكمة تعكس المفهوم القانوني الدولي بما يتّصل بالجرائم، الواقعة ضمن صلاحيتها، وكانت في حينها 3 جرائم وهي:

1- جريمة الإبادة (بدأتها محكمة ديرنبرغ بعد العام 1945).

2- جريمة ضد الإنسانية.

3- جرائم الحرب.

وبعد دخول الاتفاقية حيّز التنفيذ عام 2002، وتحوّل «المحكمة الجنائية الدولية» إلى أمر واقع، أقرَّ الأعضاء الأطراف في الاتفاقية جريمة جديدة هي: جريمة العدوان، ولكن لم يتمكّنوا من إدخال جريمة الإرهاب ضمن الجرائم، لكونها مسيّسة بالكامل، وقد رفضت كل الدول الكبرى، وضع تعريف لجريمة الإرهاب، ممّا حال قانونياً، دون أن يكون هناك فعلاً أي تعريف واضح للإرهاب، رغم وجود العديد من الاتفاقيات حول محاربة الإرهاب، لكن التعريف لم يتم التوافق عليه، فبقيت هذه الجريمة قيد المصالح السياسية للدول المعنية، ولم تدخل ضمن إطار الجرائم التي تخضع لـ»الجنائية الدولية»».

جريمة بيروت

وأوضح حمدان أنّ «ما حصل في مرفأ بيروت هو جريمة موصوفة ضد الإنسانية، ولا نقول هذه الكلام عن عبث، بل استناداً إلى التعريف الذي وضعته «شرعة المحكمة الجنائية الدولية»، وبالتالي بناءً لهذا التعريف طالبنا بتحويل هذه القضية إلى «الجنائية الدولية»، تحت بند «الجريمة ضد الإنسانية»، للتحقيق وأيضاً لمتابعة هذا الجرم، وحُكماً هذا الأمر يجب أنْ يتم بالتنسيق مع السلطات اللبنانية المختصة، ومع القضاء اللبناني، إضافة إلى أهالي الضحايا، كما الجرحى والمُحامين، إلخ».

وأردف: «بما أنّ لبنان رغم أنّه شارك في صناعة «شرعة» هذه المحكمة، إلا أنّه لم يوقّع الاتفاق، ولم ينضم لاحقاً إليه، لأنّ السياسيين اللبنانيين رفضوا ذلك للأسباب المعروفة، ما أسفر عن عدم تمكّن مدّعي عام المحكمة من القيام تلقائياً بالتحقيق في هذا الجرم، بل يجب أنْ تُحال إليه القضية عن أحد طريقين:

1- مجلس الأمن (وفقاً للفصل السابع).

2- الاتجاه المباشر إلى المدّعي العام لإقناعه بالمباشرة بالتحقيق ووضع هذه الجريمة أمام «الجنائية الدولية».

ونحن في «ملتقى متحدون من أجل العدالة للبنان وشعبه»، طالبنا مجلس الأمن بالقيام بواجبه لتحقيق للعدالة للبنان، بإحالة هذه القضية - الجريمة إلى مجلس الأمن.. وبين قوسين: هي ليست انفجاراً بل هي تفجير إجرامي، مهما كان السبب، لأنّ المواد التي كانت تتفجّر كانت مواد متفجّرة عمداً في موقعها، وبالتالي مهما كان السبب لهذا الانفجار فهو تفجير، وجريمة متعمّدة، وعلى الذين قاموا بها أنْ يدفعوا الثمن.. ونحن لا نتّهم أحداً، ولا نريد أنْ نتّهم أي أحد، وعندما نطالب بالعدالة، لا نقدّم مضبطة اتهام، بل معلومات وقرائن، وندعو المحكمة للتحقيق وتحديد من هو المجرم وتنفيذ العدالة».

وشدّد على أنّ «طلبنا للعدالة نابع من عدّة أسباب: 

1- هناك تقارير تؤكد أنّ ما جرى في مرفأ بيروت، كان نتيجة تدخّل عامل خارجي، والتهمة تتوجّه إلى إسرائيل بقصف ذلك المكان لأسباب اعلنوا هم عنها في بداية الأمور.

كما هنا تقارير أخرى تشير إلى أنّ المرفأ كان يُستخدم لأغراض عسكرية من قبل أطراف لبنانية.

وهناك كذلك فرضية الإهمال والفساد، وما إلى هنالك من أسباب.

ولكن نحن بمطلق الأحوال لا نحدّد الأسباب، بل على القضاء الدولي أنْ يحقّق في ذلك، ويأتينا بالعدالة، ويمنع الإفلات من العقوبة».

زين: القضاء اللبناني متميّز والمشكلة في مكان آخر


وتعقيباً، رأى المحامي زين أنّ «إصدار قرار باتهام القضاء اللبناني بأنّه لا يستطيع أو ليست لديه القدرة للتحقيق في هذه الجريمة النكراء، وأكثر من ذلك، إصدار قرار بانعدام الرغبة لديه، فهذا فعلاً ظلم كبير يقع على القضاء اللبناني، خاصة في هذا الظرف بالذات». 


عمر زين: قضاؤنا نزيه وقادر  على التحقيق لكن اعتبارات تُعيقه ..  وقانون استقلاليته ضروري


وإذ نوّه بجهود «مجلس القضاء الأعلى» في لبنان، من رئيسه إلى كافة أعضائه، واصفاً إياهم بـ»القضاة الشرفاء والمتميّزين علمياً وقانونياً»، أكد أنّه «تكوّنت لديهم الرغبة التامة للتحقيق في هذه الجريمة، ولكن قد تكون الضابطة العدلية في لبنان، بشكل أو بآخر، غير قادرة على اكتشاف أو جمع أدلّة ما لمساعدة القضاء في الوصول إلى الحقيقة، وهو ما لا يمنع على الإطلاق أنْ يستعين القضاء، من خلال وزارة العدل، بمَنْ يشاء من أجهزة التحقيقات العالمية، للحضور إلى لبنان والقيام بالتحقيقات كما يرغب القضاء اللبناني».

وأضاف: «مع تأييدنا للعدالة الدولية، ولـ»الجنائية الدولية»، ورغم أنّها حقّقت خطوات في العديد من القضايا التي تولّتها في ما يتعلق بالجرائم الواقعة ضمن اختصاصها، إلا أنّه لا بُدَّ من الأخذ بعين الاعتبار، بعيداً عن عدم توقيع كل الدول العربية، ما عدا الأردن، على اتفاق روما الخاص بالمحكمة، فإنّ إسرائيل والولايات المتّحدة الأميركية لم توقعا على الاتفاق خوفاً من خضوع عسكرهما ومجرميهما من المسؤولين، للإحالة أمام «الجنائية الدولية»، بسبب أفعالهم من الفضائع والجرائم ضد الإنسانية، والإبادات».

واستطرد: «في ما يتعلق بالعدالة في لبنان، لا بُدَّ من قيام القوى الشعبية والوطنية والمجتمع المدني، بالإلتفاف حول القضاء، لحمايته من التدخّلات السياسية، وهو ما يؤكد أهمية صدور قانون استقلال القضاء بأسرع وقت ممكن، لأنّه إذا كان القضاء في أي بلد، سليماً وحيادياً فإنّه حتماً سيوصل إلى الحقيقة بكل تفاصيلها، خاصة أنّ العدالة الدولية أحياناً قد تخضيع لضغوطات سياسية، تخدم منافع دولية خاصة».

سكاف: السلطة متورّطة


بدوره، قال سكاف: «ما جرى في بيروت هو جريمة مباشرة، أو إهمال جرمي، وبالتالي ودون التطرّق إلى قاعدة non-assistance à personne en danger، أي عدم مساعدة شخص في حالة الخطر، والتي هي جريمة قانونية قائمة بحد ذاتها، لا بل إنّ الوضع في لبنان يتخطّى هذه القاعدة، وهو ما لاحظناه بأنّ السياسيين بمعظمهم كانوا يعلمون، بدءاً من رأس الهرم، أي أنّ رئيس الجمهورية كان يعلم بوجود خطر، وهو ما يحمّله مسؤولية جرمية، ناجمة عن إهمال جرمي، ومن غير المقبول تذرّع رئيس جمهورية أو رئيس حكومة أو وزير (كل الوزراء من تاريخ دخول نيترات الأمونيوم إلى لبنان، وحتى يوم التفجير) بعدم المعرفة، فكل مَنْ كان يعلم بالخطر الجدي والفعلي، تقع على عاتقه مسؤولية جرميّة».


سمير سكاف: تذرُّع رئيس الجمهورية بعدم المعرفة بوجود المتفجّرات إهانة بحق الشعب
 

واستدرك: «هنا لا بُدَّ من الإشارة إلى أنّ تذرّع رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء أو أي وزير أو مسؤول بالقيام بمعاملة إدارية تتعلّق بالمواد التفجيرية، هو إهانة كبرى بحق الشعب اللبناني، لأنّ حياة الناس والشعب كانت عرضة للخطر، وكما يُقال بالعامية «لأنّهم ما خربوا الدني خربوا بيوت الناس».. إذ على المسؤول – كما الأب عندما يكون أبناؤه تحت وطأة خطر ما، يقوم بأقصى ما يمكنه، ولو حتى لجأ إلى خرق القوانين – بذل أقصى جهد لإبعاد الخطر عن شعبه، والمعاملة الإدارية مهما كان نوعها لا تُنقذ المواطنين من خطر الموت، بل تحت الظرف الاستثنائي لا بُدَّ من تصرّف استئنائي، وليتبيّن أنّ المسؤولين اللبنانيين لامسؤولين، وجرى التفجير وتأكد تصرّفهم غير المسؤول».

وتابع: «ميدانياً وعلى مستوى الحراك المدني، قمنا بعشرات التظاهرات مُطالبين باستقلال القضاء، ومنها أمام وزارة العدل كما قصر العدل، حتى واجهنا وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم ورئيس الجمهورية بأنْ يسمحا للقضاء بإصدار تشكيلاته القضائية، ولو كانت على خطأ، فدعوه يتحمّل مسؤولية خطئه، وبالتالي تعتبر تحرّكاتنا الميدانية استقلال القضاء مطلباً مركزياً، ونختار استقلال القضاء قبل الانتخابات النيابية المُبكرة أو الحكومة المستقلة، لأنّه من استقلال القضاء ينطلق مفهوم العدالة، لأنّ الحقيقة توصل إلى العدالة، وإذا لم نتمكّن من الوصول إلى الحقيقة قبل العدالة، فتكون كل جهودنا تذهب سدى، وأي حكومة ستسيّر أمور الناس، دون أنْ تواكبها العدالة، فستوقعنا بالظلم مرّة أخرى».

واستطرد: «بنتيجة التفجير سقط 202 شهيد، 6000 جريح، و300 ألف مشرّد، فأصبحنا أمام واقع مُخيف، لا يتم التعاطي معه كواقع، لا من القضاء ولا السياسيين ولا حتى المجتمع، بل يكون التعاطي مع هذا الواقع كحدث إعلامي، وبدأت الأحداث المتوالية في البلد رويداً رويداً تطغى عليه، وللأسف هنا لا بُدَّ من تأكيد أنّنا لسنا، إثر تفجير بيروت أمام خبر، بل أمام واقع مُعاش ومُعاناة يومية».

واعتبر أنّ «القضاء اللبناني، ومثله السياسة اللبنانية، يُعانيان من انفصام شخصية، بمعنى أنّ الحديث عن عدم وجود تحقيق دولي في لبنان غير صحيح، فهناك أكثر من تحقيق على الأرض، مثالاً الـFBI تحقّق، وأصدرت عدداً من علامة الشبهة، ومثلها السلطات الفرنسية، التي أعلنت عن أنّ محقّقيها على الأرض، يقومون بتحقيقاتهم الخاصة، إذن هناك أكثر من تحقيق دولي، بمطلب رسمي أو غير رسمي، والأنكى أنّ السياسيين اللبنانيين على بيّنة من وجود هذه التحقيقات ويغضون الطرف، ويتعاطون مع الأمر بشيء من الخجل والإرباك».

وفي سياق عملاني آخر قال: «هناك إهمال هائل جداً لمُعاناة الناس اليومية بعد التفجير، فالتحرّكات الميدانية تسعى بقدر الإمكان إلى بلسمة الجراح، وعلى المستوى الإنساني ساهمت برفع الأنقاض، وتوفير المساعدات اليومية، لكنها تبقى خطوات صغيرة محدودة، والمطلوب خطوات أكثر من ذلك بكثير، لكن للأسف وحتى حينه، لم نسمع إلا بالمسح، الذي اقتصر على منطقة التفجير، ولم يشمل أوسع من منطقة المرفأ، مار مخايل، الأشرفية، الكرنتينا، المدور، ورغم تأييدنا لهذا السمح، إلا أنّ هناك العديد من المناطق التي لا تعاني من عدم بلوغ المسح إليها، كما أنّ هذا المسح لا يُستتبع بأي خطوات تنفيذية، اللهم إلا بعض المساعدات التي لا تُسمِن ولا تُغني من جوع، ولا نتيجة، والشتاء على الأبواب، وأحد لم يقم بتصليح ما تهدم في أي موقع كان، من زجاج، أثاث، دمار، وسواها».

وقبل أنْ يختم أشار إلى أنّه «سبق وطرح مبادرة على محافظ بيروت القاضي مروان عبود، انطلاقاً من موقعي كرئيس جمعية Green Globe وعضو مراقب في جمعية الأمم المتحدة للبيئة، بإعادة تدوير الركام، وجرى تلقفها بالإسم، وتمَّ تخصيص ساحة لنقل الردميات إليها، لكن بعدما طلبت من الإعلام مواكبة الموضوع، لم يتم تفعيل المبادرة، رغم أنّه كان بالإمكان تجميع الحديد والزجاج وإعادة بيعه أو تدويره، إما لإعادة الاستعمال أو المساعدة عبر ثمنه». 

وختم بأنّه «لا أمل من الدولة اللبنانية، ولا حتى من الجمعيات الدولية، التي لم نستلم منها حتى حينه إلا وعوداً، فنحن بحاجة إلى مليارات الدولارات، والشتاء مقبل خلال أسابيع قليلة، وحينها ستدوي الصرخة بأنّ هناك عدداً من المباني ستقع إنْ لم يتم تدارك الوضع، خاصة بعض المباني التراثية، وهو ما سيؤدي إلى كوارث وضحايا جديدة، وكل ما قام به الجيش اللبناني هو بعض الإحصاءات».

حمدان: مرور شهرين دليل على عدم الرغبة بالتحقيق


وردّاً على سؤال: «بعد مرور شهرين على كارثة المرفأ، هل لا يزال الضغط من أجل التحقيق الدولي ينفع؟!».. قال السفير حمدان: «إنّ مرور شهرين يجب أنْ يدفع صوب التحقيق الدولي، لأنّه الدليل الحاسم على أنّ لا نيّة ولا رغبة ولا قدرة على تحقيق العدالة للضحايا».

وأضاف: «عندما نتحدّث عن عدم الرغبة لا نعني أنّ الفساد في القضاء يدفع إلى عدم الرغبة في الوصول إلى الحقيقة، أو إلى العدلة، لأن الحقيقة قد تكون صعبة المنال، والعدالة قد تكون أقرب، وعدم الرغبة ينطلق من أنّ المسؤولين عن هذه الجريمة هم من الرموز الكبرى في البلد، وأمام الرأي العام أسأل: هل يمكن للقضاء اللبناني أنْ يستدعي رئيس الجمهورية إلى التحقيق؟!، وهو سؤال في القانون وليس في السياسة، ونحن ندرك إدراكاً تامّاً واقع الحال في لبنان».

وتابع: «أما في ما يتعلّق باللجان والمحقّقين الدولين الذين بدأوا تحقيقاتهم في لبنان، فهم يخضعون لدولهم ولا يخضعون لجهاز عدالة قضائي دولي، دون أنْ أشكّك في جدية وصدق هذه الهيئات، كما أنّني لا أقبل بأنْ يكون التحقيق في مثل هذه الجريمة بين أيدي دول أفراد، فلكل دولة مصالحها، وهل يمكن أنْ نتصوّر قبول الولايات المتّحدة والـFBI أو حتى فرنسا بالاعتراف بصاروخ موجّه من إسرائيل؟، الواقع ينفي الأمر».

وإذ سأل: «لكن لماذا هذا الصمت الداخلي؟».. أجاب: «لأنّ هناك قوى محلية لبنانية داخلية هي أيضاً موضع شك، ومجرّد هذا الشك يعني أنّ كل السلطة الموجود والمتواطئة هي أيضاً موضع شك، وليس فقط من ناحية الإهمال، بل من ناحية الارتكاب العسكري الجرمي، وإقحام مرفأ مدني ضمن منطقة مدنيّة ليكون مقرّاً للسلاح والاستخدامات العسكرية، وأقول موضع شك، علماً بأنّ هناك العديد من التقارير التي تضع كل التهمة على الطرف الداخلي اللبناني وتزيل العبء عن الطرف الخارجي، ونحن لا نريد ذلك، بل نريد العدالة».

 وختم: «ندرك إدراكاً تامّاً بأنّ الوصول إلى العدالة، سيكون صعب المنال، وعلينا تجييش الرأي العام والناس للوصول إلى العدالة، فالمطالبة بالعدالة القضائية الدولية ليست بسبب قلّة احترام القضاء اللبناني، بل هي التعاطي مع الواقع القائم الذي يمنع القضاء اللبناني من أنْ يحقّ الحق والعدل.. ولذلك علينا إطلاق صرخة واحدة جماعية للمطالبة بـ»المحكمة الجنائية الدولية»، فلا نريد تحقيقات سياسية، وإذا لم يقم مجلس الأمن بدوره وأحال القضية إلى «الجنائية الدولية»، حينها نطالب المحامين وكل القوى المدنية، بأنْ تضع كل الملفات عن الأضرار التي لحقت بهذا الشعب، وليس فقط الضحايا المباشرين، كي نتقدّم بها أمام المدّعي العام الدولي، ونطالبه بأنْ يقوم هو بهذا التحقيق، ولدينا من الأصدقاء في العالم ما يكفي، 123 بلداً عضواً في «الجنائية الدولية» سيؤيّدون طلبنا، إنّما علينا أنْ نقدّم لهم المعطيات، ونقول ليس كلاماً بل حقائق عن الأضرار، التي تتجاوز الأضرار المادية، والأخطر هو في ضرب هذا التاريخ، ضرب الذاكرة الوطنية، والخطر الأكبر في خلق الرعب في صفوف الشباب، ودفعهم للهجرة خارج البلد، وأنْ يحمل لبنان في ضميره أنّه بسبب الإهمال وقعت هذه الجريمة البشعة التي لم يسبق لها مثيل سوى بالمتفجرات النووية».

زين: قانون جديد يحمي الحجر قبل البشر


أما المحامي زين فكشف عن أنّ «المجلس النيابي أقرّ قانون بعنوان «قانون يرمي إلى حماية المناطق المتضرّرة نتيجة الانفجار في مرفأ بيروت ودعم إعادة إعمارها»، وصادق عليه، بحيث تناول هذا القانون منع التصرّف بالبيوعات العقارية والوكالات التي تُعتبر مجمّدة لمدّة سنتين، وآلية التعويضات ودفعها، وتمديد عقود الإيجار لسنة واحدة فقط، إضافة إلى إعفاءات من الضرائب والرسوم للمالكين (مالية وبلدية)، والحفاظ على الأبنية التراثية، والتقديمات الصحية، بحيث يستفيد ورثة الشهداء من الضمان الاجتماعي مدى الحياة، وشُكلت لجنة لتلقي الوثائق، وتخمين كلفة إعادة الإعمار والترميم، من خلال إعداد ملف لكل عقار، كما مراقبة تنفيذ عملية الإعمار إذا ما كانت تتم وفقاً للآلية الموضوعة من قِبلها».

ولفت إلى أنّ «الخطورة في هذا النص، هي عدم أخذه بعين الاعتبار، ما طرحه قانون 77/7 الذي صدر بمرسوم اشتراعي، وحدّد أُطُر العلاقة بين المالك والمستأجر، كما حدّد البدلات، والأخطر من ذلك هو تمديد عقود الإيجار لعام واحد، على عكس ما ورد في قانون 77/7، إذ بعد انتهاء العام ماذا  يكون مصير المستأجر؟، خصوصاً أنّ النص الأساسي أي قبل قانون 77/7، هو خروج المستأجر من العقار في حال تهدّمه، دون أي تعويض».

وختم: «لا بُدَّ من الإشارة إلى أنّ قراءة القانون أكدت بما لا يدع مجالاً للشك، اهتمام المشترع بالحجر قبل البشر، رغم اهتمامنا بالأبنية التراثية، لكن أين حقوق البشر، فهو لم يأتِ على تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر، الأمر الذي سيسفر عن فوضى قانونية في العلاقات التعاقدية، ستؤدي إلى دعاوى في المحاكم».