بيروت - لبنان

اخر الأخبار

30 نيسان 2024 12:00ص ندوة حول «دور الإعلام في تحصين السلم الأهلي والوحدة الوطنية»

الدولة القوية تحفظ الوطن والعلاقة تبقى جدلية بين الإعلام والمجتمع

الوزير المكاري متوسطاً الأب العنداري ومحفوظ وسلام وأبو الكسم خلال الندوة الوزير المكاري متوسطاً الأب العنداري ومحفوظ وسلام وأبو الكسم خلال الندوة
حجم الخط
أربعة اصوات اعلامية ناقشت «دور الإعلام في تحصين السلم الأهلي والوحدة الوطنيّة» في ندوة دعا اليها رئيس اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام المطران أنطوان نبيل العنداري،في المركز الكاثوليكي للاعلام، وشارك فيها وزير الإعلام في حكومة تصريف الاعمال زياد مكاري، رئيس المجلس الوطني للإعلام عبد الهادي محفوظ، نقيب المحررين جوزف قصيفي، مدير المركز الكاثوليكي المونسنيور عبده أبو كسم، ورئيس تحرير جريدة اللواء صلاح سلام.

العنداري

بداية رحب المطران العنداري بالحضور وقال:«الاعلام يلعبُ دوراً كبيراً في تعزيزِ السِلمِ الأهلي والوحدةِ الوطِنيَّة. وَتعَد وَسائلُ الإعلامِ المَرئيَّةِ والمَسموعَة والمَكتوبَة والإلكترونِيَّة على اختلاف انتِماءاتِها مِن أَهَمِّ الأدوات المُؤَثِّرَة في تَنمِيَةِ الوَحدةِ الوَطَنِيَّة وَحُبِّ الوَطَن والوَلاءِ لَهُ، بِلُغَةٍ راقِيَة وإِيجابِيَّة. ومِنَ المُفتَرَضِ أَن يُمارِسَ الإعلامُ دَورَه على قاعِدَةِ مَسارِ الحَقيقَة، واحتِرامِ الرَأي الآخَر، وتَغليبِ صَوتِ العَقلِ، ونَبذِ الإنقِسامِ لا تَعزيزِه وتَغذِيَتِه، في مُناخٍ مِنَ الحُرِّيَةِ المَسؤولَة والمُواطَنَة السَليمَة والصَحيحَة. 

المكاري

ثم تحدث الوزير المكاري فقال:«نحن ملتزمون حرية الاعلام في لبنان لانها اغلى ما لدينا، فموضوع الحرية في هذا البلد بالرغم من فوضى الحرية فيه بالنسبة الينا واجب علينا ان نحميها. ونلاحظ التطور السريع في الاعلام منذ 15 و20 سنة الى اليوم، في ضوء ازدياد عدد المؤسسات الاعلامية حيث اصبح كل مواطن اعلامي من خلال وسائل الاعلام المتعددة. فالوضع تغير بشكل لا يوصف وهو يتجه إلى تغيير اكبر مع الذكاء الاصطناعي، ولا يمكننا بعد استيعاب هذه الثورة الى اي مكان ستوصلنا».
واضاف:«نحن نعمل على قانون جديد للاعلام وهو يعطي حرية اكثر للصحافة وللاعلام ويخفف القمع ويلغي عقوبة السجن ويفصل التواصل الاجتماعي عن المؤسسات الإعلامية، ونتناقش في كل ذلك في لجنة فرعية في مجلس النواب كي نخرج بقانون يحاكي المعايير الدولية والتطور، ونعمل على التسريع بهذا القانون، بالتشارك مع الاونيسكو في دراسته ومع جمعيات ونقابات وحقوقيين واعلاميين وتوصلنا الى نسخة عن القانون الجديد».
وختم المكاري:«في موضوع الانصهار الوطني والسلم الاهلي، وكل ما نراه، هناك عنوان اساسي هو التمسك بالدولة وبمشروع الدولة، وارى منذ فترة ان التلاميذ والشباب لا يحبون الدولة، وهناك حاجز بينهم وبين الدولة وهذا الشعور حقيقي وسببه هو تقصير الدولة،ونحن ندعو الى المصالحة بين هؤلاء الشباب والشابات والدولة لان لا شيء يضمن السلم الاهلي في البلد الا مشروع الدولة ».

محفوظ

ورأى محفوظ في مداخلته أن:«الاعلام اللبناني صورة عن النسيج السياسي والطوائفي. وهو يعبّر إلى حد بعيد عن الواقع الطوائفي ومصالح الطبقة السياسية. وبالتالي لا ينبغي أن نبالغ في دوره الإصلاحي وفي إشاحة اللثام عن الفساد المستشري والرشوة المتحكمة. فالأمر يتطلب رؤية إصلاحية للوضع برمته. والإعلام يمكن أن يكون جزءًا من هذه الرؤية التي تبدأ أولا بالإصلاح السياسي الذي هو مدخل لكل إصلاح. 
وقال:«المطلوب أن تدرك السلطة السياسية أن صورة لبنان في العالم والمنطقة ترتبط بدور إعلامي. فتراجع الإعلام هو تراجع لفكرة الدولة ومكانتها ووظيفتها. ولذلك برزت دول عربية منافسة للبنان في الإعلام. فالمدينة الإعلامية أول من طرحها هو لبنان ولكن أنجزتها دبي وعمّان والقاهرة وبقي لبنان متخلفاً علماً بأن لبنان يمتلك المقومات لمثل هذه المدينة والمتمثلة بالطبيعة المؤاتية والكادرات واللغة والجغرافيا. ولذلك فإن إحياء المدينة الإعلامية في لبنان هو عنصر جاذب للتوظيف في الصناعة الإعلامية كون الحرية الإعلامية في المنطقة لا تتوفر إلا فيه.
  واشار محفوظ الى انه «في مشروع القانون الإعلامي الجديد هناك نصوص تنطبق على تنظيم الإعلام الإلكتروني وعلى التزامه بقواعد الإعلام المرئي لجهة صحة المعلومة ودقتها والموضوعية وتجنب القدح والذم.».

 سلام

من جهته رأى سلام ان ركائز السلم الأهلي في هذه المرحلة بالذات، تتعرض إلى تحديات وإهتزازات جمَّة، بسبب عدة عوامل داخلية وخارجية تنهش بالجسد اللبناني المثقل بالمتاعب المعيشية»،وقال:«ليست هي المرة الأولى التي نناقش فيها دور الإعلام في الحفاظ على السلم الأهلي، فالعلاقة بين الإعلام والمجتمع الأهلي ككل علاقة جدلية مستمرة».
وذكّر بالمرتكزات الثلاثة للاعلام: الموضوعية المهنية، والأمانة الأخلاقية، هي مقومات الإعلام الصحي والصحيح لكنه اسف لأنها تعرضت لموجات من الإجتياحات المتتابعة على إيقاع الفورة التكنولوجية التي انتشرت في العالم في العقدين الأخيرين. 
اضاف:«لكن هذا الواقع لا يمنع من الإعتراف بأن الوسائل الإعلامية تضطر أحياناً إلى نشر المواقف المتطرفة، والتي قد تكون مسيئة للسلم الأهلي، الصادرة عن قيادات سياسية أو حزبية، والتي تعبر عن آراء ومواقف أصحابها ».
وسأل سلام:«هل يكون الإعلام هو المسبب بهذا الشحن الطائفي، أو بتعطيل المؤسسات الدستورية والحؤول دون إنجاز الإستحقاق الرئاسي، وفي إبقاء البلد في عهدة حكومة تصريف الأعمال، لا تتمتع بالصلاحيات الدستورية الضرورية لإتخاذ القرارات الإنقاذية الازمة ؟. 
وقال:«آن الاوان أن ندرك جميعاً أن العلة الأساسية في لبنان هي هذا النظام الطائفي، الذي تحول إلى مطية لزعامات تمارس أبشع إساليب الإقطاع السياسي بعدما نصَّب الزعماء أنفسهم أولياء، بمستوى القداسة، وشدد سلام على ان على الإعلام، وعلى كل اللبنانيين المؤمنين بأن لبنان وطن نهائي لكل أبنائه، كما ينص الميثاق الوطني والدستور الكف عن تضييع المزيد من الفرص.
وختم سلام :«السلم الأهلي أمانة وطنية في أعناقنا جميعاً، ولكن أخشى ما أخشاه أن يعتقد، أحدهم أو بعضهم، أن مجده الآتي يقوم على أنقاض وحدة الوطن ورماد السلم الأهلي».

أبو كسم

وفي الختام كانت كلمة للمونسنيور ابو كسم فقال:«نواجه اليوم في لبنان أزمة لم يشهدها رجال الصحافة من قبل، وتتمثّل في عمليّة التفلّت الكبير على شبكات التواصل الإجتماعي، فالصحافي الحقيقي ينطلق من فكره النيّر، وضميره الخيّر، ليخطّ بقلمه حروف الحقيقة بغية تنوير الرأي العام، فيما روّاد شبكات التواصل الإجتماعي ينطلقون من عالم إفتراضي، ويلعبون دور الإعلامي، ويجعلون من منصّاتهم منبراً للتحقير والشتم والتجديف والتشهير والتحوير والتحريض وشحن النفوس لتأليب الرأي العام، وهذا أمر خطير قد يشعل فتيل الفتنة بين مكوّنات المجتمع اللبناني، ويهدّد السلم الأهلي في لبنان، ويقضي على مفهوم لبنان بلد الرسالة كما أسماه البابا القدّيس يوحنا بولس الثاني».
وختم:«ونحن على مقربة من عيد شهداء الصحافة، نتذكّر الصحافيّين الأبطال الّذين دقّت اعناقهم على المشانق لأنّهم أبوا إلاّ أن يشهدوا للحقيقة والدفاع عن الحريّات، وكانوا عنوانا للشرف والبطولة، فدماؤهم وقف، والوقف لا يُشرى ولا يُباع. فلتبقَ أقلامنا حرّة لنشهد للحق».