بيروت - لبنان

اخر الأخبار

19 كانون الثاني 2021 12:01ص أحداث واشنطن وسقوط الإمبراطورية..؟

حجم الخط
ما يجري في العاصمة الأميركية عشية حفل تنصيب الرئيس المنتخب جو بايدن يكاد لا يُصدق، على الأقل بالنسبة للأجيال الحالية التي لم تعش فترة حروب الإستقلال الأهلية بين الشمال والجنوب.

 الإغلاق الأمني المُحكم لمنافذ واشنطن، ومنع الدخول والخروج منها، وتحويل المدينة الفسيحة إلى ما يشبه الثكنة العسكرية، كلها مظاهر عادت بالذاكرة إلى الصفحات السوداء في التاريخ الأميركي، وأنهت أسطورة «الحلم الأميركي»، الذي يراود مئات الملايين من شعوب الارض، وخاصة أولئك المضطهدين والمهمشين في بلدانهم.

 فجأة، وبلمح البصر، تحولت عاصمة الحرية والديموقراطية العالمية، إلى مدينة من العالم الثالث، ينتهك الغوغاء هيبة مؤسساتها الدستورية، مثل ما حصل في إقتحام مبنى الكونغرس، حيث عاثوا خراباً ونهباً لمحتويات المقر الأول للديموقراطية في الدولة العظمى، وتحولت شوارع المدينة إلى ساحات للكرّ والفرّ بين رجال الأمن والمتظاهرين القادمين من الولايات الفقيرة والمهمشة، وكادت نتائج إنتخابات رئيس أقوى دولة في العالم تسقط تحت أقدام الناقمين على السلطة، وعجرفة التمييز العنصري والطبقي، بين البيض والسود.

 قد يكون الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب لعب دور المحرّض في إثارة موجات الغضب والحقد على السلطة الدستورية، ولكن إندلاع شرارة التمرد بهذه السرعة، وبكل ذلك الزخم، مثل النار في الهشيم، والإندفاع الهستيري للمتظاهرين في تحطيم أبواب الكونغرس، والإصرار على الوصول إلى القاعات الداخلية، والعبث بمقاعد الرئيسة ونواب الأمة، وإتلاف العديد من الوثائق والمحتويات، كلها مؤشرات على الهوة الكبيرة التي تفصل شرائح واسعة من الأميركيين عن المؤسسات الفيدرالية، الأمر الذي يُعزز وجهة نظر العديد من الباحثين الأميركيين أنفسهم، عن حالة التهالك التي تضرب النسيج الأميركي، وتُنذر بإقتراب نهاية التجربة الإتحادية التي إستمرت قرنين ونيف من الزمن.

 تهوُّر ترامب في التعامل مع نتائج الإنتخابات الرئاسية، كشف بشكل غير مباشر نقاط ضعف الإمبراطورية الأميركية التي يعتبر البعض أنها تلفظ أنفاسها الأخيرة في هذه المرحلة، حسب ما توقع قبل أكثر من ربع قرن، زبينغنيو بريجنسكي مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي جيمي كارتر، بأن يشهد العام ٢٠٢٥ بداية تفكك المجتمع الأميركي، وسقوط الدولة الفيدرالية.