إعلان الحكومة التعبئة العامة في التصدي لوباء الكورونا، والقرارات المتخذة على مختلف الأصعدة، لتخفيف حالات الاختلاط، وإبقاء أكبر عدد من الناس في منازلهم، كلها خطوات على أهميتها لا تكفي، إذا لم يكن هناك التشدّد الكافي لتنفيذ مضمون القرارات، وتعزيز مستوى التوعية عند الناس، وتوفير الاحتياجات الضرورية للمستشفيات، ولو اقتضى الأمر التوجه الى المؤسسات الدولية، والى الدول القادرة على المساعدة، وخاصة الصين.
ولعل الصين تُعتبر من أكثر الدول الصديقة قدرة على تقديم المساعدة العاجلة على المستويين الأساسيين:
الأول: المستوى المادي، نظراً لقدرات الصين المالية الهائلة، والاستعداد الدائم لمدّ يد العون إلى البلدان المنكوبة بالوباء الذي انطلق من مدينة ووهان الصينية، وانتشر بسرعة صاروخية في مختلف أنحاء العالم.
الثاني: المستوى التقني، حيث اكتسبت بكين تجربة مميزة في تصدّيها السريع والناجح للكورونا، سواء على صعيد التجهيزات الطبية والاستشفائية التي يحتاجها لبنان بعد قرار التوسّع في إعداد المستشفيات الخاصة لاستقبال المصابين بهذا الوباء اللعين، أم بالنسبة لطرق العزل والعلاج التي أثبتت فعاليتها، في تطويق انتشار الوباء من جهة، وتحقيق نسب عالية من حالات الشفاء، من جهة ثانية.
التوجّه للخارج لا يعفي اللبنانيين القادرين من المساهمة في الحملة الوطنية لمكافحة الكورونا، وتقديم التبرعات والمساعدات المالية للصناديق التي أنشئت مؤخراً، سواء لدى وزارة الصحة، أم في المستشفيات الخاصة والعامة، التي تُجري الاستعدادات الضرورية لاستقبال مرضى الكورونا.
وفي هذا الإطار، لا بدّ من مطالبة أصحاب المصارف القيام بدورهم الوطني وتقديم التبرعات اللازمة لتمويل الأقسام التي يجري إعدادها في المستشفيات، والتي تتطلب نفقات طارئة قد لا تكون متوافرة لدى معظم المستشفيات. وهنا لا بد من إدانة قرار جمعية المصارف بإقفال أبواب البنوك أسبوعين كاملين، بحجة التجاوب مع قرارات التعبئة العامة، فيما يُعتبر هذا القرار بمثابة خطوة سوداء جديدة من قبل المصارف التي لا تُعير أي اهتمام لحاجات المودعين لأموالهم في هذه الأيام الصعبة، لتأمين احتياجاتهم الغذائية اليومية، وما قد يحتاجون إليه من أدوية ومعالجات في حالات الطوارئ.
الدولة أمام تحديات جدية لاختبار قدرتها على تنفيذ قراراتها، وإخضاع الجميع للسلطة الشرعية، ووضع حد حاسم للمتلاعبين بقوت الناس وأموالهم، ولو كانوا من أصحاب المصارف!