بيروت - لبنان

اخر الأخبار

26 تشرين الثاني 2018 12:05ص إمتحان جديد لفائض القوة ...؟

حجم الخط
يختلف اللبنانيون في توصيف الأزمة التي يتخبط فيها البلد منذ فترة . البعض يصفها أزمة نظام، وآخر يعتبرها أزمة قيادات، وثالث يحملها لسوء الإدارة السياسية، التي تفتقد إلى العقلية المرنة، ولا تتمتع بالخيال المبدع، الذي لا بد أن يتوفر لكل زعيم سياسي يسبح بلده في بحر من الأزمات، مثل الوضع اللبناني الراهن!
 رب قائل أن الأزمة المستفحلة حالياً تجمع بين كل التوصيفات السابقة، وغيرها أيضاً، ولكن المفصل الاساس يبقى يدور حول مستوى الأداء المتردي للأطراف السياسية، والتي سرعان ما ينكشف عجزها عن المعالجات الناجعة، والتوصل إلى تسويات مبدعة، قبل أن تستفحل الأزمات، ويصبح الجميع أسيري مواقفهم، وتصل الأمور إلى نقطة اللاعودة، كما هو الحال مع عقدة تمثيل نواب ٨ آذار السنّة في الحكومة العتيدة!
 قلنا سابقاً، ونكرر اليوم للمرة الألف، أن لبنان هو بلد التسويات الخلاقة، ووطن المعادلات المتوازنة، وأن أي إختلال في المعادلات، نتيجة الخروج عن قواعد وأسس التسويات، من شأنه أن يهدد الإستقرار الداخلي، ويفتح أبواب التدخلات الخارجية على مصراعيها!
 وكذلك علمتنا التجارب المريرة، والتي تكبد اللبنانيون أثمانها الباهظة، من أمنهم ودمائهم وأرواحهم، وعلى حساب أعمالهم وأموالهم، أن لا أحد يستطيع أن يُلغي الآخر، ولا أحد يقدر أن يفرض خياراته ومواقفه على الآخرين، مهما إمتلك من فائض القوة، وأن أي حل أو تسوية يتم فرضها بقوة الأمر الواقع، سرعان ما تنهار عند أول إهتزاز داخلي، أو بمجرد تغير موازين القوى، محلياً وإقليمياً، وظهور «أمر واقع» جديد!
 هذا ما حصل منذ سنوات الإستقلال الأولى، حيث أطاح ميزان القوى الجديد بالشيخ بشارة الخوري وهو في منتصف الولاية الثانية، وتمت إستعادة لبنان من «حلف بغداد» بعد إندلاع «ثورة ٥٨ «وتدخل الأسطول الأميركي في نهاية عهد الرئيس كميل شمعون، وإستمرت الإهتزازات في عهدي الرئيسين شارل حلو وسليمان فرنجية، بسبب الإختلالات المتعددة في المعادلة الداخلية، وصولاً إلى إندلاع الحرب البغيضة في نيسان ١٩٧٥. فضلاً عن خروج الفلسطينيين عام ١٩٨٢، وإنسحاب السوريين عام ٢٠٠٥. في حين تميز عهد الرئيس فؤاد شهاب بالإستقرار والإزدهار لأنه عرف كيف يصون توازنات المعادلة الداخلية، بعد لقائه التاريخي مع الزعيم جمال عبد الناصر على الحدود اللبنانية - السورية!
 تُرى هل البلد أمام إمتحان جديد على إيقاع الشعور بفائض القوة عند حزب الله ؟