بيروت - لبنان

اخر الأخبار

5 كانون الأول 2019 06:02ص الإنتحارات الفردية مؤشِّر لإنتحار الدولة..

حجم الخط
إذا كانت تظاهرات وإعتصامات إنتفاضة الخمسين يوماً، لم تهز جفون المسؤولين المتلهين بحسابات الربح والخسارة، فهل يُعقل أن تتحمل ضمائرهم مسلسل حوادث الإنتحارات، المتنقلة بين المناطق، والتي لم تُميز بين فقراء الطوائف؟

ماذا يمكن أن يُخرِج أهل القرار من عالم الإنكار والإستكبار والتجاهل الذي يعزلون أنفسهم في أوهامه، إذا كانت آلام ومآسي الفقراء لا تصل إلى آذانهم، ولا تُحرك إنسانية مشاعرهم، ولا تُذكرهم بوطأة مسؤولياتهم عما أصاب الشرائح الواسعة من اللبنانيين من قهر وظلم، بسبب سياسات الإفقار الممنهج لمجتمعهم، والنهب المنظم لأموالهم وموارد دولتهم؟

وعوض الإستماع إلى صوت الشعب الثائر، والعمل على إستيعاب مطالب الإنتفاضة في ضرب الفساد ومحاسبة المفسدين، وإحداث التغيير اللازم في بنية الطبقة السياسية الفاسدة والعاجزة، يصر أهل الحل والربط على الإستمرار في ممارسات القهر والذل لشعبهم، وفرض أزلام السلطة في مواقع المسؤولية، والإمعان في تجاهل أهل الكفاءة والإختصاص، وأصحاب السمعة الحسنة، والحؤول دون تمكينهم من خدمة بلدهم، والمشاركة في ورشة الإنقاذ الضرورية التي تحتاجها الأحوال الإقتصادية والمالية والنقدية، بعد هذا الإنهيار المريع الذي وصلت إليه البلاد!

كل ما يجري على صعيد أصحاب الحل والربط يُؤشر إلى ذهاب الطبقة السياسية إلى الآخر في لعبة التحدي البشعة التي تمارسها منذ اليوم الأول للإنتفاضة، بهدف إخضاع الشعب المنتفض، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم حالات الفقر وتداعياتها المأساوية، والتي ظهرت في الأيام الأخيرة بحوادث الإنتحار لآباء عجزوا عن تأمين لقمة العيش لأولادهم، فضلاً عن ظاهرة إقفال مدارس عريقة بعد العجز عن دفع رواتب المعلمين، والناتج عن عدم قدرة أولياء التلاميذ عن دفع الأقساط المستحقة عليهم، بالتزامن مع تظاهرة أصحاب الحاجات الخاصة مستنجدين ببكركي قبل أن تقفل المؤسسات الإجتماعية التي ترعاهم أبوابها، بعدما أوقفت دولة النهب والفساد مساعداتها السنوية لهم!

ماذا تنفع السلطة أي مسؤول، مهما كانت رتبته، إذا خسر شعبه، ولم يرحمه تاريخ وطنه؟

 أخشى ما نخشاه أن تكون الإنتحارات الفردية مؤشراً لإنتحار الدولة جماعياً!