29 كانون الثاني 2019 12:00ص الاعتذار إدانة وطنية للطبقة السياسية...!

حجم الخط
الكلام عن احتمال اعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري يُشكل منعطفاً دقيقاً في مسار الأزمة السياسية التي يتخبّط فيها لبنان منذ تسعة أشهر.
الاعتذار يؤكّد حجم الفشل المريع للطبقة السياسية في إدارة شؤون البلاد، وعدم قدرتها على تدوير الزوايا، واجتراح الحلول المناسبة والمتوازنة، للمشاكل والأزمات المزمنة والطارئة، التي تمسك بخناق العباد.
ليس الاعتذار وحده دليل الفشل الحالي في إدارة دفة الحكم وحسب، فالإخفاق والفشل أصبحا من الظواهر المتكاثرة في مختلف القطاعات الحيوية: من الكهرباء إلى النفايات، ومن العجز المالي إلى ارتفاع المديونية العامة، ومن غياب خطط الإصلاح إلى تضييع فرص مكافحة الفساد، إلى جانب الفرص الضائعة والتي لا تُحصى في الحد من التدهور الاقتصادي الذي أوصل البلد إلى شفير الإفلاس.
ما زالت ثمة فسحة أمل أمام الأطراف السياسية لإنقاذ سمعتهم الوطنية، وإثبات قدرتهم على السيطرة على الموقف، رغم ما وصل إليه من تراجع وتدهور، عبر العودة إلى شيء من الواقعية والتواضع والتنازل عن «شروط الموسكوب»، وملاقاة الرئيس المكلف في منتصف الطريق، لتسهيل تشكيل الحكومة، وطيّ صفحة التأزم الراهن، والذي بات يهدد النظام السياسي برمته، وليس الأمن والاستقرار فقط .
الاعتذار لن يؤدي إلى إنهاء الفراغ الحكومي الراهن، ولن يُخفف من حالة التشنج المهيمنة على الساحة السياسية، بل على العكس تماماً، حيث سيمدّد أمد الأزمة الحالية، ويُعيد مساعي التأليف، والمشاورات اللاحقة إلى المربّع الأول، مع كل ما يعني ذلك من مناورات، ومعارك كرّ وفرّ، قد تستمر أشهراً طويلة أخرى.
وأخيراً، الاعتذار لا يعني فشل الرئيس المكلف وحده في تأليف الحكومة، بقدر ما يعني إدانة وطنية، ووصمة عار للطبقة السياسية برمتها!