بيروت - لبنان

اخر الأخبار

2 حزيران 2020 07:38ص الانتصار الأول لمعركة استقلال القضاء

حجم الخط
الوقت لا يكون دوماً لمصلحة المعاندين والمكابرين، ولا حتى مع المترددين، حيث يخسر هؤلاء معاركهم، غالباً، عندما يتأخرون في التعامل مع المعطيات الواقعية، ويراهنون عبثاً على «تطوّر ما» لتغيير الوقائع، على أمل أن يكسبوا معاركهم الوهمية!

هذا ما حصل مع وزيرة العدل، المحامية الخبيرة بشؤون القضاء، والتي رغم معرفتها الوثيقة بأجواء قصر العدل قبل أن يبتسم لها القدر وتدخل جنة الوزارة، اعترضت على التشكيلات التي أقرها مجلس القضاء الأعلى بالإجماع، بحجة عدم مراعاة الأقدمية والكفاءة، في حين كان اعتراضها من منطلقات سياسية بحتة، نسفت كل شعارات الحرص على استقلال القضاء، التي كانت في صلب خطاب القسم لرئيس الجمهورية، ولم تغب عن معظم خطاباته في المناسبات المختلفة، كما كانت من ثوابت البيانات الوزارية لحكومات العهد المتعاقبة.

كان يمكن لوزيرة العدل أن تقف في وجه التدخلات والضغوطات من فريقها السياسي، وتُفاخر بتحقيق الخطوة الأولى على درب استقلال القضاء، من موقعها المهني كمحامية، بدل الانصياع لممارسات ووساطات لا تمت للمصداقية القضائية بصلة.

بالمقابل، كرَّس مجلس القضاء الأعلى برئاسة القاضي سهيل عبود أولى خطواته العملية نحو تحقيق استقلال القضاء، من خلال صمود المجلس أمام المناورات السياسية والحزبية الفاقعة، وتصديه لحملات التجني والافتراء التي تعرّض لها من أوساط أهل الحكم أنفسهم، والمفترض بهم أن يكونوا في خط الدفاع الأول عن استقلالية القضاء، انسجاماً مع مواقفهم الانتخابية، وخطاباتهم الشعبوية.

توقيع وزيرة العدل، رغم تمسكها بملاحظاتها على حد قولها، للتشكيلات التي وضعها مجلس القضاء، فَقَد وهجه وأهميته المهنية بالنسبة لها، لأنه جاء متأخراً بضعة أشهر، تعطلت خلالها أعمال العديد من المحاكم، وخاضت خلالها الوزيرة السجالات الحامية، بلا طائل، مع مجلس القضاء الذي سجّل انتصاره المشرّف الأول في معركة تحقيق استقلال القضاء.