«البلد مُفلس.. والاقتصاد على الأرض», هذا الكلام الذي نقله البطريرك الراعي عن الرئيس ميشال عون, لم يكشف جديداً بالنسبة للبنانيين, الذين يُعانون الأمرّين من الواقع الاقتصادي المتردّي, ولكن خطورته أنه صادر عن رئيس الجمهورية بالذات, وما يمثل على رأس هرم السلطة.
لم يعد خافياً أن حديث الرئيس مع البطريرك جاء في سياق التحذير الرئاسي من مغبة الاستمرار في زيادة الإنفاق, خلال طرح البطريرك لمشكلة زيادة رواتب المعلمين في المدارس الخاصة, وفق بنود سلسلة الرتب والرواتب, ومطالبة الدولة بأن تتحمّل هذه الزيادات, لتخفيف العبء عن الأهالي من جهة, ولتجنب أن تقفل المدارس أبوابها تحت ضغط العجز الذي تسببه الزيادات المطروحة.
معلمو المدارس الخاصة ليسوا وحدهم الذين لم تصلهم حقوقهم بموجب السلسلة, فهناك أيضاً الأساتذة المتعاقدون في التعليم الثانوي والأساسي, الذين يطالبون بتعديل أجور ساعات التدريس, وفقاً لجدول سلسلة الرواتب, ونزلوا إلى الشارع لإسماع صوتهم إلى المسؤولين, ولكن على مَن تقرأ مزاميرك يا داوود!
العسكريون المتقاعدون أيضاً, لم تُطبّق بنود السلسلة عليهم بالعدل والقسطاس, فتظاهروا واعتصموا, ولكن لم يحصلوا على حقوقهم!
لم نكن نتصور أن يأتي اليوم الذي يضطر فيه العسكري أو رجل الأمن للنزول إلى الشارع للمطالبة بالحصول على ما يستحق من حقوق, مقابل كل ما بذله من تضحيات لحماية لبنان وأمن اللبنانيين, خاصة وأن بين المتظاهرين والمعتصمين, قيادات عسكرية وأمنية كبيرة, كانت حتى الأمس القريب, وقبل الوصول إلى سن التقاعد, في مواقع المسؤولية المتقدمة!
ثمّة مَن يوحي وكأن السلسلة أوصلت البلد إلى شفير الإفلاس, وتجاهل كل ما له علاقة بسياسات الهدر والصفقات والإنفاق غير المجدّي, والأرقام الخيالية لعجز الكهرباء والبواخر, فضلاً عن السدود والمطامر!