بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 آذار 2024 12:23ص الترقيع مستمر والتضخُّم يأكل الزيادات!

حجم الخط
رفع الحد الأدنى للأجور إلى ١٨ مليون ليرة، ليس هو الحل الأمثل للأزمات الإجتماعية التي تعيشها الأكثرية الساحقة من اللبنانيين من ذوي الدخل المحدود. أولاً لأن هذه الزيادة العشوائية والضئيلة لا توفر الحاجات الضرورية  لمئات الآف من الموظفين في القطاع الخاص، ولكنها في الوقت نفسه، تُحمّل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أعباء مالية أضافية، قد تضطر الكثيرين منها إما إلى الإقفال، أو على الأقل تحجيم عدد الموظفين، وفي الحالتين فإن معدل البطالة سيرتفع بوتيرة تُجهض مفعول قرار رفع الحد الأدنى. 
كان من الممكن إعتبار هذا القرار خطوة على طريق إصلاح الأجور، لو جاء في سياق خطة متكاملة لمعالجة الأوضاع المالية والإقتصادية المتدهورة في البلد، وتوضيح السياسة التي ستتبعها الحكومة لإعادة هيكلة المصارف، وتبيان مصير الودائع، خاصة وأن الكثير من المؤسسات مازالت أموالها مجهولة المصير في المصارف، وتُعاني من إرتفاع النفقات التشغيلية، من إرتفاع الأعباء المالية للضمان الإجتماعي، ونفقات المازوت وإشتراكات المولدات، فضلا عن الزيادات الكبيرة في كلفة النقل، والمساعدات الإجتماعية الملحة، كالأقساط المدرسية ونفقات الطبابة والإستشفاء. 
ويُضاف إلى كل ذلك، مضاعفة أرقام الرسوم المالية والضرائب،  ومختلف المستحقات للإدارات العامة، بما فيها الطوابع المالية، بنسب تتراوح بين ١٠ مرات على الأقل، وصولا إلى ثلاثين مرة، بما يتناسب مع سعر الدولار في السوق السوداء، في حين أن سعر الدولار المصرفي مازال بحدود ١٥ ألف ليرة، وتعاميم مصرف لبنان تحدد حقوق السحب بثلاثماية دولار شهرياً فقط! 
المفارقة أن الدولة تُمعن في التهرب من مسؤوليتها في الحد من مضاعفات مسلسل الإنهيارات المستمرة منذ أواخر ٢٠١٩، والحكومات المتعاقبة إفتقدت الرؤية الإصلاحية، وتعثرت في وضع برنامج التعافي الإقتصادي، وحكومة تصريف الأعمال لا حول ولا قوة دستورية لها، لتنفيذ البرنامج الإنقاذي المطلوب.
وبات إي قرار مالي أو إقتصادي أو إجتماعي يصدر من الحكومة، أو من أي مرجع رسمي، يأتي من باب الترقيع الآني، والذي سرعان ما يتلاشى مفعوله تحت ضغط التضخم المتصاعد،الذي يأكل الزيادات،  وتصبح الخطوات المتخذة كمن يُعالج المرض العضال بحبات الأسبرين!