بيروت - لبنان

اخر الأخبار

12 تشرين الثاني 2020 05:38ص التوازن مطلوب في الداخل قبل الخارج!

حجم الخط
في برقية التهنئة للرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن أعرب الرئيس ميشال عون عن أمله «بالعمل معاً لإعادة التوازن للعلاقات اللبنانية  الأميركية»، في إشارة واضحة للخلل الذي أصاب هذه العلاقات في عهدي الرئيسين عون وترامب، بسبب التباينات الإستراتيجية في السياسات الخارجية، وإنحياز لبنان الرسمي إلى المحور الإيراني.

 لا شك أن «التوازن» هو القاعدة الذهبية لإنجاح العلاقات بين الدول والشعوب، وهو أساس الإستقرار للأوضاع الداخلية، خاصة في الدول المتعددة الطوائف والمتنوعة الأحزاب، مثل لبنان، الذي يُعاني منذ سنوات من حالة مزمنة من عدم الإستقرار، نتيجة الإخلال بالتوازنات الداخلية، وإهتزاز المعادلة الوطنية، بسبب جشع بعض الأطراف في السلطة في الهيمنة والإستئثار، على حساب شركاء آخرين في الوطن وفي المسؤولية.

 الرئيس عون يدرك أكثر من غيره، بحكم تجربته السياسية الطويلة، وما تعرض له من إضطهاد ومظلومية، إبان مرحلة الوجود السوري، أن الإخلال في التوازنات الوطنية، من شأنه ليس تعطيل الحياة السياسية وحسب، بل إيضاً يُصيب مؤسسات الدولة بالشلل، ويؤخر تنفيذ المشاريع الإنمائية، ويخطف الحكم الرشيد، ويزرع كل أنواع الفساد في الوزارات ودواوين الدولة، ويؤدي إلى الإنهيار والإفلاس، كما هو حاصل حالياً في لبنان.

 أصبح واضحاً أن دوامة الأزمات الراهنة التي يتخبط فيها لبنان في السنوات الأخيرة، سببها الأساس هذا الخلل المتزايد في المعادلة الوطنية، والمحاولات المستمرة لتجاوز أدوار وحقوق شركاء في الوطن، من خلال شعور وهمي بفائض القوة هيمن على التيار الوطني الحر وفريق العهد، الذي لم يترك مصطلحاً أو مرادفاً للقوة إلا إستعمله، من «الرئيس القوي» و«العهد القوي» و«التكتل النيابي القوي» و«التيار القوي»، إلى آخر المعزوفة المعروفة في الشعارات والخطابات الشعبوية، للإيحاء بأنهم الفريق الأقوى على الساحة السياسية!

والرئيس عون يعلم أكثر من غيره، أن الخلل الفادح لا يقتصر على المعادلة الوطنية بين المسلمين والمسيحيين، بل إمتد إلى ضرب التوازنات في الساحة المسيحية إيضاً، وأعاد أجواء الإنقسامات والتوتر إلى الشارع المسيحي، وبلغ ذروته بحصول صدامات دامية بين أنصار التيار ومناصري القوات والكتائب وقوى مسيحية أخرى.

 التوازن هدف مطلوب لتصحيح مسار العلاقات مع واشنطن، ولكننا بحاجة أكبر له لإعادة الحيوية إلى المعادلة الوطنية، وتحقيق الإصلاحات المطلوبة لإستعادة الثقة بالدولة اللبنانية، وإعادة الإستقرار المفقود، سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً.. وحتى معيشياً!