بيروت - لبنان

اخر الأخبار

24 شباط 2024 12:05ص الدولة ليست مفلسة ولكنها منهوبة!!..

حجم الخط
ثمة هوة تفصل بين التوجهات الحكومية، وموظفي القطاع العام، العاملين والمتقاعدين، خاصة العسكريين، حيث مازالت لعبة الأرقام تحول دون التوصل إلى حلول مرضية، توفق بين الإمكانيات المتاحة للحكومة، وحاجات الحد الأدنى لعائلات عشرات الآلاف من الموظفين والعسكريين. 
ليس دقيقاً الكلام عن وجود عجز مزمن في ميزانية الدولة، يحول دون تحسين رواتب العاملين والمتقاعدين. والكلام الأكثر دقة أن مرافق الدولة المنهوبة، والتي من المفترض أن تؤمن مئات المليارات من الليرات يومياً، ولكنها تذهب إلى جيوب أحزاب وقوى سياسية، متسلطة على المرفأ والمطار، وتحرم الخزينة من مداخيل أساسية من موارد الدولة، كما في كل دول العالم. فضلاً عن وجود «ميليشيات» من الأزلام والمحاسيب في الإدارات «الدسمة»، التي تتعاطى الرسوم والضرائب من المواطنين، مثل الدوائر العقارية والمالية، وإدارة سير الآليات (النافعة)، إلى جانب الفساد الذي يضرب جيش الموظفين المفتشين الماليين في قيود الشركات الكبيرة. 
وإذا أضفنا إلى كل ذلك، تصحيح تقييمات الأملاك البحرية المجحفة في حق الخزينة، لإستطاعت الدولة أن تؤمن، وإلى حد مقبول، متطلبات موظفي القطاع العام ، وأقفلت أبواب الإضرابات المفتوحة، والتي تضر بالدولة وتعطل مصالح المواطنين في آن واحد، ويتم عودة الانتظام الى  عمل الإدارات الرسمية، وتأمين الخدمات اللازمة للناس. 
لقد تعهد وزير الأشغال الناشط علي حمية بإعادة النظر في ملف الأملاك البحرية منذ العام الماضي. ولكن شيئاً من ذلك لم يحصل، رغم حاجة الدولة الماسة لكل قرش إضافي، وعجز الخزينة عن تلبية المتطلبات الضرورية لتأمين مصالح الدولة. 
مديرية النافعة بقيت مقفلة أشهراً عدة، ولم تنفع صرخات المتضررين من تجار السيارات ومالكيها، في إستعجال إعادة فتح أبوابها أمام أصحاب المصالح، ووضع حد لحرمان الخزينة من مئات المليارات يومياً، دون وجود رؤية واضحة لإعادة تنظيم هذا المرفق الحيوي، والقضاء على بذور الفساد فيه. 
وإذا أضفنا بعض التعديلات على الضرائب المقترحة في الموازنة الجديدة، بحيث يتحمّل أصحاب القدرات المالية والأغنياء، أكثر مما هو مفروض على الطبقة الوسطى وأصحاب الدخل المحدود، يصبح العبور من حالة التخبط الحالية في مسلسل إضرابات الموظفين، وتظاهرات العسكريين المتقاعدين ممكناً، إلى رحاب العدالة الإجتماعية، ولو بنسب محدودة فقط، بعيداً عن بدعة الحوافز الدولارية للمحظوظين من موظفي الرئاسات الثلاث! 
الدولة ليست مفلسة يا سادة .. ولكنها منهوبة!