ما زالت الذكورية تهيمن على نقابة المهندسين بشكل فاقع، سواء في الترشيحات الإنتخابية، أو في عمليات الإقتراع، أو حتى في الإدارات المختلفة، لواحدة من أكبر النقابات المهنية في لبنان.
أعداد المهندسات، في مختلف الإختصاصات الهندسية في إزدياد مستمر، وبنسب متقدمة عن مراحل سابقة، وإن كانت لم تبلغ بعد رتبة التساوي مع الشباب من خريجي كليات الهندسة في مختلف الجامعات الناشطة في لبنان.
ولكن هذا التفوق العددي للمهندسين الشباب على زميلاتهم من الجنس اللطيف، لا يبرر هذا التجاهل المستفحل للعنصر الأنثوي في تشكيل اللوائح في الإنتخابات الدورية، سواء على مستوى أعضاء المكتب التنفيذي، أو حتى بالنسبة لرئاسة النقابة، خاصة وأن المرأة المهندسة أثبتت وجودها وتفوقها في الأعمال المهنية المتعددة، خاصة في الهندسة المعمارية، وفي الهندسة الداخلية.
لقد إستطاعت المرأة اللبنانية أن تحقق إختراقات مهمة في نقابات مهنية أخرى، وخاصة في نقابة المحامين، حيث ثمة عضوات بشكل شبه دائم في المكاتب التنفيذية، فضلاً عن تولي رئاسة النقابة المحامية أمل حداد في إنتخابات ٢٠٠٩. لتكون أول لبنانية تصل إلى هذا المركز بعد مئة سنة ونيّف على تأسيس النقابة عام ١٩١٩، ولبنان البلد العربي الثاني بعد مملكة البحرين.
الواقع أن المهندسة العربية وصلت إلى المستويات العالمية، وما زالت أعمال المهندسة العراقية الأصل زها حديد في مختلف العواصم والمدن الأميركية والأوروبية، شاهدة على إبداعاتها في التصميم لمشاريع عملاقة بروح العصر، وبتقنيات متطورة، تفوقت فيها على أترابها، ونالت عليها عدة جوائز عالمية.
وكان «المول الأبيض» في أسواق بيروت، واحد من آخر أعمال زها حديد التي توفيت عام ٢٠١٦، بعد تنفيذ مشاريع خارقة في عالم الهندسة، يُدرّس العديد منها في الكليات والمعاهد الهندسية في أكبر جامعات العالم.
لا أريد أن يُفهم كلامي من منظور التعصب الجندري لبنات حواء، في بلد كان سباقاً في الإعتراف بحقوق المرأة، وتكريس معاملتها كمواطنة متساوية في المسؤوليات والواجبات مع الرجل. كما كانت اللبنانية في طليعة نساء العرب اللواتي مارسن حقوقهن في الإنتخابات النيابية والنقابية، ترشيحَا وإقتراعاً، رغم محدودية الوجود النسائي في البرلمان وفي الحكومة.
فهل يأتي زمن تتخلى فيه الذكورية المفرطة عن قبضتها في نقابة المهندسين؟
د. فاديا كيروز