بيروت - لبنان

29 نيسان 2020 08:22ص العصا الأمنية ليست الحل لجوع الناس...!

العصا الأمنية ليست الحل لجوع الناس...! العصا الأمنية ليست الحل لجوع الناس...!
حجم الخط
العصا الأمنية ليست هي العلاج المناسب لحالة الغضب المتفجر في مختلف المناطق اللبنانية، والذي يهدد بالإنزلاق إلى العنف، وإشعال نار الثورة العارمة، على نحو ما جرى في طرابلس في اليومين الماضيين.

 الناس خرجت إلى الشوارع ليس بدافع الرغبة بالتظاهر، ومهاجمة فروع المصارف، بل إستنكاراً لما وصلت إليه الحالة المعيشية من تردٍ وإنهيار، وغياب المعالجات الجدية من قبل الحكومة، والوزارات المعنية، وفي مقدمتها وزارة الإقتصاد، التي تركت الغلاء الفاحش يفلت على غاربه، دون أن تُبادر إلى التصدي لجشع التجار والمتلاعبين بلقمة عيش الناس، دون وازع من ضمير، أو رادع من رقيب في حماية المستهلك وحسيب من القضاء.

 هرب أهل الحكم وكبار المسؤولين من مواجهة نقمة الناس، ووضعوا الجيش وقوى الأمن بوجه الشعب الثائر ضد المنظومة السياسية الفاسدة، التي مازالت تُمعن في عمليات النهب والهدر، وتُهمل المطالب المحقة لأكثرية اللبنانيين المطالبين بحياة كريمة، وتليق ببني البشر، والخروج من جحيم العوز والفقر والفاقة، الذي حوّل حياة مئات الألوف من العائلات إلى مسلسل من الشقاء، والصراع المرير ضد الجوع، والحرمان من أبسط مكونات القوت اليومي.

 لا عذر للسلطة في التهرب من مسؤولياتها تجاه الشعب الجائع، بحجة التفرغ للتصدي لتداعيات جائحة الكورونا. معاناة الناس المريرة مع البطالة والأزمة المالية والنقدية، سبقت إنتشار الوباء اللعين، وتجسدت في إنتفاضة ١٧ تشرين التي أطلقت صرخة مدوّية ضد منظومة الفساد، وطالبت بمعاقبة الفاسدين ومصاصي دماء الشعب، ونجحت في إسقاط الحكومة، وإرباك أهل الحكم الذين باغت الحراك الوطني الشامل حساباتهم الطائفية والمناطقية، وكشف الحجم الرهيب لعجز السلطة عن التصدي للأزمة الإقتصادية، التي سرعان ما تحولت إلى مجموعة من الأزمات المالية والنقدية، دارت رحاها في طواحين الإفلاس المدمر للنظام المصرفي، والعملة الوطنية.

 لم يعد لدى الناس ما تخسره بعد اليوم، بعدما فقدت ودائعها في المصارف، وإرتفعت معدلات البطالة، ولم تعد تجد ما يسد رمق الأطفال والعائلات، فكان من الطبيعي أن تخرج إلى الشارع، غير عابئة بمخاطر الكورونا، بعدما تساوت مشاعر الموت من الجوع والفقر مع مخاوف الموت من الوباء الخبيث! فهل ثمة من يسمع صرخات الناس، بدل مواجهتهم بأهلهم من العسكر ورجال الأمن، فيما أهل الفساد على كراسيهم مرتاحين ؟