تظاهرة المستأجرين أمام بيت الوسط ، أمس، أكدت من جديد حالة الالتباس التي تحيط بقانون الإيجارات، الذي ما زال حبراً على ورق، بانتظار صدور المراسيم التنظيمية، التي ستحدّد آليات تطبيق هذا القانون الملتبس على الجميع: مستأجرين ومالكين!
الواقع أن العلاقة بين المالكين وقدامى المستأجرين تزداد تعقيداً، يوماً بعد يوم، بسبب الإشكالات المحيطة بحقوق كل طرف. فالمالكون يعتبرون قدامى المستأجرين بمثابة مستملكين لعقاراتهم بالإيجارات الرخيصة، حيث استطاعوا أن يُعلموا أولادهم، ويخرّجوا أجيالاً من بيوت يدفعون الفتات بدل إيجاراتها، وفي العديد من الحالات يتوارث الأولاد حقوق أهلهم في الإيجار القديم!
وبالمقابل، يُعرب المستأجرون عن تخوّفهم من إلقائهم في الشارع، بسبب عدم قدرتهم على توفير قيمة الإيجارات الجديدة من جهة، وعدم وجود سياسة إسكانية للدولة تساعد على إيجاد الحلول المناسبة لقدامى المستأجرين، وكثير منهم من ذوي الدخل المحدود، فضلاً عن أن العديد من العائلات فقدت معيلها الرئيسي، وأصبح المأجور بمثابة «سترة» للعائلة المترملة والأولاد اليتامى.
المشكلة أن المعالجات الرسمية لهذه المعضلة الاجتماعية تكمن في قصور الجهات الرسمية على إيجاد صيغة إبداعية، توفق بين مصالح الطرفين المظلومين، حيث يقتصر البحث منذ عقود من الزمن على فك الارتباط بين المالك والمستأجر، من دون التوصل إلى ما يؤمن مصلحة الطرفين معاً، حيث كانت القوانين تميل مرّة إلى جانب المستأجر، ومرّات إلى مصلحة المالك.
في حين أن التجارب الجديدة في الدول المتقدمة اعتمدت على تعزيز المصالح بين المستأجر والمالك، من خلال طرح صيغة مشاركة بين الطرفين، تعتمد على تقييم حقوق المستأجر بالخلو، وتحويل هذه الحقوق إلى مساهمة في مشروع المبنى الجديد، يتولى المستأجر تغطية الفارق بين سعر الشقة الجديدة وقيمة الخلو، إذا رغب بالسكن في الشقة الجديدة، أو من حقه أن يبيع مساهمته بالأسعار المتداولة في السوق.
وإلى أن تصل معالجات الدولة إلى هذا المستوى من الإبداع والفعالية، سيبقى المالكون والمستأجرون يتظاهرون في الشارع، من دون الوصول إلى الحلول الحاسمة!