بيروت - لبنان

اخر الأخبار

17 أيلول 2020 07:22ص المبادرة الفرنسية بين نارين..

حجم الخط
فجأة وبلا سابق إنذار، إنهالت النيران الحليفة و«الصديقة» على المبادرة الفرنسية، وعطلت فعاليتها، وأصابت محركاتها بعطب فوري، أدى إلى تعثر ولادة الحكومة العتيدة، وتعقيد مهمة الرئيس المكلف، وتهديد الرهانات على خطوات مهمة على طريق الاصلاح والإنفراج.

 النيران الحليفة جاءت من الولايات المتحدة، رغم كل المواقف المعلنة بتأييد جهود الرئيس الفرنسي في لبنان، والرصاصات الأولى تمثلت في قرار فرض العقوبات على الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس، خلال ذروة المساعي الناشطة لتأليف الحكومة الجديدة، والتي كانت قد قطعت شوطاً كبيراً على درب التفاهم.

 وبخلاف التصريحات الأولية الصادرة عن الخارجية الأميركية، والموفدَيْن الأميركيَيْن اللذين زارا لبنان: دافيد هيل ودافيد شنكر، وأبلغا من إلتقوا بهما تشجيع المبادرة الفرنسية، جاء كلام وزير الخارجية الأميركية الأخير لينسف كل عبارات الود والتأييد للجهود الفرنسية، بل ليوجه إنتقادات مباشرة للرئيس الفرنسي لتمييزه بين الجسم السياسي لحزب الله والجناح العسكري، وتعامله المباشر مع رئيس الكتلة النيابية للحزب، وإستخدام وسائل إعلام فرنسية كمنصات لقصف أداء سيد الأليزيه في لبنان!

النيران « الصديقة» جاءت من الثنائي الشيعي، الذي غامر الرئيس الفرنسي بفتح أوسع العلاقات معه، وساهم في تكريس الإعتراف بالشرعية الشعبية والنيابية للحزب، مقابل تعهد الثنائي بدعم المبادرة الفرنسية، وتسهيل تأليف الحكومة اللبنانية من إختصاصيين، وخالية من مشاركة السياسيين.

 تقدمت تسهيلات الثنائي الشيعي خطوات على درب التأليف، ولكن تغيير الجانب الأميركي موقفه بين ليلة وضحاها، دفع الثنائي لإعادة حساباته من المبادرة وتسهيلاتها، والعودة إلى التمسك بحقيبة المالية!

بين إنقلاب الحليف، وتراجع الصديق، وقعت المبادرة الفرنسية في أسر الصراعات اللبنانية الداخلية، وتشابك المصالح والضغوطات الخارجية، وتكاد تصبح عبئاً على سيد الأليزيه، والسياسة الخارجية الفرنسية خاصة، التي تحارب على عدة جبهات دفعة واحدة، للحفاظ على دورها ومصالحها في منطقة المتوسط، من ليبيا غرباً إلى قبرص واليونان شرقاً.

تعثر فرنسا في لبنان يُضعف موقفها في المتوسط، وقد يؤدي إلى خسارتها المعركة الحالية مع تركيا..، ولكن تضييع لبنان هذه الفرصة الفرنسية الذهبية للإنقاذ قد يؤدي إلى ضياع البلد، وإنهيار ما تبقى من معالم الدولة !