بيروت - لبنان

اخر الأخبار

26 أيلول 2023 12:05ص المساعي القطرية تستحق الرهان..

حجم الخط
بعيداً عن حسابات التفاؤل والتشاؤم، لا بد من الإعتراف بأن المساعي التي يقوم بها الموفد القطري جاسم فهد آل ثاني مع الأطراف اللبنانية، تتميز بالجدّية، وهي أكثر إحترافية، من الإتصالات التي كان يقوم بها الموفد الفرنسي جان إيف لودريان طوال الأشهر الماضية. 
أولى مظاهر هذه الجدّية بدت بهذا الإصرار على الإبتعاد عن الأضواء، والحرص على إحاطة لقاءاته ومباحثاته بستار من التكتم، وتجنب عرض العضلات الدبلوماسية الفارغة، التي كان يهواها وزير الخارجية الفرنسي السابق، والتي، ربما، كانت أحد أسباب إخفاقاته المتكررة في جولاته المتتالية بين الفرقاء اللبنانيين. 
أما حرفيّة الحراك القطري فتجلّت بوضوح المبادئ التي يطرحها «أبوفهد»، وتُجسد المواصفات التي حددتها بيانات الخماسية، وقبلها البيان الثلاثي الأميركي، السعودي، الفرنسي، الصادر في نيويورك قبيل إنتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، والتي شددت على أن الرئيس العتيد يجب أن لا يشكل تحدياً لأحد، ولا يكون محسوباً على أي فريق سياسي، ووصوله إلى رئاسة الجمهورية ليس إنتصاراً لطرف، ولا إنكساراً لأطراف أخرى. 
ومؤشرات الأيام الأولى توحي وكأن الموفد القطري يتحرك في إطار سقف زمني محدد، وهو الأمر الذي نوقش في إجتماع الخماسية الأخير، على هامش جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وكان في صلب الإنتقادات الأميركية التي وُجّهت للموفد الفرنسي، الذي كان يكتفي بالقيام بجولة تلو الأخرى، دون الأخذ بعين الإعتبار أهمية العامل الزمني في إنجاز مهمته، سيّما وأن الوضع اللبناني يزداد تدهوراً مع كل تأخير في إنتخاب رئيس الجمهورية، فضلاً عن مخاطر التسليم بواقع الشغور الرئاسي على الدولة اللبنانية، التي تُعاني من الشلل، وتفكك المؤسسات الدستورية، في ظل حكومة تصريف الأعمال، وإنقسامها على نفسها، بسبب مقاطعة العديد من الوزراء لإجتماعاتها.
وفيما كانت المساعي الفرنسية أسيرة التحفظ الأميركي، وعدم حماسة أطراف أخرى في الخماسية، بسبب تفرد باريس بطرح مبادرات ومقترحات تتعارض مع مواصفات الرئيس المتفق عليها في إجتماعات باريس والدوحة، فإن المهمة القطرية تلقى تشجيعاً ودعماً من واشنطن، ودول أخرى في الخماسية، لأنها تلتزم ما يتم الإتفاق عليه في الإجتماعات الخماسية. 
لعله من المبكر التكهن بنجاح الجهود القطرية في إنهاء الشغور الرئاسي في تشرين المقبل، ولكن المحاولة الجدّية الراهنة تستحق الرهان على الفرج القريب.