قصّة اللبنانيين مع ولادة الحكومة تشبه حكاية الراعي والذئب، التي قرأناها في كتب القراءة العربية في الدراسة الإبتدائية، والتي كانت العِبرة منها أهمية الثقة والمصداقية.
خلاصة الحكاية أن الراعي أراد أن يختبر عواطف أهل الضيعة معه، فراح يصرخ مُستنجداً: الذئب جاء يفترس الغنم، فيهرع جيرانه لنجدته والدفاع عن غنمه. ويبدو أن المسألة أعجبته، فراح يكررها عدّة مرّات، وفي كل مرة يكتشف الجيران أن لا ذئب ولا مََن يحزنون... إلى أن حدث ذات ليلة أن الذئب هاجم فعلاً غنمه، فراح يصرخ كالعادة مُستنجداً بالجيران، ولكن هؤلاء لم يحضروا هذه المرّة، معتبرين أن الراعي يتلاعب بعواطفهم مثل كل مرّة! فكان أن افترس الذئب ما تيسّر له من غنم الراعي!
اللبنانيون أصبحوا مثل جيران الراعي، لم يعد الكلام عن قرب الولادة الحكومية يُقنعهم، بعدما سمعوا كثيراً مثل هذه الجرعات من التفاؤل، طوال الأشهر التسعة الماضية، وفي كل مرة كانت الخلافات والسجالات السياسية سرعان ما تبدّد مفاعيل التفاؤل قبل صياح الديك!
هذا الواقع المؤلم لا يعني أن اللبنانيين لا ينتظرون «حكومة العهد الأولى» بفارغ الصبر، ويراهنون أكثر فأكثر على تبدّل الأحوال إيجاباً، بمجرد إعلان مراسم التأليف، ولو على المستوى النفسي على الأقل، ولكن المشكلة أنهم يسمعون تصريحات تذليل العُقد، واقتراب ساعة الولادة القيصرية، ثم يُصدمون بظهور عُقدٍ وعقبات جديدة، تُعيد النقاش الحكومي إلى المربع الأول!
آخر موجة تفاؤل ظهرت بداية هذا الأسبوع، والتوقعات الجديدة تُبشّر بولادة الحكومة في الأيام القليلة المقبلة... وقبل مؤتمر وارسو الدولي ضد إيران!
فهل نرى حكومة جديدة قريباً، أم أننا أمام نسخة سياسية من حكاية الراعي والغنم ؟!