بيروت - لبنان

اخر الأخبار

30 نيسان 2020 08:57ص بين الحكومة والحاكم ضاعت مواقع القرار..

حجم الخط
معركة البيانات والسجالات بين رئيس الحكومة وحاكم مصرف لبنان لا تهم اللبنانيين، لأنها لا تُطعمهم خبزاً، ولا توفر إستقراراً، ولا تعيد قرشاً من أموالهم المحتجزة في المصارف، ولا تُطمئنهم عن مصير جنى أعمارهم. 

الشرح المسهب الذي قدمه رياض سلامة عن عمل المركزي وآليات القرارات وحيثياتها في السنوات الأخيرة، لا يعني الأكثرية الساحقة من اللبنانيين القلقين على مصيرهم ومستقبل أولادهم، في ظل أعتى أزمة تجتاح البلد في تاريخه الإستقلالي، والمنتظرين من «حكومة الإنقاذ» وضع الخطة المناسبة لوقف هذا الإنحدار المخيف، والذين يتطلعون إلى دور المركزي في لجم صعود الدولار، والعمل على الحد من التلاعب بأسعار العملة الوطنية، على النحو الذي كانت تمارسه الميليشيات إبان الحرب البغيضة. 

الحكومة التي تبلغ غداً المئة يوم دون أن تتخذ قراراً واحداً على مستوى التصدي للأزمات الراهنة، تكون قد أهدرت فترة السماح التي طلبها رئيسها غداة تأليفها، وتعهد فيها بإتخاذ الخطوات الناجعة لتخفيف معاناة الناس المعيشية، ووقف التدهور الإقتصادي والمالي، وضاع الوقت في مسلسل إجتماعات الوزراء والمستشارين الذي لا ينتهي، ولا يتوصل إلى إعلان النتائج المرجوة، فضلاً عن إستهلاك الإقتراحات والأفكارالمطروحة، داخلياً وخارجياً، دون إتخاذ القرارات الملائمة بشأنها. 

والحاكم الذي بنى رصيداً محترماً طوال أكثر من ربع قرن، وذاع صيته في المنطقة وفي العالم، كواحد من أكثر الحكام المصرفيين تميزاً، تحول فجأة إلى متهم بالتقصير تارة، وبالتواطؤ مرات أخرى، الأمر الذي أدى إلى تعطيل موقع القرار في المؤسسة الأم للنقد اللبناني، وبالتالي إشاعة الفوضى الحالية في سوق الصرف، الذي بات يتماوج بين عدة تسعيرات، فضلاً عن فقدان التنسيق الفاعل مع المصارف، التي تفرد كل واحد منها بإتخاذ الإجراءات التي تناسبه في التعاطي مع المودعين، دون مراعاة لأحكام القوانين التي تُنظم العلاقة بين البنوك وأصحاب الودائع. 

وفي خضم هذه المعركة بين الحكومة والحاكم، يدفع المواطن العادي الأثمان الغالية من أمنه اليومي، ولقمة عيشه التي إلتهمها الغلاء الفاحش، ومن مستقبل أولاده الذي أصبح في مهب الإنهيارات الراهنة.

ولا داعٍي للقول بأن هذه المواجهة بين الحكومة والحاكم تُجسد حالة الترهل والإهتراء والضياع التي تهيمن على مواقع القرار في الدولة العلية!