بيروت - لبنان

اخر الأخبار

6 كانون الأول 2023 12:07ص بين النصيحة الفرنسية و طلائع حماس..

حجم الخط
بين زيارة رئيس المخابرات الفرنسية برنارد إيميه السريعة لبيروت، والبيان المفاجئ لحركة «حماس»، بدعوة الشباب والرجال الفلسطينيين في لبنان الإنخراط في «طلائع طوفان الأقصى»، تبرز حالة الهريان التي تضرب الدولة اللبنانية، وتداعياتها على هذا الفراغ الصاعق في السلطة، والذي يشكل بالنسبة للاخرين حافزاً للتمدد على الأراضي اللبنانية، وتنفيذ ما يناسبها من أجندات، لا مصلحة للوطن المنكوب فيها، بل تتسبب له من الأضرار، ما قد يتجاوز أسوأ التوقعات. 
«الرسالة ــ النصيحة» الفرنسية واضحة ومختصرة: حافظوا على الهدوء على الحدود الجنوبية، وحاذروا الإنزلاق إلى نيران الحرب الدائرة في غزة، حفاظاً على ما تبقى من مقومات دولتكم. 
مثل هذا الكلام ليس جديداً، ولكنه يأتي في إطار الدور الذي تحاول فيه باريس الحفاظ على ما أمكن منه في الشرق الأوسط، بعد النكسات المتلاحقة التي أصابت سياستها الخارجية، من البلدان الأفريقية الفرانكوفونية، إلى لبنان البلد الفرانكوفوني الوحيد في الشرق العربي.
لقد خفت وهج الحضور الفرنسي في المنطقة، إثر التقارب السعودي ــ الإيراني في آذار الماضي، حيث فقدت باريس دور الوسيط بين العرب وإيران، بعدما أصبح الحوار مباشراً بين الرياض وطهران. ثم جاء سقوط مبادرة الأليزيه للخروج من أزمة الفراغ الرئاسي في لبنان، من خلال تسوية «سليمان فرنجية ونواف سلام»، رغم كل محاولات الإنعاش التي تولى بعضها الرئيس ماكرون شخصياً، لتزيد الإخفاقات الفرنسية تراكماً، بسبب التفرد الفرنسي غير المبرر بالخروج عن الإطار الذي رسمته اللجنة الخماسية، والقائم على عدم الخوض في أسماء المرشحين في السباق الرئاسي، والتركيز على المواصفات الواجب توفرها في الرئيس العتيد. 
فكان أن تحولت مهمة لودريان في زيارتيه الأخيرتين للبنان إلى مبعوث للجنة الخماسية، وليس موفداً رئاسياً فرنسياً، كما بدأ في بداية مهنته اللبنانية. 
أما بيان حركة حماس بدعوة الفلسطينيين للإنخراط في «طلائع طوفان الأقصى»، فقد كان متسرعاً، ومتفرداً عن بقية الحلفاء الداعمين لغزة ضد العدوان الهمجي على المدنيين في القطاع، الأمر الذي أثار ردود فعل رافضة شاملة، من مختلف الأطراف السياسية والحزبية، التي أكدت على عدم العودة إلى الوراء، وتكرار حالة الفلتان الأمني في زمن «فتح لاند»، وما جرته من ويلات على البلد، وعلى مناطق الجنوب والبقاع بالذات. 
البيان التوضيحي ليس كافياً لتطويق «نقزة» اللبنانيين، الذين يتابعون بكثير من الحذر والقلق إطلاق صواريخ حماس من الجنوب اللبناني، ويرفضون العودة إلى واقع التسيب على الحدود، فيما الجيش اللبناني يتحمل وزر مثل هذه الأعمال بأرواح ودماء جنوده، ويفاقم حركة النزوح من القرى الجنوبية. 
عودة الدولة إلى دورها الوطني، والإسراع في إنهاء الشغور الرئاسي، هما الأساس في حفظ ما تبقّى من أمن واستقرار في البلد.